الصفحة الإسلامية

البشارة بنبينا (ص) في الإنجيل.


مصطفى الهادي.

استطاع اليهود الذين يمتلكون المال ، بمساعدة الرومان الوثنيين الذين يمتلكون الإعلام والقوة، تحريف كل شيء في رسالة السيد المسيح ،لا بل مطاردته ومحاولة قتله فأنقذهُ الله من بين أيديهم، وهذا ما اتفق عليه القرآن والإنجيل الذي يقول : (ارتفع وهم ينظرون. وأخذته سحابة عن أعينهم، وإذا ملكان قالا : أيها الرجال الجليليون، ما بالكم واقفين تنظرون إلى السماء؟ إن يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلى السماء سيأتي كما رأيتموه منطلقا إلى السماء).(1) فصب هؤلاء جام غضبهم أولا ، على حوارييه ولكنهم خابوا أيضا لأن السيد المسيح أمرهم بأن يختفوا ويقوموا بالتبليغ بالبشارة بصورة سرّية في المناطق البعيدة ومناطق أخرى غير خاضعة للدولة الرومانية، وليس لليهود تأثير عليها، وهذا ما يشهد به الإنجيل الذي يقول بأن يسوع لم يرسلهم فقط بل فرقهم : (ثم دعا تلاميذه الاثني عشر وأرسلهم يسوع اثنين اثنين وأوصاهم قائلا : إلى طريق الأمم لا تمضوا، وإلى مدينة للسامريين لا تدخلوا. ومن لا يقبلكم ولا يسمع كلامكم فاخرجوا خارجا من ذلك البيت أو تلك المدينة، وانفضوا غبار أرجلكم).(2)

وزيادة في الحيطة والحذر قام السيد المسيح بإرسال سبعين رسولا آخرين إلى أنحاء متفرقة من مملكة الرومان لكي يضيع أثر الحواريين الاثنا عشر فيقول : (وبعد ذلك عيّن سبعين آخرين أيضا، وأرسلهم إلى كل مدينة وموضع).(3) لقد كان الخطر شديدا لأن البشارة التي جاء المسيح شكّلت خطر على مصالح اليهود والرومان على السواء. فقبل رحيله قام بكل تلك الاحتياطات من أجل حفظ الإنجيل والحواريين.

ثانيا لما افلت منهم السيد المسيح مع حوارييه استهدفوا الإنجيل فبحثوا عنه في كل مكان ، ولما لم يجدوه اختلقوا عدة أناجيل جديدة كتبها كبار كهنة اليهود بالتعاون مع الدولة الرومانية ، فأذابوا فيه الكثير من نصوص التوراة ثم خلطوا بعض ما قاله المسيح لكي لا يتم كشف عملية التزوير. ولكن سبحان الله فكل مكر اليهود وأموال الرومان لم تستطع تغيير كلمة واحدة بقيت تشهد على أن هناك شيئا مهما قاله السيد المسيح وهذا الشيء الذي لم يستطيعوا تغييره هو كلمة (الإنجيل) فلم يجدوا كلمة بديلة تحل محلها ، فهذه الكلمة الصغيرة تنطوي على سر عظيم لأن كلمة الإنجيل تعني (البشارة). ولكننا عندما نقرأ في هذه الأناجيل المتوفرة لا نجد البشارة التي تحمل اسم المُبشّر به ، ولكن نجد إشارات أخرى تشير إلى نفس المعنى وهي أن هناك نبيا سوف يأتي بعد يسوع كما نقرأ في قول المسيح للحواريين : (ومتى جاء ذاك روح الحق يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة لأنه لا يتكلم من نفسه، بل كل ما يسمع يتكلم به ــ ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى ــ بعد قليل لا تبصرونني ، لأني ذاهب إلى الله).(4) ونظرا لاشتهار هذه البشارة عمدوا إلى خلق نبي ورسول جديد بعد عيسى لكي يُقال أن الإشارة والبشارة بنبي قادم بعد عيسى تعني (بولص شاول وإنجيله) وهكذا بين ليلة وضحاها اصبح شاول من مرعب المسيحية إلى نبي رسول يوحى له. فساعدوه على خلق إنجيل خاص به، بدلا من إنجيل السيد المسيح وبشارته ،وهذا ما نقرأ بكل وضوح في قول بولص : (في اليوم الذي فيه يدين الله سرائر الناس حسب إنجيلي).(5) يعني أن الله سوف يُحاسب الناس يوم القيامة بواسطة (إنجيل بولص). ومع ذلك فقد خلت كل الأناجيل الحالية المزعومة من البشارة بالشكل الذي جاء بها المسيح. ولكن عندما نعود لإنجيل برنابا نجد هذه البشارة كاملة واضحة تحمل اسم النبي المُبشّر به (محمد رسول الله). ولهذا السبب تعرض برنابا وإنجيله إلى حرب ظالمة وملاحقة اضطرت برنابا إلى الاختباء في أحد الكهوف في ضواحي جزيرة قبرص لأنه في الأصل ينحدر من قبرس.(6) ولهذا السبب تم العثور على إنجيله في الجبال المحيطة بقبرص في كهف.

