الدكتور فاضل حسن شريف
جاء عن مصاديق استبدال الادنى بالخير للشيخ عبدالله الجوادي الطبري الاملي: كتب الحسن البصري إلى الحسن بن علي عليه السلام: أمـا بعـد فـأنتم أهـل بيـت النبوة ومعدن الحكمة وإن الله عز وجل جعلكم الفلك الجارية في اللجج الغامرة يلجأ إليكم اللاجئ ويعتصم بحبلكم القالي من اقتدى بكم اهتدى ونجـا ومـن تخلف عنكم هلك وغوى وإنّي كتبت إليك عند الحيرة واختلاف الأمــة القدر فتفضي إلينا ما أفضاه الله إليكم أهل البيت فنأخذ به. فكتب إليه الحسن بن علي عليه السلام: (أما بعد فإنا أهل بيت كما ذكرت عند الله عزوجل وعند أوليائه. فأما عندك وعند أصحابك فلو كنا كما ذكرت ما تقدمتمونا ولا استبدلتم بنا غيرنا، ولعمري لقد ضرب الله مثلكم في كتابه حيث يقول: "قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ" (البقرة 61) هذا لأوليائك فيما سألوا ولكـــم فيما استبدلتم، ولولا ما أريد من الاحتجاج عليك وعـلـــى أصحابك مـا كتبت إليك بشيء مما نحن عليه، ولئن وصل كتابي إليك لتجدت الحجة عليك وعلى أصحابك مؤكدة، حيث يقول الله عزّ وجلَّ: "قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ" (يونس 35) فاتبع ما كتبت إليك في القدر فإنّه من لم يؤمن بالقدر خيره وشره فقد كفر، ومن حمل المعاصي على الله عز وجل فقد فجر، إن الله عز وجل لا يـطـاع بـــإكراه، ولا يُعصى بغلبة، ولا يهمل العباد من الملكة، ولكنّه المالك لما ملكهم، والقادر على ما أقدرهم، فإن أئتمروا بالطاعة لم يكن عنها صاداً مثبطاً، وإن ائتمروا بالمعصية فشاء أن يحول بينهم وبين ما ائتمروا به فعل، وإن لم يفعل فليس هو حملهم عليها ولا كلفهم إياها جبراً، بل تمكينه إياهم وإعذاره إليهم طرقهم ومكنهم فجعل لهم السبيل إلى أخذ ما أمرهم به وترك ما نهاهم عنه، ووضع التكليف عن أهل النقصان والزمانة. والسلام). إشارة: هذا الحديث ينطوي على معارف جمة يُعد طرح بعضها خارجا عن نطاق بحثنا الحالي، أما المقدار الذي يمكن الإشارة إليه فهو ما يلي: أ: إن ما يتعلق باستبدال الخسيس بالنفيس والداني بالعالي قد طبقـه محتوى الحديث المذكور بقطع النظر عن سنده على تقديم غير المعصوم على المعصوم والمفضول على الفاضل والأفضل؛ فإذا كان غير المعصوم بمنزلة الثوم والبصل وهما مما ينبت من الأرض فإن المعصوم هــو المن والسلوى اللذين ينزلان من سماء الولاية والكرامة. ب: الإمام المعصوم لم يذهب كما هو حال الكاتب إلـى مكتب ولا إلى مدرسة فهو مهتد بذاته من دون هداية هاد، ومتعلم بنفسه من دون تعليم معلم؛ وذلك لأنه المظهر التام للإله حيث إن تلك الذات الربوبية هي هكذا بالأصالة.
جاء في المناهج التفسيريّة في علوم القرآن للشيخ جعفر السبهاني: روى علي بن إبراهيم بسند صحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: وقرأت عند أبي عبد الله عليه السلام "كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ" (ال عمران 110) فقال أبو عبد الله عليه السلام خير أُمّة تقتلون أمير المؤمنين والحسن والحسين ابني علي عليهم السلام ؟ وأراد الإمام تنبيه القارئ على أن لا يغتر بإطلاق الآية ، بل يتدبّر ويقف على مصاديقها الواقعية، وانّ خير الأُمّة هم الأئمّة وهم الأُسوة، وأولياء الدين، والمخلصون من العلماء الأتقياء، لا كلّ الأُمّة بشهادة أنّ كثيراً منهم ارتكبوا أعمالاً إجرامية مشهودة. ويقرب من ذلك قوله سبحانه "وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا" (البقرة 143) فإنّ ظاهر الآية أنّ كلّ الأُمّة: هم الأُمّة الوسطى، والشعب الأمثل، مع أنّا نجد بين الأُمّة من لا تقبل شهادته على باقة بقل في الدنيا، فكيف تقبل شهادته في الآخرة على سائر الأُمم؟ وهذا يهدينا إلى أن نتأمل في الآية، ونقف على أنّ الاسناد إلى الكل مجاز بعلاقة كونها راجعة إلى أصفياء الأُمّة وكامليها. يقول الإمام الصادق عليهالسلام في هذا الشأن (فإن ظننت أنّ الله عنى بهذه الآية، جميع أهل القبلة من الموحّدين، أفترى أنّ من لا تجوز شهادته في الدنيا على صاع من تمر، يطلب الله شهادته يوم القيامة ويقبلها منه بحضرة الأُمم الماضية؟ كلا: لم يعن الله مثل هذا من خلقه).
