الدكتور فاضل حسن شريف
في الدر المنثور، أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والبخاري والترمذي والنسائي ونعيم بن حماد في الفتن وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن جابر بن عبد الله قال: لما نزلت هذه الآية "قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ" (الانعام 65) قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أعوذ بوجهك "أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ" (الانعام 65) قال: أعوذ بوجهك "أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ" (الانعام 65) قال: هذا أهون أو أيسر: أقول: وروي أيضا ما يقرب منه عن ابن مردويه عن جابر. قوله تعالى "ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ" (البقرة 2) روى الحاكم الحسكاني باسناده عن عبدالله بن عباس في قول الله عزّوجل "ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ" (البقرة 2) يعني لا شك فيه أنه من عند الله نزل "هُدًى" يعني بياناً ونوراً. "لِّلْمُتَّقِينَ" علي بن أبي طالب الذي لم يشرك بالله طرفة عين، اتقى الشرك وعبادة الأوثان واخلص لله العبادة، يبعث إلى الجنة بغير حساب هو وشيعته. روى علي بن إبراهيم باسناده عن أبي عبد الله عليه السّلام قال الكتاب علي عليه السّلام لا شك فيه "هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ" قال بيان لشيعتنا قوله: "الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ" (البقرة 3) قال مما علمناهم ينبئون ومما علمناهم من القرآن يتلون. و في تفسير الاية "وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ" (الشورى 30) عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام تفسيرا لهذه الآية: يطهر شيعتنا من ذنوبهم في الدنيا بما يبتليهم به من المحن حتى إذا وردوا القيامة، وافوا عليهم طاعاتهم وعباداتهم. وأن أعداء محمد وأعداءنا يجازيهم على طاعة تكون منهم في الدنيا وإن كان لا وزن لها لأنه لا إخلاص معها حتى إذا وافوا القيامة، حملت عليهم ذنوبهم وبغضهم لمحمد صلى الله عليه وآله وخيار أصحابه، فقذفوا لذلك في النار.
عن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى "وَ أَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَ مَغارِبَهَا الَّتِي بارَكْنا فِيها" (الاعراف 127) و يضيف "وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ" (القصص 6) أي جعلناهم حكاما بعد أن استضعفوا في الأرض. قال الله سبحانه وتعالى "وَ يَقُولُ الْإِنْسانُ أَ إِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (66) أَ وَ لا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ يَكُ شَيْئاً (67) فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَ الشَّياطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68) ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا (69) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلى بِها صِلِيًّا (70)" (مريم 66-70) الآيات الأولى على رأي جماعة من المفسّرين نزلت في شأن أبي بن خلف، أو الوليد بن المغيرة، حيث أخذوا قطعة من عظم منخور، ففتوه بأيديهم و نثروه في الهواء حتى تطايرت كل ذرة منه إلى جهة، و قالوا انظروا إلى محمّد الذي يظن أن اللّه يحيينا بعد موتنا و تلاشي عظامنا مثل هذا العظم إن هذا شيء غير ممكن أبدا. فنزلت هذه الآيات و أجابتهم، جوابا قاطعا، جوابا مفيدا و معلما لكل البشر، و في جميع القرون و الأعصار. و لما كانت الأولويات تلاحظ في تلك المحكمة العادلة، فإنّ الآية التالية تقول: "ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا" (مريم 69) و نبدأ بحسابهم أوّلا، فإنّهم عتوا عتوا نسوا معه كل مواهب اللّه الرحمان، و جنحوا إلى التمرد و العصيان و إظهار الوقاحة أمام ولي نعمتهم! أجل، إن هؤلاء أحق من الجميع بالجحيم. الشيعة في الأصل بمعنى الجماعة التي يتعاون أفرادها للقيام بعمل ما، و انتخاب هذا التعبير في الآية يمكن أن يكون إشارة إلى أن العتاة المردة و الضالين الكافرين كانوا يتعاونون في طريق الطغيان، و نحن سنحاسب هؤلاء أوّلا، لأنّهم أكثر تمردا و عصيانا من الجميع. قوله تعالى "وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى" (الليل 17) نعم، لقد روي عن الإمام الصادق عليه السّلام بأن "الأتقى" (الليل 17) شيعة علي و أتباعه، و "الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى" (الليل 18) هو أمير المؤمنين علي عليه السّلام، لكن الظاهر أنّ هذه الرّوايات لا تتحدث عن سبب النزول، بل هي من قبيل ذكر المصاديق الواضحة و البارزة.
