الصفحة الإسلامية

اشارات السيد أبو القاسم الخوئي قدس سره عن القرآن الكريم من سورة المائدة (ح 44)


الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في كتاب التنقيح في شرح العروة الوثقى للمرجع الاعلى السيد ابو القاسم الخوئي قدس سره - الشيخ ميرزا علي الغروي: ممّا استدل به على صحة بيع الفضولي قوله عليه السلام في نكاح العبد بدون إذن سيده (إنّه لم يعص الله وإنّما عصى سيده فإذا أجاز جاز) وقد ركن إليه المحقق النائيني بدعوى أنّ المستفاد منه الكبرى الكلّية وهي أنّ سبب عدم نفوذ العقد إن لم يكن عصيان الله تعالى كالنكاح في العدّة بل كان عدم رضا السيد أو من هو بمنزلة السيد كالمالك ينفذ بلحوق الاجازة منه، والعصيان في بيع الفضولي ليس إلاّ عصيان المالك، فينفذ إذا أجاز. وفيه : أنّه إن استند عقد الفضولي إلى المالك بالاجازة اللاحقة، وشمله عموم "أَوْفُوا بِالْعُقُودِ" (المائدة 1) الذي هو خطاب إلى الملاّك، فلا حاجة إلى التمسك بهذه الرواية وأمثالها ، وإلاّ فلا يمكن الاستدلال بها أيضاً ، لأنّ غاية مفادها إنّما هي كفاية الرضا المتأخّر فيما إذا كان العقد بنفسه مستنداً إلى من يلزم الاستناد إليه، ولكنّه كان فاقداً لرضا من يعتبر رضاه فيه كما في مورد الرواية فنتعدّى إلى أمثاله كالتزويج ببنت أخي الزوجة أو بنت اُختها حيث اعتبر رضاها المتأخّر أو الاجازة المتأخّرة. وبعبارة اُخرى : غاية مفاد الرواية أنّ الاجازة المتأخّرة من السيد تكفي في حصول الرضا، لا أنّها تكفي في استناد العقد إلى من يلزم استناده إليه. وممّا استدلّ به على الصحة أيضاً: الأخبار الواردة في إباحة الخمس للشيعة وهي كثيرة: منها ما ورد في غنائم الحرب وشراء الجواري منها، فانّها إمّا ملك للامام عليه السلام بتمامها إذا لم يكن الحرب باذنه، وإمّا للامام فيها الخمس إذا كان الحرب باذنه، وعلى أي تقدير أباح الامام ذلك لشيعته لطيب ولادتهم. دخول الايقاعات في الفضولي مبني على كون صحة عقد الفضولي على القاعدة وعدمه. فان قلنا بأنّ صحّته على القاعدة بمقتضى عموم "أَوْفُوا بِالْعُقُودِ" (المائدة 1) وهي العهود كما هو الصحيح ، فلا محالة لابدّ وأن يكون إخراج الايقاعات عنها بالدليل ، ولم يقم دليل على ذلك سوى الاجماع المنقول في غاية المراد على بطلان الفضولي في الايقاعات. وفيه: أنّه قد ذكرنا في محلّه عدم حجّية نقل الاجماع خصوصاً إذا لم يكن متكرّراً ، فانّ الظاهر أنّ ناقل الاجماع في المقام منحصر بغاية المراد فانّه موهن لصحة النقل ، وعلى فرض حصول الاتّفاق فالظاهر أنّ مورده خصوص العتق والطلاق فلا يعمّ سائر الايقاعات كالابراء ونحوه. مضافاً إلى احتمال استنادهم إلى ما ورد في الطلاق من قوله صلّى الله عليه وآله (الطلاق بيد من أخذ بالساق) وقول الامام الصادق عليه السلام في العتق (لا عتق إلاّ في الملك) ولا دلالة لشيء من ذلك على اعتبار الاذن السابق، فانّه نظير ما ورد في البيع من أنّه (لا بيع إلاّ في ملك). وبالجملة: فبناء على صحّة الفضولي على القاعدة الظاهر صحة الايقاع الفضولي أيضاً حتى الطلاق والعتق ، وأمّا بناءً على كون صحّته على خلاف القاعدة بمقتضى النص، فالايقاعات وإن كانت خارجة لعدم ورود نص فيها، إلاّ أنّ لازم ذلك عدم صحّة الفضولي في جملة من العقود أيضاً كالهبة والاجارة، لاختصاص النص بالنكاح والبيع ، فالتعدّي لا وجه له. وأمّا الأمر الثاني: فظاهر المصنّف صحة العقد الفضولي إذا كان مقترناً مع رضا المالك وطيب نفسه وعدم احتياجه إلى لحوق الاجازة، واستدلّ عليه بوجوه: عموم قوله تعالى "أَوْفُوا بِالْعُقُودِ" (المائدة 1). قول الامام الصادق عليه السلام (لا يحل مال امرئ مسلم إلاّ عن طيب نفسه) فانّ الرضا وطيب النفس موجود على الفرض. رواية عروة البارقي، فانّ انشاء العقد على مال الغير بدون إذنه وإن لم يكن ممنوعاً منه إلاّ أنّ قبضه وإقباضه لا يحل بدون الرضا المقارن وإلاّ فيكون حراماً ، وتقريره صلّى الله عليه وآله وسلّم لفعل عروة يدل على كفاية الرضا المقارن. الخامس: ما ورد في نكاح العبد وسكوت مولاه وهكذا ما ورد في سكوت البكر وانّه رضا منها.