ولكن لما ظهرت نسخ من إنجيل برنابا هنا وهناك زعم المسيحيون بأن إنجيل برنابا من تأليف رجل دين مسلم . ولكن ظهور نسخة خطية قديمة جدا مكتوبة بالذهب من إنجيل برنابا في تركيا في منطقة حكاري كهوف أولدري أخافت الفاتيكان الذي سارع إلى عرض عشر ملايين دولار لشراء هذا المخطوط ولكن تركيا لم تبعهُ بل وضعته في المتحف كإرث وطني.

وبالعودة إلى إنجيل برنابا لمعرفة نوع (البشارة) نجد أن السيد المسيح بشّر بقدوم نبي ذكره باسمه واصطفاء وصي له. فماذا يقول برنابا في إنجيله؟

نقرأ في الفصل الثاني والستون بعد المائة (قال يسوع : أيها الإخوة إن سبق الاصطفاء لسر عظيم حتى أني أقول لكم الحق أنه لا يعلمه جليا إلا إنسان واحد فقط ، وهو الذي تتطلع إليه الأمم الذي تتجلى له أسرار الله تجليا فطوبى للذين سيصيخون السمع إلى كلامه متى جاء إلى العالم .أجاب التلاميذ : يا معلم من عسى أن يكون ذلك الرجل الذي تتكلم عنه الذي سيأتي إلى العالم ؟ ، أجاب يسوع بابتهاج قلب : إنه محمد رسول الله ، ومتى جاء إلى العالم فسيكون ذريعة للأعمال الصالحة بين البشر بالرحمة الغزيرة التي يأتي بها ، فهو غمامة بيضاء ملأى برحمة الله وهو رحمة ينثرها الله رذاذا على المؤمنين كالغيث). هذا النص تسبب في هياج اليهود والرومان فشنوا الحملات تلو الحملات للعثور على برنابا وإنجيله. والغريب أننا نرى الأديان الأخرى وكتبها في راحة من سهام اليهودية و المسيحية، فلم يتعرض لها أحد. بعكس ما نراه من هجوم شرس على عيسى وإنجيله و برنابا وإنجيله، ومحمد وقرآنه . إن الإصرار على تحريم إنجيل برنابا والتشكيك بصحته والاستمرار بمطاردته يدل على مدى خطورته وتأثيره على المسيحية ، ولو ظهر بصورة واسعة وتداولته الأيدي لحصل انقلاب هائل قد يقضي على المسيحية فلا يبقى معها إلا المعاند الذي ختم الله على سمعه وبصره واغلق قلبه.

ولم يرد ذكر نبينا محمد (ص) في النص المذكور وحده من إنجيل برنابا بل وردة في أماكن كثيرة منه ومن ذلك ما يتعلق بخلق آدم (ع) فيقول برنابا في الفصل الثامن والثلاثون : (فلما انتصب آدم على قدميه رأى في الهـواء كتابة تتألق كالشمس نصها (( لا إله إلا الله ومحمد رسـول الله )) ، ففتح حينئذ آدم فاه وقال: (أشكرك أيها الرب إلهي لأنك تفضلت فخلقتني ، ولكن أضرع إليك أن تنبأني ما معنى هذه الكلمات (( محمد رسـول الله )) ، فأجاب الله : مرحبا بك يا عبدي آدم ، وإني أقول لك أنك أول إنسان خلقت ، وهذا الذي رأيته إنما هو ابنك الذي سيأتي إلى العالم بعد الآن بسنين عديدة ، وسيكون رسولي الذي لأجله خلقت كل الأشياء ، الذي متى جاء سيعطى نورا للعالم ، الذي كانت نفسه موضوعة في بهاء سماوي ستين ألف سنة قبل أن أخلق شيئا).

