الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في كتاب علوم القرآن عن القصص القرآنية للسيد محمد باقر الحكيم: دراسة قصة موسى عليه السلام: الآيات التي جاءت في سورة النمل والتي تبدأ بقوله تعالى: "إِذْ قَالَ مُوسَى لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ" (النمل 7) والتي تختم بقوله تعالى: "وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ" (النمل 14). ويلاحظ في هذا المقطع القصير الذي يتحدث عن القصة بشكل عام الأمور التالية: الأول: أن القصة جاءت في سياق التحدث عن الكافرين بالآخرة وما سوف يلاقون من عذاب، وعن واقع نزول القرآن وتلقيه: (ان الذين لا يؤمنون بالآخرة زينا لهم أعمالهم فهم يعمهون * أولئك الذين لهم سوء العذاب وهم في الآخرة هم الأخسرون * وانك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم) (النمل 4-6). الثاني: أن هذا المقطع يختم بقوله تعالى: "وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ" (النمل 14). الثالث: أن المقطع على اختصاره يكاد يختص بذكر الحوادث والآيات الغيبية، فهو يذكر المناداة ومعجزة العصا واليد، ويشير إلى الآيات التسع. وهذه الملاحظة تدعونا لان نستنتج: أن القصة سيقت لاظهار حقيقة من الحقائق التي ترتبط بالجانب النفسي للمجتمع الذي يواجه دعوة جديدة، وهذه الحقيقة هي أن نكران الآخرة وعدم الايمان بها انما يقوم على أساس نفسي وعاطفي لا على أساس موضوعي ودراسة علمية، هذا الشئ الذي عبر عنه القرآن الكريم بالجحود، وذلك لان الدراسة الموضوعية كانت تقتضي ان تنتهي الحالة بالناس إلى الايمان بالآخرة بعد أن أكدت الآيات والمعاجز ارتباط النبي بعالم الغيب، وهذه الآيات والمعاجز توفر عناصر اليقين عند الانسان العادي الذي يعيش وضعية عاطفية مستوية ومستقيمة ونتيجة لذلك وهو عدم الايمان بالرغم من توفر الأدلة والحجج ينزل العذاب بالكافرين بعد أن لم يستجيبوا للحقائق والأدلة. ولا يفوتنا ان ننبه هنا إلى نكتة دقيقة ولطيفة وشاهد يؤكد لنا أن القصة سيقت لهذا الغرض هو أن القرآن يصور لنا خوف موسى من العصا بالشكل الذي يدعوه إلى الهروب، وفي هذا تأكيد ان هذا التحول في حالة العصا كان نتيجة تدخل غيبي ولذا ترك أثره على موسى نفسه، لا أنه نتيجة عمل بشري قام به موسى، ولعل السر في تكرار القصة هنا هو السببان التاليان: الأول: أن المقطع جاء في عرض قصصي مشترك لتأكيد تفسير اسلامي لموقف المنكرين للقرآن والدعوة على أساس عدم كفاية الآيات والمعجزات لاثباتها وقد عرفنا في هذا التأكيد السبب الثاني للتكرار كما سبق. الثاني: أن القصة جاءت مختصرة في تصوير الموقف وهذا يدعونا لان نرى أنها وردت في مرحلة متقدمة من مراحل الدعوة حين كان يعالج القرآن مشاكلها بشكل مختصر، وهذا ما ذكرناه سببا ثالثا للتكرار.
وكذلك عن كتاب القصص القرآني للسيد محمد باقر الحكيم: بعثة موسى عليه السلام ورجوعه إلى مصر: وبعد أن قضى موسى الاجل (السنوات العشر) بينه وبين صهره سار بأهله فإذا به يشاهد نارا من جانب الطور الأيمن وهو جبل صغير، وقد كان بحاجة إليها. وبعد ذلك عصاه تتحول الى حية "فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ" (النمل 10). سنعيدها سيرتها الأولى. ثم قال له: "ادخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء" (النمل 12) ومرض، فأدخل يده وإذا بها تخرج بيضاء، ثم ردها فعادت كما كانت. وبعد ذلك أمره الله سبحانه أن يذهب بهاتين الآيتين المعجزتين إلى فرعون وقومه ليدعوهم إلى الله سبحانه، فخاف موسى من تحمل هذه المهمة.
جاء في موقع مؤسسة تراث الشهيد الحكيم عن مفهوم الامة في السياق القرآني للدكتور محمد جعفر العارضي: الأمَّة: جماعة تجتمع على أمر ما، من دين، او مكان ،او زمان. وردت لفظة (الأُمَّة) في القرآن الكريم في دلالتها الاجتماعية 56 مرة. وعلى الرغم من تعدد السياقات التي تحتوي هذه اللفظة، وكثرة تفريعاتها، ومن ثمَّ كثرة دلالاتها، الا إنَّنا نجد السيد محمد باقر الحكيم قدس سره قد أدار هذا التعدد السياقي وعالجه معالجة شاملة منتجة، فبدا ممهدا تارة، و مستنتجا تارة اخرى. فتناول مفهوم (الأُمَّة) بلحاظين هما: تناوله بلحاظ دلالته على البعد الاجتماعي المجرد، بمعنى دلالته على (مجرد الجماعة) البشرية (التي تربطها رابطة الاجتماع). ورد لفظ الامة في "وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ" (النمل 83)، وتناوله بلحاظ دلالته على البعد المعنوي و الفكري للجماعة البشرية.
https://telegram.me/buratha