الدكتور فاضل حسن شريف
كان حواري أمير المؤمنين عليه السلام مثل ميثم التمار رضوان الله عليه مخلصين حتى النهاية معه بدون شكوك كما حصل مع حواري عيسى عليه السلام كماجاء في تفسير الميزان للعلامة السيد الطباطبائي: لما أيقن عيسى عليه السلام أن دعوته غير ناجحة في بني إسرائيل كلهم أوجلهم، وأنهم كافرون به لا محالة، وأنهم لو أخمدوا أنفاسه بطلت الدعوة واشتدت المحنة مهد لبقاء دعوته هذا التمهيد فاستنصر منهم للسلوك إلى الله سبحانه فأجابه الحواريون على ذلك فتميزوا من سائر القوم بالإيمان فكان ذلك أساساً لتميز الإيمان من الكفر وظهوره عليه بنشر الدعوة وإقامة الحجة كما قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ" (الصف 14). قوله تعالى "قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ" (ال عمران 52) حواري الإنسان من اختص به من الناس، وقيل أصله من الحور وهو شدة البياض، ولم يستعمل القرآن هذا اللفظ إلا في خواص عيسى عليه السلام من أصحابه. قوله تعالى "وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ" (المائدة 111) الآية، الآية منطبقة على آيات سورة آل عمران بقوله "فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ" (ال عمران 52). ومن هنا يظهر أن هذا الإيمان الذي ذكره في الآية بقوله "وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قالُوا آمَنَّا" (المائدة 111)، الآية غير إيمانهم الأول به عليه السلام فإن ظاهر قوله في آية آل عمران "فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ" (ال عمران 52) أنه كان في أواخر أيام دعوته وقد كان الحواريون وهم السابقون الأولون في الإيمان به ملازمين له. على أن ظاهر قوله في آية آل عمران "قالَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللهِ آمَنَّا بِاللهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ" (ال عمران 52) أن الدعوة إنما سيقت لأخذ الميثاق على نصرة دين الله لا أصل الإيمان بالله، ولذلك ختم الآية بقولهم "وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ" (ال عمران 52) وهو التسليم لأمر الله بإقامة دعوته وتحمل الأذى في جنبه، وكل ذلك بعد أصل الإيمان بالله طبعا. فتبين أن المراد بقوله : "وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ" (المائدة 111) إلخ قصة أخذ الميثاق من الحواريين.
استمر حواريوا علي عليه السلام بعد استشهاده في الاخلاص لقيمه عليه السلام والدفاع عن أئمة الحق عليهم السلام فقام عبيد الله بن زياد بحبس ميثم، فالتقى رضي الله عنه في السجن بالمختار بن أبي عبيدة الثقفي، فقال له: (إنّك تفلت، وتخرج ثائراً بدم الحسين عليه السلام، فتقتل هذا الذي يقتلنا)، وفعلاً تحقّق ذلك بعد ستّة سنوات. قال ميثم التماررضي الله عنه: (دعاني أمير المؤمنين عليه السلام وقال: كيف أنت يا ميثم إذا دعاك دعي بني أُمية ابن دعيّها عبيد الله بن زياد إلى البراءة منّي؟ فقال: يا أمير المؤمنين، أنا والله لا أبرأ منك، قال: إذاً والله يقتلك ويصلبك، قلت: أصبر فذاك في الله قليل، فقال: يا ميثم، إذاً تكون معي في درجتي).
الحواريون هم أكثر الأشخاص اخلاصا لشخص. والحواريون هم خلاصة اصحاب عيسى عليه السلام "وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ" (المائدة 111). سمي الحواريون لصفائهم ونقائهم واخلاصهم، وقيل لأنهم يحورون ثيابهم فتكون شديدة البياض. أما أسماؤهم كما جاءت في إنجيل متّى ولوقا ، الباب السادس ، فهي : 1 ـ بطرس 2 ـ اندرياس 3 ـ يعقوب 4 ـ يوحنا 5 ـ فيلوبس 6 ـ برتولولما 7 ـ توما 8 ـ متّى 9 ـ يعقوب بن حلفا 10 ـ شمعون 11 ـ يهوذا اخو يعقوب 12 ـ يهوذا الاسخريوطي الذي خان المسيح.
فكما لعيسى عليه السلام حواري فان لرسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأئمة البيت عليهم السلام حواري فعن أبي الحسن عليه السلام قال إذا كان يوم القيامة ينادى مناد أين حواري محمد بن عبد الله رسول الله الذين لم ينقضوا العهد ومضوا عليه؟ فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر ثم ينادى أين حواري علي بن أبي طالب وصي محمد بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وآله؟ فيقوم عمرو بن الحمق الخزاعي ومحمد بن أبي بكر وميثم بن يحيى التمار مولى بنى أسد وأويس القرني ثم ينادي المنادي أين حواري حسن بن علي بن فاطمة بنت محمد بن عبد الله رسول الله صلى الله عليه وآله؟ فيقوم سفيان بن ليلى الهمداني وحذيفة بن أسد الغفاري, ثم قال ينادى أين حواري الحسين بن علي؟ فيقوم من استشهد معه ولم يتخلف عليه قال: ثم ينادي أين حواري علي بن الحسين؟ فيقوم جبير بن مطعم ويحيى بن أم الطويل وأبو خالد الكابلي وسعيد بن المسيب، ثم ينادى أين حواري محمد بن علي وحواري جعفر بن محمد؟ فيقوم عبد الله بن شريك العامري وزرارة بن أعين وبريد بن معاوية العجلي ومحمد بن مسلم وأبو بصير وليث بن البختري المرادي، وعبد الله بن أبي يعفور وعامر ابن عبد الله بن جذاعة, وحجر بن زائدة وحمران بن أعين، ثم ينادى سائر الشيعة مع سائر الأئمة عليهم السلام يوم القيامة فهؤلاء أول السابقين وأول المقربين وأول المتحورين من التابعين.
https://telegram.me/buratha