جاء في كتاب البيان في تفسير القرآن للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: مناقشة ادعاء نسخ آية: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ" (النساء 43). فقد ذهب أكثر العلماء إلى أنها منسوخة ولكن وقع الكلام في ناسخها فعن قتادة ومجاهد أنها منسوخة بتحريم الخمر. وحكي هذا القول عن الحسن أيضا، وعن ابن عباس أنها منسوخة بقوله تعالى: "إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ" (المائدة 6). وكلا هذين القولين ظاهر الفساد: أما القول الاول: فلان الاية الكريمة لا دلالة فيها على جواز شرب الخمر بوجه، وإن فرض أن تحريم الخمر لم يكن في زمان نزول الاية، فالاية لا تعرض لها لحكم الخمر رخصة أو تحريما. على أن هذا مجرد فرض لا وقوع له. فكان منادي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أقام الصلاة نادى: لا يقربن الصلاة سكران، فدعي عمر فقرئت عليه، فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا، فنزلت الاية التي في المائدة فدعي عمر فقرئت عليه، فلما بلغ: "فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ" (المائدة 91). قال: فقال عمر: انتهينا انتهينا. وأخرج النسائي أيضا هذا الحديث باختلاف يسير في ألفاظه. وأما القول الثاني: فلان وجوب الوضوء عند القيام إلى الصلاة لا مساس له بمضمون الاية الكريمة ليكون ناسخا لها.

جاء في كتاب الاجتهاد والتقليد للسيد ابو القاسم الخوئي: يقال: إذا لست بطبيب فراجع الطبيب في العلاج. فان المتفاهم العرفي من مثله أن الغاية من الامر بالمراجعة انما هو العمل على طبق قول الطبيب لا أن الغاية صيرورة المريض طبيبا وعالما بالعلاج حتى يعمل على طبق علمه ونظره فقوله: راجع الطبيب، معناه راجعه لتعمل على نظره لا لتكون طبيبا وتعمل بعلمك. إذا معنى الآية المباركة: أنه إذا لستم بعالمين فسألوا أهل الذكر للعمل على طبق قولهم وجوابهم، فلا مناقشة في دلالة الآية المباركة من هذه الجهة. وقد يتوهم: أن تفسير أهل الذكر في الاخبار باهل الكتاب أو الائمة عليهم السلام ينافي الاستدلال بها على جواز التقليد ورجوع الجاهل إلى العالم والفقيه في الاحكام. ويندفع: بأن ورود آية في مورد لا يقتضى اختصاصها بذلك المورد. والآية المباركة قد تضمنت كبرى كلية قد تنطبق على أهل الكتاب وقد تنطبق على الائمة عليهم السلام وقد تنطبق على العالم والفقيه وذلك حسبما تقتضيه المناسبات على اختلافها باختلاف المقامات فان المورد إذا كان من الاعتقاديات كالنبوة وما يرجع إلى صفات النبي ص فالمناسب السؤال عن علماء اهل الكتاب لعلمهم باثارها وعلاماتها، كما أن المورد لو كان من الاحكام الفرعية فالمناسب الرجوع فيه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو الائمة عليهم السلام، وعلى تقدير عدم التمكن من الوصول إليهم فالمناسب الرجوع إلى الفقهاء. وعلى الجملة تضمنت الآية المباركة كبرى رجوع الجاهل إلى العالم المنطبقة على كل من اهل الكتاب وغيرهم فالاستدلال بها من تلك الناحية أيضا مما لا خدشة فيه هذا. ولكن الصحيح أن الآية المباركة لا يمكن الاستدلال بها على جواز التقليد وذلك لان موردها ينافي القبول التعبدى حيث أن موردها من الاصول الاعتقادية بقرينة الآية السابقة عليها وهي: وما أرسلنا قبلك الا رجالا نوحي إليهم فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون. وهو رد لا ستغرابهم تخصيصه سبحانه رجلا بالنبوة من بينهم فموردها النبوة ويعتبر فيها العلم والمعرفة ولا يكفى فيها مجرد السؤال من دون أن يحصل به الاذعان فلا مجال للاستدلال بها على قبول فتوى الفقيه تعبدا من دون أن يحصل منها العلم بالمسألة. الايات الناهية عن التقليد ثم إن هناك آيات وردت في النهى عن التقليد وذمه كقوله عزمن قائل: قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ" المائدة 104).

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك