الدكتور فاضل حسن شريف
قال الله تعالى عن مصدق ومشتقاتها "وَآمِنُوا بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ ۖ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ" ﴿البقرة 41﴾، و "وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ ۚ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ" ﴿البقرة 89﴾، و "وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَهُمْ ۗ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاءَ اللَّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ" ﴿البقرة 91﴾، و "قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ" ﴿البقرة 97﴾، و "وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ" ﴿البقرة 101﴾.
جاء في كتاب التشريع الإسلامي مناهجه و مقاصده للسيد محمد تقي المدرسي: من مصاديق الشراء وحقائقه الخارجية، الكفر بالرسول. فلأن احبار اليهود والنصارى لم يؤمنوا بالنبي، فقد اشتروا بآيات الله ثمناً قليلًا. قال الله تعالى: "وءامِنُوْا بِمَآ أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِايَاتِي ثَمَناً قَلِيلًا وإِيَّايَ فَاتَّقُونِ" (البقرة 41). ونستفيد من الاية الكريمة ما يلي: الف: ان الامتحان الصعب الذي يتعرض له العالم يأتيه من علمه، ومدى تحمله له، واداءه لمسؤوليته. فان من مسؤولية العلم. التصديق والايمان بمن يدعو اليه. فإذا كنت عالما وظهرت دعوة حق في الامة. فلا يسعك الا الشهادة بصدقها والاستباق الى الايمان بها. باء: لان الاحبار والعلماء يخشون عادة من منافسة غيرهم لهم، فانهم قد يكونون اول كافر به. (بينما المفروض ان يبادروا الى الايمان به. لانه حق وهم اعرف به. ولذلك يحذر القرآن اهل الكتاب (ولعل المراد منهم العلماء) من ان يكونوا اول كافر بالنبي صلى الله عليه وآله. وهكذا اليوم وكل يوم ترى البعض ممن اوتي العلم، اذا خشي على موقعه من دعوة حق او داعية به، بادر الى الكفر به حسدا من عند نفسه. جيم: ان العلماء يتعرضون لارهاب السلطات الطاغية ليكفروا بالحق، وعليهم الا يخشوا الا الله ولا يتقوا احداً سواه.
جاء عن مصاديق الزكاة وحكمها للشيخ عبدالله الجوادي الطبري الاملي: عن إسحاق بن المبارك قال: سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن صدقة الفطرة، أهي ممّا قال الله تعالى: "وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ" (البقرة 43) فقال: (نعم). عن اسحاق بن عمّار قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله: "وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ" (البقرة 43)، قال: (هي الفطرة التي افترض الله على المؤمنين). عن زرارة، قال: سألت أبا جعفر عليه السلام وليس عنده غير ابنه جعفر بن محمد عليه السلام عن زكاة الفطرة فقال: "يؤدّي الرجل عن نفسه وعياله، وعن رقيقه الذكر منهم والأنثى، والصغير منهم والكبير، صاعاً من تمر عن كلّ إنسان، أو نصف صاع من حنطة، وهي الزكاة التي فرضها الله على المؤمنين مع الصلاة، على الغني والفقير منهم، وهم جلَّ الناس، وأصحاب الأموال أجلّ الناس". قال: قلت: وعلى الفقير الذي يُتصدق عليه؟ قال: (نعم، يعطي ما يتصدق به عليه). عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (نزلت الزكاة وليس للناس الأموال، وإنما كانت الفطرة). (أعط الفطرة قبل الصلاة، وهو قول الله: "وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ" (البقرة 43) والذي يأخذ الفطرة عليه أن يؤدي عن نفسه وعن عياله، وإن لم يعطها حتى ينصرف من صلاته فلا تعد له فطرة). ما يُستفاد من الآية مدار البحث هو وجوب أصل الصلاة وأصل الزكاة على نحو الإطلاق. وكما أن أقسام الصلاة وشروطها وشطورها وآدابها وموانعها صارت معلومة من خلال بيان الرسول الأكرم صلى الله عليه واله وسلم وأهل بيته عليهم السلا)، فإن أقسام الزكاة وشروطها وموانع صحتها وقبولها قد بينت أيضاً في سنة المعصومين. لقد بينت زكاة الفطرة مع ما لها من خصوصيات فقهية في سنة أهل العصمة، ومن هنا فإن اندراجها تحت إطلاق الآية وانطباق الإطلاق المذكور على زكاة الفطرة يكون محرزاً، وإنَّ كونه حجة يصبح ثابتاً.
عن كتاب تفسير سورة الحمد للسيد محمد باقر الحكيم قدس سره: والتفسير على قسمين بلحاظ الشئ المفسر، وهما: أولا تفسير اللفظ: ويراد به بيان معنى اللفظ لغة. ثانيا - تفسير المعنى: ويراد به تحديد مصداقه الخارجي الذي ينطبق عليه. فنحن نقرأ في القرآن الكريم مثلا كلمات تصف الله سبحانه وتعالى بالحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والكلام كقوله تعالى: "الله لا إله إلا هو الحي القيوم" (البقرة 255)، و "أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ" (البقرة 75). ونواجه بالنسبة إلى هذه الكلمات وأمثالها بحثين، هما: الأول: البحث في مفاهيم هذه الكلمات من الناحية اللغوية وهذا هو التفسير اللفظي. الثاني: البحث في تعيين مصاديق هذه المفاهيم. فبالنسبة إلى الله تعالى، كيف يسمع؟ وبأي شئ؟ وكيف يعلم؟ وبالنسبة لأهل البيت، من هم هؤلاء؟ وهل المصداق هو زوجات النبي صلى الله عليه وآله؟ أم الخمسة محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام؟ وهذا هو تفسير المعنى الذي نقصده. أهمية التمييز بين التفسيرين: والتمييز بين تفسير اللفظ وتفسير المعنى مهم جدا لحل التناقض الظاهري الذي قد يبدو لبعض الأذهان بين حقيقتين في القرآن الكريم، وهما: الأولى: حقيقة كونه كتاب هداية لكل البشر، وما تفرضه هذه الحقيقة من كون القرآن ميسرا للفهم، متاحا لكل إنسان استخراج معانيه، لكي يستطيع أن يؤدي هدفه هذا. الثانية: هي وجود كثير من الموضوعات في القرآن لا يتيسر فهمها بسهولة، بل قد تستعصي على الذهن البشري ويتيه فيها لدقتها وابتعادها عن مجالات الحس والحياة الاعتيادية، هذه المواضع التي لم يكن بإمكان القرآن الكريم أن يتفادى الخوض فيها، لأنه كتاب دين يستهدف بصورة رئيسة ربط البشرية بالغيب وتنمية غريزة الإيمان لديها، ولا يتحقق ذلك إلا عن طريق طرح مثل هذه الموضوعات التي تنبه الإنسان إلى صلته بعالم أكبر من عالمه المنظور وإن كان غير قادر على الإحاطة بجميع أسراره وخصوصياته. وحل هذا التناقض الظاهري بين هاتين الحقيقتين يكون بالتمييز بين تفسير اللفظ وتفسير المعنى.
https://telegram.me/buratha