وفي نص آخر في الفصل الثالث والأربعون يقول آدم (ع) : (ما أسعد الزمن الذي سيأتي فيه إلى العالم ، صدقوني أني رأيته وقدمت له الاحترام كما رآه كل نبي ، لأن الله يعطيهم روحه نبوة ، ولما رأيته امتلأت عزاءا قائلا : يا محمد ليكن الله معك وليجعلني أهلا أن أحل سير حذائك).

هذا النص نراه بحذافيره يلوح في الأناجيل الحالية المعتمدة لدى المسيحية ولكن اختفت منه كلمة (محمد). حيث بشّر السيد المسيح حوارييه قائلا: ( الذي يأتي بعدي، صار قدامي، الذي لست بمستحق أن أحل سيور حذائه).(6) وفي نص آخر قال : (يأتي بعدي من هو أقوى مني، الذي لست أهلا أن أنحني وأحل سيور حذائه).(7)

ولم يكن المسيح وحده من بشّر بذلك، فهذا يوحنا قبل أن يُقتل قال نفس البشارة (أجاب يوحنا الجميع قائلا يأتي من هو أقوى مني، الذي لست أهلا أن أحل سيور حذائه).(8)

لقد اتفقت الأناجيل كلها على تأكيد ما ورد في إنجيل برنابا، ولكن اتفقوا جميعا على حذف الاسم النبي القادم.

يضاف إلى ذلك هناك تشابه كبير بين نصوص الإنجيل وما ورد في القرآن والحديث حول مزايا النبي القادم ورد ففي الفصل الثاني والستون بعد المئة وبعد ان ذكر السيد المسيح اسم محمد كثيرا سأله التلاميذ : ( أجاب التلاميذ: يا معلم من عسى أن يكون ذلك الرجل الذي تتكلم عنه الذي سيأتي إلى العالم؟ فأجاب يسوع بابتهاج قلب: إنه محمد رسول الله، ومتى جاء إلى العالم فسيكون ذريعة للأعمال الصالحة بين البشر بالرحمة). وهذا ما نراه يلوح في القرآن الكريم في قول الله تعالى لنبيه محمد (ص): ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ).(9) وكذلك قول الرسول (ص) : (إنما أنا رحمة مهداة). ولذلك خاطبه تعالى بقوله : (وما كان الله ليُعذبهم وأنت فيهم).(10) هذه الرحمة هي التي دعته إلى أن يطلب من ربه أن يجعل له وزيرا يخلفه في قومه ويقوم بتبليغ رسالته فتضرع إلى ربه في آخر حجة يحجها أعقبها استجابة الدعاء ونزلت آية التبليغ . قال النبي (ص) : (اللهم إني أسألك بما سألك أخي موسى أن تشرح لي صدري، وأن تيسر لي أمري، وأن تحل عقدة من لساني يفقهوا قولي، واجعل لي وزيرا من أهلي عليا أخي، اشدد به أزري، وأشركهُ في أمري، كي نُسبحك كثيرا، ونذكرك كثيرا، إنك كنت بنا بصيرا).(11) وفي رواية ، قال ابن عباس : فسمعت مناديا يُنادي: يا محمد، قد أوتيت ما سألت.

المصادر:

1- سفر أعمال الرسل 1 : 9 ـ 11.

2- إنجيل متى 10 : 5 ـ 14.

3- إنجيل لوقا 10 : 1.

4- إنجيل يوحنا 19: 8 ـ 16. و : سورة النجم آية : 3.

5- رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 2: 16.

6- إنجيل يوحنا 1: 27.

7- إنجيل لوقا 3: 16.

8- إنجيل لوقا 3 : 16.

9- سورة الأنبياء آية : 107.

10- سورة الأنفال آية : 33.

11- مناقب علي بن أبي طالب(ع) وما نزل من القرآن في علي، ابن مردويه الأصفهاني ص : 277.ورواه محب الدين الطبري عن أسماء بنت عميس في ذخائر العقبى ص : 63.وكذلك رواه أبو نعيم في ما نزل من القرآن في علي ص : 138 حديث رقم : 37. وقيل أنها نزلت بعد تصدق الإمام علي بالخاتم.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك