الدكتور فاضل حسن شريف
قال الامام الصادق عليه السلام (ان الله قد جعل في قلوب المؤمنين حرارة لحب الحسين) كما جاء في الاية "إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ" (ال عمران 68) لان اتباع الانبياء والاولياء الصالحين يعني السير على منهجهم، وما منهج الامام الحسين عليه السلام الا مصداق ليكون نبراس في قلب كل مؤمن ومؤمنة. القرآن يحوي عشرات الآيات التي تحوي على الحمد. ومن الحمد ان تذكر اشخاص لهم فضائل ومصداقهم الامام علي عليه السلام كما يقول الامام الصادق عليه السلام ذكرنا هو ذكر الله وبالعكس عند ذكر اعداء اهل البيت ومدحهم يعني ذكر الشيطان. وذكر علي عليه السلام هو ذكر محمد صلى الله عليه واله وسلم وذكر محمد هو ذكر الله تعالى "الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ" (ال عمران 191).
في خطبة الجمعة للشهيد السيد محمد محمد صادق الصدر: قبل يومين تقريبا مرت الذكرى السنوية لولادة الامام أمير المؤمنين عليه افضل الصلاة والسلام فلابد من التعرض الى بعض مناقبه وفضائله عليه السلام لنستلهم منها الهداية والعبرة والموعظة. وكيف نستطيع ان نتعرف عليه او نصل الى حقيقته، وإنما هذا في عداد المستحـيل وخاصة بعـد ان نسمـع الحديث المروي عـن النبـي صلى الله عليه واله (ما عرف الله إلا أنا وانت، وما عرفني الا الله وانت، وما عرفك إلا الله وأنا). وكذلك الحديث الآخر (يا علي انا وأنت ابوا هذه الامة). وكذلك حينما نسمع قوله تعالى "فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ" (ال عمران 61) ولم يكن مصداق لهذه الاية من الرجال الا علي عليه السلام، ولا من النساء الا فاطمة عليها السلام، ولا من الابناء الا الحسن والحسين عليهما السلام بأجماع علماء المسلمين واهل الحديث.
وعن عصمة أئمة أهل البيت عليهم السلام يقول الشيخ جلال الدين الصغير: أظهر البحث في امتداد العصمة بعد الرسول صلى الله عليه وآله ، وجود جملة من الآيات الكريمة التي تحدّثت عن عصمة التابع الرسالي، وما علينا إلا أن نلاحق هذه الآيات ومثيلاتها للعثور على مصداقها الاجتماعي، وقبل الدخول في تفاصيل ذلك لا بد وأن تستوقفنا الآية الكريمة: "الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلاَ تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ * فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ" (ال عمران 61-62) فهي وإن تحدّثت عن قصة المباهلة ، ولكن وجود كلمة "وَأَنْفُسَنَا" بعد جملة: "فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) وقبل جملة : "ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ" (ال عمران 62) يشير إلى طبيعة هذه النفس، فهي ليست النفس الرحمية فقط بالصورة التي جاءت عن بعض المفسّرين، فالكلمة جاءت ضمن سياق رسالي تام، فالمقدمة تتحدث عن الحق الرباني وتطالب بعدم الامتراء فيه، ثم تتحدّث عن العلم الرسالي الذي اختص بالرسول صلى الله عليه وآله، لتمرّ من بعده بالحديث عن إجراء ديني بحت هو المباهلة، ومن ثم لتختمه في البراءة من الكاذبين. وإذا لم تك هذه النفس نفس رحمية فحسب ، فما هي تتمتها يا ترى؟ ولو كانت ليست برحمية فقط فالمراد بكلمة : "أَبْنَاءَنَا" وكلمة: "وَنِسَاءَنَا" سيكون هو نفس المراد بتلك النفس حتماً.
جاء في كتاب التشريع الإسلامي مناهجه و مقاصده للسيد محمد تقي المدرسي: من مصاديق الصد عن سبيل الله الصد عن المسجد الحرام، فالذين يصدون عنه لهم عذاب أليم. ومن مصاديق الصد: "قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ" (آل عمران 99)، لا يجوز الصد عن سبيل الله بالوعيد والقوة، او الخداع والتزييف، كما فعل بعض اهل الكتاب، الاحبار والكفار من الاحبار والرهبان، ونستفيد من هذه البصيرة الحقائق التي نتلوها: الف/ لا يجوز منع احد بالقوة عن السفر الى الحج او الى المساجد والمراقد المباركة كما لا يجوز منع الناس من بناء المساجد والمدارس الدينية والمشاريع الخيرية واي صدقة باي اسم كان ذلك المنع، مثل ان يكون المنع بعذر ان صاحبه ليس من طائفتنا او لا يخضع لسلطتنا وولايتنا، كما تفعل بعض الحكومات فتمنع بناء المساجد إلّا في حدود سلطتها او تمنع اصحاب المذاهب المخالفة لهم من بناء مؤسساتهم الخاصة بهم (مساجد او مدارس او مستشفيات او ما اشبه). وهكذا ينبغي لمن سولت له نفسه منع احد من عمل خير ان تكون له حجة بالغة عند الله او يكف عن هذا العمل الذي يعتبر صدا عن سبيل الله. باء/ ولا يجوز كذلك اصدار فتاوى بمنع عمل خير لمجرد انه لا يتوافق واراء خاصة اعتقد بها صاحب الفتوى من دون برهان من عند الله تعالى، كما كان يفعل الاحبار والرهبان. فإذا نهى احد منهم عن بناء مسجد إلّا باذنه باعتباره عالماً، ولم تكن لديه حجة شرعية في هذا المنع فإنه صد عن سبيل الله تعالى. كما انه لو لم يكن لديه حجة كافية في منع صرف حقوق الله إلّا باذنه فإنه نوع من ابتغاء العوج، والصد عن سبيل الله تعالى. وباختصار ادخال المصالح الخاصة في أمر الدين، ومنع العمل الديني إلّا عبره قد يكون صداً عن سبيل الله. جيم/ ومن ذلك ان يؤسس احد جمعية او حزبا او يطرح ولاية ثم يمنع الناس من العمل في سبيل الله الا ضمن وضعه الخاص فإنه نوع من الصد عن سبيل الله.
https://telegram.me/buratha