الدكتور فاضل حسن شريف
قال الله سبحانه وتعالى عن تسؤهم "إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا ۖ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ۗ إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ" ﴿آل عمران 120﴾ تَسُؤْهُمْ: تَسُؤْ فعل، هُمْ ضمير، تسؤهم: تحزنهم، وإن تصبكم سيئة: كهزيمة وجدب، ومن عداوة هؤلاء أنكم أيها المؤمنون إن نزل بكم أمرٌ حسن مِن نصر وغنيمة ظهرت عليهم الكآبة والحزن، وإن وقع بكم مكروه من هزيمة أو نقص في الأموال والأنفس والثمرات فرحوا بذلك، وإن تصبروا على ما أصابكم، وتتقوا الله فيما أمركم به ونهاكم عنه، لا يضركم أذى مكرهم، والله بجميع ما يعمل هؤلاء الكفار من الفساد محيط، وسيجازيهم على ذلك، و "إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ ۖ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلَّوا وَّهُمْ فَرِحُونَ" ﴿التوبة 50﴾ إن يصبك أيها النبي سرور وغنيمة يحزن المنافقون، وإن يلحق بك مكروه من هزيمة أو شدة يقولوا: نحن أصحاب رأي وتدبير قد احتطنا لأنفسنا بتخلفنا عن محمد، وينصرفوا وهم مسرورون بما صنعوا وبما أصابك من السوء.
عن کتاب مجمع البيان في تفسير القرآن للشيخ الطبرسي: قوله تعالى "إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ" (ال عمران 120) أي تصبكم أيها المؤمنون نعمة من الله تعالى عليكم بها من ألفة أو اجتماع كلمة أو ظفر بالأعداء "تَسُؤْهُمْ" (ال عمران 120) أي تحزنهم "وَ إِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ" (ال عمران 120) أي محنة بإصابة العدو منكم لاختلاف الكلمة و ما يؤدي إليه من الفرقة «يَفْرَحُوا بِهََا» هذا قول الحسن و قتادة و الربيع و جماعة من المفسرين "وَ إِنْ تَصْبِرُوا" على أذاهم و على طاعة الله تعالى و طاعة رسوله و الجهاد في سبيله "وَتَتَّقُوا" الله بالامتناع عن معاصيه و فعل طاعته "لاََ يَضُرُّكُمْ" (ال عمران 120) أيها الموحدون "كَيْدُهُمْ" (ال عمران 120) أي مكر المنافقين و ما يحتالون به عليكم "شَيْئاً" (ال عمران 120) أي لا قليلا و لا كثيرا لأنه تعالى ينصركم و يدفع شرهم عنكم "إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ" (ال عمران 120) أي عالم بذلك من جميع جهاته مقتدر عليه لأن أصل المحيط بالشيء هو المطيف به من حواليه و ذلك من صفات الأجسام فلا يليق به سبحانه. "إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ" (التوبة 50) هذا خطاب من الله سبحانه للنبي صلى الله عليه وآله وسلم و معناه أن تلك نعمة من الله و فتح و غنيمة يحزن المنافقون "وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ" (التوبة 50) معناه و إن تصبك شدة و نكبة و آفة في النفس أو المال "يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنََا أَمْرَنََا مِنْ قَبْلُ" (التوبة 50) أي أخذنا حذرنا و احترزنا بالقعود من قبل هذه المصيبة عن مجاهد و معناه أخذنا أمرنا من مواضع الهلكة فسلمنا مما وقعوا فيه "وَ يَتَوَلَّوْا وَ هُمْ فَرِحُونَ" (التوبة 50) أي رجعوا إلى بيوتهم فرحين بما أصاب المؤمنين من الشدة "قُلْ" (التوبة 51) يا محمد لهم "لَنْ يُصِيبَنََا إِلاََّ مََا كَتَبَ اَللََّهُ لَنََا" (التوبة 51) أي كل ما يصيبنا من خير أو شر فهو ما كتبه الله في اللوح المحفوظ من أمرنا و ليس على ما تظنون و تتوهمون من إهمالنا من غير أن يرجع أمرنا إلى تدبير عن الحسن و قيل معناه لن يصيبنا في عاقبة أمرنا إلا ما كتب الله لنا في القرآن من النصر الذي وعدنا و أنا نظفر بالأعداء فتكون النصرة حسني لنا أو نقتل فتكون الشهادة حسني لنا أيضا أي فقد كتب الله لنا ما يصيبنا و علمنا ما لنا فيه من الحظ عن الزجاج و الجبائي "هُوَ مَوْلاََنََا" (التوبة 51) أي هو مالكنا و نحن عبيده و قيل هو ولينا و ناصرنا يحفظنا و يتولى حياطتنا و دفع الضرر عنا "وَ عَلَى اَللََّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ اَلْمُؤْمِنُونَ" (التوبة 51) هذا أمر من الله تعالى للمؤمنين بالتوكل عليه و الرضا بتدبيره و تقديره فليتوكل على الله المؤمنون.
جاء في معاني القرآن الكريم: سوأ السوء: كل ما يغم الإنسان من الأمور الدنيوية، والأخروية، ومن الأحوال النفسية، والبدنية، والخارجة، من فوات مال، وجاه، وفقد حميم، وقوله: "بيضاء من غير سوء" (طه 22)، أي: من غير آفة بها، وفسر بالبرص، وذلك بعض الآفات التي تعرض لليد. وقال: "إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين" (النحل 27).
جاء في کتاب تفسير غريب القرآن للمؤلف فخر الدين الطريحي النجفي: و "إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ" (ال عمران 120) أي غنيمة تسؤهم اي تسوء المنافقين. قوله تعالى "كل ذلك كان سيئه" (الاسراء 38) السيئة: الخصلة التي تسوء صاحبها عاقبتها، وسيئه بإضافة سئ إلى ضمير كل أي اثمه وذنبه، و "سوأة أخيه" (المائدة 34) فرج أخيه، و "ثلاث ليال سويا" (مريم 9) أي وأنت سوى من غير بأس ولا خرس، و "سئ بهم" (هود 77) (العنكبوت 33) فعل بهم السوء، و "سوء الحساب" (الرعد 20) (الرعد 23) أن يؤخذ العبد بخطاياه كلها لا يغفر له منها شئ، و "سوء الدار" (الرعد 20) (المؤمنون 52) النار تسوء داخلها، والسوء: مصدر الشر، وسوء الفعل قبحه، و "ليسوءا وجوهكم" (الاسراء 7) أي ليجعلوا وجوهكم تبدوا آثار المساءة والكآبة، و "كان عاقبة الذين أساؤا السوآي" (الروم 10) والسواى: يعني النار، كما أن عاقبة الذين "أحسنوا الحسنى" (يونس 26) والحسنى يعني الجنة "وإن تصبهم سيئة" (البقرة 77) (الاعراف 130) (الروم 36) (الشورى 48) يعني جدب "ويستعجلونك بالسيئة" (الرعد 7) أي العقوبة، وأصل السيئة: سيوءه فقلبت الواو ياء وأدغمت، و "مطر السوء" (الفرقان 40) الحجارة.
https://telegram.me/buratha