جاء في الموسوعة الإلكترونية لمدرسة أهل البيت عليهم السلام التابعة للمجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام عن عقائد الشيعة في الامامة: الإمامة: تعد عقيدة الإمامة المحور الأساسي والمائز الرئيسي بين الشيعة وبين غيرهم من فرق المسلمين، حيث ذهبت الشيعة إلى الإعتقاد انطلاقاً من القرآن وأحاديث النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بأن الرسول صلى الله عليه وآله قد نصبه، وبما لا ريب فيه علي بن أبي طالب عليه السلام إماماً للمسلمين، وأنه صلى الله عليه وآله بلغ الأمر بإمامته إلى جميع المسلمين ومن بعده عليه السلام تكون الإمامة للمعصومين عليه السلام من أبنائه الأحد عشر من ولد فاطمة عليها السلام، وعلى جميع المسلمين الامتثال لأمرهم والتسليم بإمامتهم، وهم: علي ولي الله. الإمام علي بن أبي طالب أمير المؤمنين عليه السلام. الإمام الحسن بن علي المجتبى عليه السلام. الإمام الحسين بن علي سيد الشهداء عليه السلام. الإمام السجاد زين العابدين عليه السلام. الإمام محمد بن علي الباقرعليه السلام. الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام. الإمام موسی بن جعفر الكاظم عليه السلام. الإمام علي بن موسى الرضاعليه السلام. الإمام محمد بن علي الجوادعليه السلام. الإمام علي بن محمد الهادي عليه السلام. الإمام الحسن بن علي العسكري عليه السلام. الإمام المهدي الحجة ابن الحسن عجل الله تعالى فرجه. تعتقد الشيعة واستناداً إلى آية الإبتلاء أن مقام الإمامة والذي ناله كل من إبراهيم، ولوط، وإسحاق، ويعقوب، والنبي الأكرم صلی الله عليه وآله وسلم أرفع من مقام النبوة؛ وذلك لأنّ إبراهيم عليه السلام إنما حبي به في أخريات حياته، وقد كان قد حبّي من قبل بمقامي النبوة والخلة، وإنّه إنما نال مقام الإمامة بعد تجاوزه للاختبارات والابتلاءات الصعبة التي ابتلاه الله بها كالأمر بذبح ابنه إسماعيل. وقد ورد في الأحاديث الشريفة التأكيد على مقام الإمامة وأهميته، فقد روي عن النبي الأكرم صلی الله عليه وآله وسلم أنّه قال: (مَنْ ماتَ و لَمْ يعْرِفْ إمامَ زَمانِهِ، ماتَ ميتَةً جاهِليةً) ونظائره من الأحاديث التي تحمل نفس المضمون. عليه تكون الإمامة من الأركان الأساسية للدين الإسلامي الحنيف والتي من دونها يعيش الإنسان الجاهلية. ويستفاد من هذا الحديث أيضاً أن الجهل بالإمام مع حضوره يؤدي إلى ميتة الجاهلية، ولا يمكن تفسير الحديث بغير هذا المعنى لوضوح دلالته.
جاء في تفسير الكاشف لمحمد جواد مغنية عن من هم أولوا الأمر: وبالإجمال ان الشيعة والسنة يؤمنون معا بالعصمة كمبدأ وأيضا يتفق الشيعة وأكثر السنة، أو الكثير منهم على ان أولي المذكورين في الآية معصومون، وأيضا يتفقون على ان الدليل على عصمتهم ان اللَّه أوجب إطاعتهم، تماما كما أوجب إطاعة اللَّه والرسول، ولكن السنة والشيعة يختلفون في المراد من أولي الأمر المعصومين: هل هم أهل الحل والعقد أو هم أهل البيت عليهم السلام؟ قال السنة: هم أهل الحل والعقد. وقال الشيعة: هم أهل البيت، لأن العصمة منحة إلهية لا تعرف الا بالنص من اللَّه والرسول، وقد ثبت النص عنهما على عصمة أهل البيت، إذن يكون المراد بأولي الأمر أهل البيت دون غيرهم، وبتعبير ثان ان أولي الأمر في الآية معصومون لوجوب إطاعتهم، لأن من وجبت إطاعته فهو معصوم. فكرة العصمة لا تختص بالشيعة ولا بالسنة ، فالمسيحيون قالوا بعصمة البابا. وأيضا ثبتت عصمة أهل البيت بالنص، ولم تثبت عصمة غيرهم، ومن ثبتت عصمته فهو واجب الطاعة، فالنتيجة الحتمية ان أولي الأمر هم أهل البيت، وان أهل البيت هم أولو الأمر دون غيرهم. ومثل ذلك أن يقول لك قائل: استمع للناصح الأمين، ولا ناصح أمين الا زيد، فالنتيجة استمع لزيد. ومما استدل به الشيعة على عدم جواز الرجوع إلى أهل الحل والعقد في الأمور الدينية قوله تعالى "وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" (الاعراف 187). وقوله: "وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ" (المائدة 103). وقوله "وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ" (الزخرف 78). ومعنى هذا ان الحق لا يعرف بالناس قلَّوا أو كثروا، وانما تعرف الناس بالحق الذي يؤخذ من كتاب اللَّه، وسنة نبيه، وحكم العقل البديهي الذي لا يختلف فيه اثنان.
عن ظواهر مذهبية للسيد محمد سعيد الحكيم: السؤال: نرى كثيراً من شيعة أهل البيت أعزهم الله عندما يكتبون كتابة أو لوحة فيها اسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم واسم الإمام علي عليه السلام فإنهم يكملون ذلك بكتابة لفظ الجلالة، حتى باتت هذه الظاهرة تشكل ثالوثاً شيعياً محل طعن الآخرين، فنرجو من سماحتكم أن توضحوا لنا هل أن ذلك يشكل توهيناً للباري عزَّ وجل لأنه لا يقرن بأي مخلوق مهما كانت درجته أم ماذا؟ الجواب: ليست في الكتابة المذكورة توهين للذات المقدسة، لأن الكتابة المذكورة عبارة عن الانتماء لله، وإكمال هذا الانتماء بذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام، وكما لا يكون الاقتصار على ذكر الله تعالى والنبي صلى الله عليه وآله وسلم عند الآخرين يشكل ثنوياً مقدساً كثنوية المجوس، فإلحاق أمير المؤمنين عليه السلام بهما لا يشكل ثالوثاً مقدساً كثالوث النصارى. ولا توهين على الباري عزَّ وجل في إلحاق عبديه المقربين عنده عند ذكره تكريماً لمن كرمه هو عزَّ اسمه، ولذا تكرر في القرآن المجيد الأمر بإطاعة الله تعالى ورسوله في سياق واحد والمدح لمن يطيعهما . كما أمر الله سبحانه وتعالى بإطاعته هو ورسوله وأولي الأمر في سياق واحد فقال: "أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ" (النساء 59).
https://telegram.me/buratha