جاء في كتاب دراسات في مناهج التفسير الصادر عن مركز نون للتأليف والترجمة: يعتبر (تفسير القرآن بالقرآن) منهجاً كلّياً يتضمّن تحته مصاديق وطرقاً فرعية متعدِّدة يستفيد منها المفسِّرون في التفسير، وإنّ معرفة هذه الطرق تساعد المفسِّر على تقديم تفسير جامع لآيات القرآن الكريم. ولكي تتوضّح صورة الاستدلال عند المفسِّر للقرآن بالقرآن، سوف نشير إلى أهمّ هذه الأنواع وأكثرها شيوعاً، مع الأمثلة والنماذج التوضيحية لهذا المنهج. توضيح الآيات المجملة بواسطة الآيات المبيّنة: وردت بعض الآيات في القرآن الكريم بصورة مختصرة ومجملة ، فيما جاء بيان هذا الموضوع بصورة مفصّلة في مكانٍ آخر. فالمجموعة الثانية من الآيات تُفسِّر الآيات الأولى. وقد لا يُفهم المعنى والمراد من الآيات المجملة دون الرجوع إلى الآيات المبيّنة ، وحينئذٍ لا يكون التفسير صحيحاً. "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ" (البقرة 185). وعند وضع الآيات الثلاث (البقرة 185) و (الدخان 3) و (القدر 1) معاً نستنتج أنّ القرآن نزل في ليلة القدر وهي ليلة مباركة من ليالي شهر رمضان. ومثل هذا التفسير الكامل لا يحصل بقراءة الآيات بصورة منفصلة ، بل لا بُدّ من ضمّ الآيات بعضها إلى بعضها الآخر.
عن كتاب مصباح الفقاهة للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: قوله تعالى: "وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ" (البقرة 188). ووجه الدلالة انه تعالى نهى عن الادلاء بالمال الى الحكام لابطال الحق واقامة الباطل حتى يأكلوا بذلك فريقا من اموال الناس بالاثم والعدوان، وهذا هو معنى الرشوة، وإذا حرم الاعطاء حرم الاخذ ايضا للملازمة بينهما. لا يقال: ان الاية انما نزلت في خصوص اموال اليتامي والوديعة والمال المتنازع فيه، وقد نهى الله تعالى فيها عن اعطاء مقدار من تلك الاموال للقضاة والحكام لاكل البقية بالاثم والعدوان، وعلى هذا فهي اجنبية عن الرشوة. فانه يقال: نعم قد فسرت الاية الشريفة بكل واحدة من الامور المذكورة، الا أن هذه التفاسير من قبيل بيان المصداق والقرآن لا يختص بطائفة ولا بمصداق بل يجري كجري الشمس والقمر، كما دلت عليه جملة من الروايات، وقد ذكرناها في مقدمة التفسير، على أن في مجمع البحرين عن الصحاح: ان قوله تعالى: "وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ" (البقرة 188)، يعني الرشوة.
جاء في شبكة النبأ المعلوماتية عن الطريق إلى فهم القرآن - الجزء الرابع للكاتب عبد الله اسكندر المالكي: ولو تأملنا أكثر في متفرقات القرآن الكريم نجد أن هناك بعض المفاهيم التي تختلف مصاديقها حسب المادة التي يتطرق إليها السياق، ومثالاً على ذلك فإن مفهوم الظن في اللسان العربي يعني العلم المتأرجح بين الشك واليقين وفي بعض المعاجم نجد أن الظن يطلق ويراد به اليقين مجازاً ولو تأملنا مورد الظن في الآيات القرآنية نجده يطلق في بعضها ويراد منه اليقين المطلق كما في قوله تعالى: "قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة" (البقرة 249). وكذا قوله: (الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون) (البقرة 46).
https://telegram.me/buratha