الصفحة الإسلامية

اشارات الشهيد السيد محمد باقر الحكيم عن القرآن الكريم من سورة القصص (ح 72)


الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في كتاب علوم القرآن عن القصص القرآنية للسيد محمد باقر الحكيم: دراسة قصة موسى عليه السلام: الآيات التي جاءت في سورة القصص والتي تبدأ بقوله تعالى: "نتلو عليك من نبأ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون" (القصص 2) والتي تختم بقوله تعالى: "وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين" (القصص 42). ويلاحظ في هذا المقطع من القصة الأمور التالية: الأول: أن السورة تكاد تبدأ بالقصة دون ان يسبقها شئ عدا آيتين: هما قوله تعالى: "طسم * تلك آيات الكتاب المبين" (القصص 1-2). الثاني: أن القرآن الكريم يأتي في سياق القصة بعدها بقوله تعالى: "وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الامر وما كنت من الشاهدين *... وما كنت ثاويا في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا ولكنا كنا مرسلين * وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون" (القصص 44-46). الثالث: ان القصة تذكر تفاصيل وحوادث ذات طابع شخصي من حياة موسى عليه السلام تكاد تكون جانبيه، كحادثة القائه في اليم، واستنقاذ آل فرعون له، ورفضه للرضاعة من غير امه، وقتله الرجل ثم محاولته قتل الاخر وهروبه، ثم قضية زواجه مع تفاصيلها. الرابع: ان القصة تبدأ بذكر أحكام عامة عن الوضع الاجتماعي حينذاك والغاية المتوخاة من تغييره: "ان فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبنائهم ويستحي نساءهم انه كان من المفسدين * ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين * ونمكن لهم في الأرض ونرى فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون" (القصص 4-6). وعلى ضوء هذه الملاحظة يمكن أن نستنتج ان القصة استهدفت أمرين: الأول: ان القرآن الكريم كتاب منزل من الله سبحانه وتعالى وانه ليس من صنع محمد صلى الله عليه وآله، وهذا هو الهدف الرئيس من سرد القصة في هذا المورد كما يشير إلى ذلك الامر الأول والثاني وهو في نفس الوقت من الاهداف المهمة التي يؤكدها القرآن الكريم في مناسبات كثيرة لما له من تأثير في سير الدعوة. وبهذا يمكن أن نفسر ما أشرنا إليه في الامر الثالث، لان في الحديث عن تفاصيل جانبية من حياة الرسول دلالة قوية على ارتباط القرآن بعالم الغيب، حيث من المفروض أن لا يطلع على هذه التفاصيل جميع الناس لأنها تعيش حياة الرسول حين كان فردا عاديا في المجتمع، على خلاف تفاصيل حياته بعد النبوة فإنها بطبيعة الحال تكون معروفة للناس لتسليط الأضواء على شخصيته من قبلهم. الثاني: ايضاح أن عملية التغيير الاجتماعي قد تتم حتى في أبعد الظروف ملاءمة واحتمالا، وفي ظل أشد ظروف الظلم والاضطهاد والطغيان، بحيث تبدأ عملية التغيير من نقطة هي في منتهى البعد والضعف نسبة لهذه العملية وذلك نتيجة للايمان الواعي بالله وما يستلزمه ذلك من الاصرار والصبر على تبني العقيدة والنضال من أجلها. ولذلك نجد القصة في هذا الموضع تؤكد ملامح الاضطهاد الذي كان يعانيه المجتمع بشكل عام والإسرائيليون بشكل خاص، كما تؤكد الوضع القاسي الذي كان يعيشه شخص الرسول في كونه منذ البداية في معرض خطر الموت والهلاك، ثم مطاردا من المجتمع بتهمة القتل العدواني، ثم مهاجرا وبعيدا عن المواقع الطبيعية لحركة التغيير. وفي هذين الهدفين ما يبرر التكرار الذي يمكن أن يكون بالسبب الأول أو الثاني من أسباب التكرار.

