الدكتور فاضل حسن شريف
وردت كلمة روح ومشتقاتها في القرآن الكريم: بِرُوحِ، وَرُوحٌ، رَوْحِ، رُوحِي، بِالرُّوحِ، الرُّوحِ، رُوحَنَا، رُوحِهِ، رُوحًا، فَرَوْحٌ، وَالرُّوحُ. جاء في تفسير غريب القرآن لفخر الدين الطريحي النجفي: (روح) "فروح وريحان" (الواقعة 89)، و "فروح" (الواقعة 89) طيب نسيم، وال "ريحان" (الواقعة 89) رزق ومثله "العصف والريحان" (الرحمن 12) وقرأ "فروح" (الواقعة 89) (الواقعة 6) أي فحياة لا موت فيها، قال تعالى: "إنه لا ييئس من روح الله" (يوسف 87) أي من رحمته و "روح منه" (النساء 170) يعني عيسى عليه السلام روح الله عز وجل، أحياه الله فجعله روحا و "نفخت فيه من روحي" (الحجر 29) (ص 62) أضافها إلى نفسه لأنه اصطفاه على سائر الأرواح كما قال: لبيت من البيوت "بيتي" (البقرة 125) (الحج 26) (نوح 28) و "الروح" (النبأ 38) على ما قال المفسرون ملك عظيم من ملائكة الله تعالى له الف وجه في كل وجه الف لسان كل لسان يسبح الله عز وجل بسبعين الف لغة، لو سمعوه أهل الأرض لخرجت أرواحهم، لو سلط على السماوات والأرض لا تبلغهما من أحد شفتيه، وإذا ذكر الله تعالى خرج من فيه قطع من النور كأمثال الجبال العظام، موضع قدمية مسيرة سبعة آلاف سنة، له الف جناح يقوم وحده يوم القيامة، والملائكة وحدهم: وهو قوله تعالى: "يوم يقوم الروح والملائكة صفا" (النبأ 38) وعن مجاهد "الروح" (النبأ 38) خلق لا تراهم الملائكة، و "بالروح من أمره" (النحل 2) بالرحمة والوحي عن "أمره" (النحل 2) عن قتادة وقوله: "أوحينا إليك روحا من أمرنا" (الشورى 52) الروح هنا خلق من خلق الله تعالى أعظم من جبرائيل وميكائيل كان مع رسول اله يخبره ويسدده وهو مع الأئمة عليهم السلام، و "أيدهم بروح منه" (المجادلة 22) يعني الايمان.
عن أبي بصير عن أبي جعفر الباقر، أو أبي عبدالله الصادق عليهما السلام قال: سألته عن قوله تعالى "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ" (الاسراء 85) ما الروح ؟ قال (التي في الدواب والناس). قلت: ما هي؟ قال (هي من الملكوت من القدرة). قال الله تعالى "إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ * فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ" (يس 82-83). قوله تعالى "يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ" (النحل 2) روي عن الإمام الباقر عليه السلام في تفسير الآية قال (بالكتاب والنبوّة). قال الله سبحانه " يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ" (غافر 15).
الفرق بين الوفاة و الموت ان كل موت هو الوفاة "اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا" (الزمر 42) ولكن ليس كل وفاة تعني الموت مثل الغيبوبة و التخدير و النوم " وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى" (الزمر 42) فالاخرى توفت في المنام ولم تمت حتى ولو استمرت سنين مثل اهل الكهف "وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا" (الكهف 25)، وبتعبير اخر الوفاة خروج الروح ففي حالة الموت بدون رجعة الروح الى الجسد. وهنالك ايات اشارت الى الموت ولم تصرح به منها "وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى" (الضحى 4) و " كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ" (القصص 88) و "كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ" (الرحمن 26).
وعن تأملات في معاني الروح والنفس في القرآن الكريم للدكتور علي محمد الصلابي: إن الروح من المخلوقات العظيمة التي خلقها الله سبحانه وتعالى، وقد كرَّم الله الروح وأقنى عليها في القرآن الكريم في عدة مواضع، ووظائفها رفيعة، وأما النفس فغالب اتصالها بالبدن. تأتي كلمةُ الروح في القرآن على عِدّة أوجه: المعنى الأول: القرآن؛ كقوله تعالى: "وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقَيمٍ" (الشورى 52). المعنى الثاني: الوحي؛ كقوله تعالى: "رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ" (غافر 15). المعنى الثالث: جبريل: كقوله تعالى: "فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا" (مريم 17) "نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ" (الشعراء 193). المعنى الرابع: القوة والثبات والنصرة، التي يؤيد الله بها من شاء من عباده المؤمنين، كما قال تعالى"لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخر يُوَآدُّونَ مَنْ حاض اللَّهُ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ، أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ" (المجادلة 22). المعنى الخامس: المسيح ابن مريم، قال تعالى: "يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ" (النساء 171). المعنى السادس: حياة الإنسان، كقوله تعالى: "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً" (الاسراء 85) فهي الجزءُ الذي به تحصلُ الحياةُ، والتحرُّك، واستجلابُ المنافع، واستدفاعُ المضار. فالروحُ جسمٌ مخالِفٌ بالماهية لهـذا الجسم المحسوس، وهو: جسم نوراني علوي خفيف حي متحرك، ينفذ في جوهر الأعضاء، ويسري فيها سريان الماء في الورد، وسريان الدهن في الزيتون، والنار في الفحم.
https://telegram.me/buratha