الدكتور فاضل حسن شريف
قال الله تعالى عن كلمة الوقت ومشتقاتها "وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ۚ وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ" ﴿الأعراف 142﴾ ميقات اسم، مِيقاتُ: الوقت المعين، فتم ميقات ربِّه: وقت وعده بكلامه إياه، وواعد الله سبحانه وتعالى موسى لمناجاة ربه ثلاثين ليلة، ثم زاده في الأجل بعد ذلك عشر ليال، فتمَّ ما وَقَّتَه الله لموسى لتكليمه أربعين ليلة، و "لَمَجْمُوعُونَ إِلَىٰ مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ" ﴿الواقعة 50﴾ لمجموعون إلى ميقات: لوقت، قل لهم أيها الرسول: إن الأولين والآخرين من بني آدم سيُجمَعون في يوم مؤقت بوقت محدد، وهو يوم القيامة، و "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ ۖ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ۗ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَن تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَـٰكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" ﴿البقرة 189﴾ مواقيت اسم، مواقيتُ للنَّاس: يعرفون بها أوقات العبادة، هي مواقيت: جمع ميقات، يسألك أصحابك أيها النبي: عن الأهلة وتغيُّر أحوالها، قل لهم: جعل اللهُ الأهلة علامات يعرف بها الناس أوقات عباداتهم المحددة بوقت مثل الصيام والحج، ومعاملاتهم. وليس الخير ما تعودتم عليه في الجاهلية وأول الإسلام من دخول البيوت من ظهورها حين تُحْرِمون بالحج أو العمرة، و "فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِكُمْ ۚ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ۚ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا" ﴿النساء 103﴾ موقوتا صفة، موقوتا: مفروضاً موجباً وّقَّته الله عليهم، أو مقدَّراً مدود الأوقات أو مؤقتاً من الوقت الذي هو مقدار من الزمان، كِتاباً مَوْقوتاً: فرضاً مؤقتاً بوقت معين، موْقوتا: أي مقدرا وقتها فلا تؤخر عنه، فإذا أدَّيتم الصلاة، فأديموا ذكر الله في جميع أحوالكم، فإذا زال الخوف فأدُّوا الصلاة كاملة، ولا تفرِّطوا فيها فإنها واجبة في أوقات معلومة في الشرع.
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: يوم فصل الحقّ عن الباطل، و فصل المجرمين عن المتّقين، و يوم المحكمة الإلهيّة الكبرى "هذا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ" (الصافات 51). و مثل هذه العبارات وردت في آيات اخرى من آيات القرآن الكريم، و التي تتناول يوم القيامة، و تعتبره يوم الفصل، و هي عبارات عجيبة و رهيبة؟ "إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ" (الدخان 40). الملاحظ، هو أنّ الكافرين يوم القيامة يطلقون على هذا اليوم اسم يوم الجزاء "يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ" (الصافات 20). فيما يطلق عليه الباري عزّ و جلّ في كتابه الحكيم اسم يوم الفصل "هذا يَوْمُ الْفَصْلِ" (الصافات 51). إنّ الاختلاف بين التعبيرين يمكن أن يكون لهذا السبب، و هو أنّ المجرمين لا يفكّرون إلّا بالجزاء و العقاب الذي سينالهم، و لكن اللّه سبحانه و تعالى يشير إلى معنى أوسع من الجزاء الذي يعدّ أحد أبعاد ذلك اليوم، إذ يعتبر ذلك اليوم هو يوم الفصل، نعم يوم فصل صفوف المجرمين عن المتّقين، كما جاء في الآية (59) من سورة يس "وَامْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ" (يس 59) فالأمر في ذلك اليوم موجّه إلى المجرمين أن انفصلوا عن المؤمنين، فهنا ليست دار الدنيا التي تجمع بين المجرمين و المتّقين. ثمّ أشار القرآن بعد ذلك إلى ما يجري في البعث، فيضيف: و في ذلك الوقت يتمّ تعيين وقت للأنبياء و الرسل ليأتوا إلى ساحة المحشر و يدلوا بشهادتهم: "وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ" (المرسلات 11) و هو كقوله: "فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَ لَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ" (الاعراف 6) (أقّتت) أصلها (وقّتت) من مادة (وقت) إذ أن الواو المضمومة بدلت إلى الهمزة، و يعني توقيت الوقت لرسل اللّه تعالى، و هذا واضح إذ لا يعين لهم وقت بل يتعيّن لعملهم، أي لشهادتهم على الأمم، و لذا قيل إن في الآية حذفا.