جاء في موقع شبكة فجر الثقافية عن الاختلاف والوحدة في نظر القرآن الكريم (2) للسيد محمد باقر الحكيم: الاختلاف بسبب الفساد في الأرض: وفي تطور آخر إلى جانب الاختلاف العقائدي بدأ سبب آخر للاختلاف ينطلق من الهوى أيضاً، وهو: الاختلاف بسبب الجهل والطغيان، وتحول بعض الممارسات السلوكية إلى عادات ثابتة، أو تقاليد مقدسة لوراثتها عن الآباء والأجداد، وبفعل الاجتهادات والتغيرات القائمة على الهوى والأغراض الشخصية أو الظنون والأوهام، الأمر الذي أدى إلى انقسام الناس إلى جماعات متعصبة وأحزاب متفرقة يقتل بعضهم البعض الآخر ويشرده من دياره، أو يستعبده ويستغله من أجل مصالحه وحاجاته وإرضاء لرغباته وشهواته. "إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ" (القصص 4). وهناك المئات من الآيات الكريمة التي تناولت معالم الفساد والانحراف في العقائد والسلوك والاجتهادات، وتحدثت عن مفردات الهوى وزخارف الدنيا وآثارها في الحياة الإنسانية.

جاء في كتاب علوم القرآن عن مفاهيم حول الاستخلاف للسيد محمد باقر الحكيم: مفاهيم حول الاستخلاف: خطيئة آدم: والسؤال الاخر هو عن خطيئة آدم وغوايته وعصيانه. حيث دلت بعض الروايات على أن آدم كان نبيا، وان لم يذكر ذلك في القرآن الكريم، والأنبياء معصومون من الذنب والزلل والغواية منذ بداية حياتهم. ومع غض النظر عن الشك والمناقشة في صحة هذه الفرضيات (فرضية أن يكون آدم نبيا) و (فرضية أن يكون الأنبياء معصومين من الذنب منذ بداية حياتهم)، يمكن أن نفسر جدية هذه المخالفة والعصيان على أساس اتجاهين: الاتجاه الأول: أن يكون النهي الإلهي هنا هو نهي (ارشادي) أريد منه الارشاد إلى المفاسد الموجودة في أكل الشجرة وليس نهيا (مولويا) يراد منه التحريك والطلب الجدية والمعصية المستحيلة على الأنبياء والتي توجب العقاب هي في الأوامر المولوية وليست الارشادية. الاتجاه الثاني: أن يكون النهي الإلهي هنا نهيا مولويا كما هو الظاهر وحينئذ فيفترض بأن الأنبياء معصومون من الذنوب المتعلقة بالأوامر والنواهي التي يشتركون فيها مع الناس، وأما الأوامر والنواهي الخاصة بهم فلا يمتنع عليهم صدور الذنب بعصيانها وليسوا معصومين تجاهها، وهذا النهي الذي صدر لادم انما هو خاص به، ولذا لم يحرم على ذريته من بعده أكل الشجرة. ومن هنا نجد القرآن الكريم ينسب الظلم والذنب أحيانا لبعض الأنبياء باعتبار هذه الأوامر الخاصة، كما حصل لموسى عليه السلام: "قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" (القصص 16). مع أن قتل الفرعوني الظالم الكافر ليس ذنبا وحراما على الناس بشكل عام، وانما كان حراما على موسى لخصوصية في وضعه.

جاء في كتاب علوم القرآن عن القصص القرآنية للسيد محمد باقر الحكيم: اختصاص القصة بأنبياء الشرق الأوسط: وأما الظاهرة الثانية فمن الملاحظ ان القرآن الكريم تحدث عن مجموعة من الأنبياء يشتركون في خصوصية: أنهم يعيشون جميعا في منطقة الشرق الأوسط، أي المنطقة التي كان يتفاعل معها العرب الذين نزل القرآن في محيطهم ومجتمعهم. وقد تفسر هذه الظاهرة لأول وهلة بأن النبوات لما كانت بالأصل في هذه المنقطة ومن خلالها انتشر الهدى في جميع أنحاء العالم، حيث كانت البشرية تعيش في البداية بهذه المنطقة ولا يوجد في المناطق الأخرى نبوات وأنبياء، كما قد يفهم ذلك من خلال الاستعراض التأريخي للنبوات وتأريخ الانسان في التوراة، وحينئذ لا تعني هذه الخصوصية ظاهرة تحتاج إلى تفسير، بل هي قضية فرضتها الحقيقة التأريخية ويكفي في تفسيرها هذا الواقع التأريخي. الرسالات الإلهية لا تختص بمنطقة الشرق الأوسط: ولكن توجد شواهد في القرآن الكريم تنفي هذا التفسير لهذه الظاهرة، فالقرآن يشير في بعض آياته إلى أن هناك مجموعة أخرى من الأنبياء لم يتحدث عنهم، مع أن حياتهم لا بد وأنها كانت زاخرة بالاحداث شأنهم في ذلك شأن الأنبياء الآخرين. وجاء التعبير في بعض الآيات عن وجود الشهيد في كل أمة "وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ" (القصص 75).

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك