الدكتور فاضل حسن شريف
قال الله عز وجل عن تبع بضم التاء "أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ أَهْلَكْنَاهُمْ ۖ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ" ﴿الدخان 37﴾ تُبَّعٍ اسم علم، تبع: هو اسم لكل ملك حكم اليمن و الشَّحر و حضرموت، قَوْمُ تُبَّعٍ: قوم سبأ أهلكهم وخرب ديارهم، أهؤلاء المشركون خير أم قوم تُبَّع الحِمْيَري والذين مِن قبلهم من الأمم الكافرة بربها؟ أهلكناهم لإجرامهم وكفرهم، ليس هؤلاء المشركون بخير مِن أولئكم فنصفح عنهم، ولا نهلكهم، وهم بالله كافرون، و "وَأَصْحَابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ ۚ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ" ﴿ق 14﴾ تُبَّعٍ اسم علم، تُبَّعٍ: أبو كرب الحِمْيري مَلِكُ اليمن، وكان مسلماً، قوْم تبّع: أبي كَــِربٍ الحِمْـيَريّ ملِك اليَمَن، وقوم تُبَّع: هو ملك كان باليمن أسلم ودعا قومه إلى الإسلام فكذبوه، كذَّبت قبل هؤلاء المشركين من قريش قومُ نوح وأصحاب البئر وثمود، وعاد وفرعون وقوم لوط، وأصحاب الأيكة قومُ شعيب، وقوم تُبَّع الحِمْيَري، كل هؤلاء الأقوام كذَّبوا رسلهم، فحق عليهم الوعيد الذي توعدهم الله به على كفرهم.
عن تفسير الميزان للعلامة السيد الطباطبائي: قوله تعالى "أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْناهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ" (الدخان 37) تهديد للقوم بالإهلاك كما أهلك قوم تبع والذين من قبلهم من الأمم. وتبع هذا ملك من ملوك الحمير باليمن واسمه على ما ذكروا أسعد أبو كرب وقيل: سعد أبو كرب وسيأتي في البحث الروائي نبذة من قصته وفي الكلام نوع تلويح إلى سلامة تبع نفسه من الإهلاك. في المجمع في قوله تعالى: "أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ" (الدخان 37) روى سهل بن ساعد عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه قال : لا تسبوا تبعا فإنه كان قد أسلم. أقول: وروي هذا المعنى في الدر المنثور، عن ابن عباس أيضا، وأيضا عن ابن عساكر عن عطاء بن أبي رباح عن النبي صلى الله عليه وآله. وفيه، وروى الوليد بن صبيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن تبعا قال للأوس والخزرج: كونوا هاهنا حتى يخرج هذا النبي، أما أنا فلو أدركته لخدمته وخرجت معه. وفي الدر المنثور، أخرج أبو نعيم في الدلائل عن عبد الله بن سلام قال: لم يمت تبع حتى صدق بالنبي صلى الله عليه وآله لما كان يهود يثرب يخبرونه. أقول: والأخبار في أمر تبع كثيرة، وفي بعضها أنه أول من كسا الكعبة.
جاء في تفسير غريب القرآن لفخر الدين الطريحي النجفي: تبع "تبع" (الدخان 37) (ق 14) واحد التبابعة من ملوك حمير سمي تبعا لكثرة أتباعه، وقيل: سموا تبابعة لأن الآخر يتبع الأول منهم في الملك، وهم سبعون تبعا ملكوا جميع الأرض ومن فيها من العرب والعجم، وكان تبع الأوسط منهم مؤمنا، وهو تبع الكامل بن ملكي أبو كرب بن تبع الأكبر بن تبع الأقرن، وهو ذو القرنين الذي قال الله تعالى فيه: "أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ" (الدخان 37) وكانوا من أعظم التبابعة وأفصح شعراء العرب، ويقال: إنه كان نبيا مرسلا إلى نفسه لما تمكن من ملك الأرض، والدليل على ذلك: إن الله تعالى ذكره عند ذكر الأنبياء فقال "وَ قَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ" (ق 14) ولم يعلم إنه أرسل إلى قوم تبع رسول غير تبع وهو الذي نهى النبي صلى الله عليه وآله عن سبه لأنه آمن به قبل ظهوره بسبعمائة عام، وليس ذلك إلا بوحي من الله عز وجل.
جاء في التفسير الوسيط لمحمد سيد طنطاوي: وقوله سبحانه: "أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ" (الدخان 37) تهديد لهم على جهالاتهم وإصرارهم على كفرهم. والمراد بتبع: أبو كريب أسعد بن مليك، ويسمى بتبع الحميرى. وهو أحد ملوك حمير. وكان مؤمنا، وقومه كانوا كافرين فأهلكهم الله. وإليه ينسب الأنصار، ولفظ تُبَّعٍ يعد لقبا لكل ملك من ملوك اليمن، كما أن لقب فرعون يعد لقبا لمن ملك مصر كافرا. أى: إن هؤلاء الكافرين المعاصرين لك- أيها الرسول الكريم ليسوا خيرا من قوم تبع، الذين كانوا أشد منهم قوة وأكثر جمعا، فلما لجوا في طغيانهم أهلكهم الله تعالى وإن مصير هؤلاء المشركين- إذا ما استمروا في عنادهم سيكون كمصير قوم تبع. فالمقصود من الآية الكريمة تحذير الكافرين من التمادي في الضلال، لأن هذا التمادي سيؤدي بهم الى الخسران، كما هو حال قوم تبع الذين لا يخفى أمرهم عليهم. والمراد بمن قبلهم في قوله تعالى: "وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَهْلَكْناهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ" (الدخان 37): الأقوام السابقون على قوم تبع، كقوم عاد وثمود وغيرهم. أو على هؤلاء الكافرين المعاصرين للنبي صلّى الله عليه وسلّم. أى: والذين من قبل قوم تبع أو من قبل قومك من الظالمين، أهلكناهم لأنهم كانوا قوما مجرمين.
https://telegram.me/buratha