وعن التفسير الوسيط لمحمد سيد طنطاوي: قوله تعالى "وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ" (المرسلات 11) أى: بلغت وقتها الذي كانت تنتظره، وهو يوم القيامة، للقضاء بينهم وبين أقوامهم. فقوله: "أُقِّتَتْ" من التوقيت، وهو جعل الشيء منتهيا إلى وقته المحدد له. قال الآلوسى: قوله "وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ" (المرسلات 11) أى: بلغت ميقاتها. وجوز أن يكون المعنى: عين لها الوقت الذي تحضر فيه للشهادة على الأمم، وذلك عند مجيء يوم القيامة. وقوله "إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا" (النساء 103) تذييل المقصود به تأكيد ما قبله من الأمر بالمحافظة على الصلاة. أى: إن الصلاة كانت على المؤمنين فرضا محددا بأوقات لا يجوز مجاوزتها بل لا بد من أدائها في أوقاتها سفرا وحضرا، وأمنا وخوفا. والمراد بالكتاب هنا: المكتوب. وبالموقوت: المحدد بأوقات من وقت كمضروب من ضرب. وقد رجح ابن جرير هذا المعنى بقوله: وأولى المعاني بتأويل الكلمة قول من قال: إن الصلاة كانت على المؤمنين فرضا موقوتا. أى فرضا وقت لهم وقت وجوب أدائه. لأن الموقوت إنما هو مفعول من قول القائل: وقت الله عليك فرضه فهو يقته. ففرضه عليك موقوت، إذا أخبر أنه جعل له وقتا يجب عليك أداؤه. وقد أكد الله تعالى فرضية الصلاة ووجوب أدائها في أوقاتها بإن المفيدة للتأكيد، وبكان المفيدة للدوام والاستمرار. وبالتعبير عن الصلاة بأنها كتاب، وهو تعبير عن الوصف بالمصدر فيفيد فضل توكيد، وبقوله عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فإن هذا التركيب يفيد الإلزام والحتمية. وكل ذلك لكي يحافظ المؤمنون عليها محافظة تامة دون أن يشغلهم عنها شاغل، أو يحول بينهم وبين أدائها حائل. ففي الحديث الصحيح: (من نام عن صلاة أو نسيها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك).
جاء في کتاب مناسك الحجّ وملحقاتها للسيد علي السيستاني: سؤال: هل يختص الميقات في المواقيت الخمسة (ذو الحليفة والجحفة والعتيق وقرن المنازل ويلملم) بمساجدها أم يجوز الإحرام منها من أي موضع منها؟ الجواب: يجوز الإحرام من أي موضع منها فيما عدا ذي الحليفة فإن الأحوط لزوماً الإحرام من مسجدها مسجد الشجرة وعدم الإكتفاء بالإحرام في خارج المسجد لغير الحائض والنفساء. السؤال: هل هناك مسافة محددة لمحاذي الميقات؟ الجواب: لا، بل العبرة بالصدق العرفي. السؤال: كيف نحدد المكان المحاذي للميقات الذي يجوز الإحرام منه لمن لا يمرّ بشئ من المواقيت؟ الجواب: إذا إفترضنا خطين متقاطعين يشكلان زاوية قائمة (90 درجة) وكان احدهما يمرّ بمكة المكرمة والآخر يمرّ بالميقات فإذا وقف الشخص في نقطة التقاطع مستقبلاً مكّة المكرمة فهو واقف في المكان المحاذي لذلك الميقات والعبرة في هذا بالصدق العرفي ولا يعتبر فيه التدقيق العقلي. السؤال: المتواجد في مكّة المكرمة إذا أراد الإتيان بحجّ الإفراد فمن أين يحرم له؟ الجواب: يجوز له الإحرام من مكّة نفسها. السؤال: من أتى بعمرة مفردة في ذي الحجّة ثم خرج من مكّة وعاد اليها وبدا له ان يأتي بحجّ الإفراد ندباً فهل يحرم من مكّة؟ الجواب: يجوز وان كان الاولى ان يخرج إلى بعض المواقيت ويحرم منها.
https://telegram.me/buratha