الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في كتاب امّ البنين عليها السلام النّجم الساطع في مدينة النبيّ الأمين للشيخ علي ربّاني الخلخالي عن مساجد المدينة المنورة: مسجد المباهلة: إشارة إلى مباهلة النبي صلى الله عليه وآله لنصارى نجران حيث خرج صلى الله عليه وآله يباهلهم ومعه أمير المؤمنين عليهالسلام وفاطمة والحسن والحسين عليهما السلام، فأنزل الله تعالى "فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ" (ال عمران 61). وقد تظافرت الروايات عن طرق الخاصة والعامة أنّ المراد من "أبناءنا" الحسن والحسين، و "نساءنا" فاطمة عليها السلام، و "أنفسنا" أمير المؤمنين عليه السلام، فكانت هذه الآية الشريف خاصة بالأنوار الخمسة.
وعن فدك يقول الشيخ الخلخالي في كتابه: فدك في القرآن: قال الله تعالى: "وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَـٰكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ" (الحشر 6-7). الافاءة الإرجاع، من الفيء بمعنى الرجوع. والمعنى: والذي أرجعه الله إلى رسوله من أموال بني النضير ـ خصه به وملّكه وحده إياه ـ فلم تسيروا عليه فرساً ولا إبلاً بالركوب حتى يكون لكم فيه حق، بل مشيتم إلى حصونهم مشاة لقربها من المدينة، ولكن الله يسلّط رسله على من يشاء، والله على كلّ شيء قدير، وقد سلّط النبي صلى الله عليه وآله على بني النضير فله فيئهم يفعل فيه ما يشاء. وقوله: "مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ" (الحشر 7). ظاهره أنّه بيان لموارد صرف الفىء المذكور في الآية السابقة مع تعميم الفيء لفيء أهل القرى أعم من بني النضير وغيرهم. وقوله: "فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ" (الحشر 7) أي منه ما يختص بالله، والمراد صرفه وانفاقه في سبيل الله ما يراه الرسول، ومنه ما يأخذه الرسول لنفسه. وقوله: "وَلِذِي الْقُرْبَىٰ" المراد بذي القربى قرابة النبي صلى الله عليه وآله، ولا معنى لحمله على قرابة عامة المؤمنين، وهو ظاهر. والمراد باليتامى الفقراء منهم كما يشعر به السياق، وإنّما أفرد وقدّم على "المساكين" (الحشر 7) مع شموله له للاعتناء بأمر اليتامى. وقد ورد عن أئمة أهل البيت عليهمالسلام أنّ المراد بذي القربى أهل البيت، واليتامى والمساكين وابن السبيل منهم. وفي المجمع: روى المنهال بن عمر عن علي بن الحسين عليه السلام قلت: وقوله: "وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ" (الحشر 7) قال: هم قربانا ومساكيننا وأبناء سبيلنا. وروى ابن بابويه عن أبي سعيد الحذري قال: لما نزلت "فَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ" قال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا فاطمة لك فدك. وعن علي بن الحسين عليه السلام قال: اقطع رسول الله صلى الله عليه وآله فاطمة عليها السلام فدك. وعن ابان بن تغلب عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قلت : كان رسول الله صلى الله عليه وآله أعطى فاطمة عليها السلام فدك؟ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وقفها ، فأنزل الله تبارك وتعالى "فَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ" (الاسراء 26) فأعطاها رسول الله صلى الله عليه وآله حقها. قلت: رسول الله صلى الله عليه وآله أعطاها؟ قال: بل الله تبارك وتعالى أعطاها. وقد تظاهرت الرواية من طرق أصحابنا بذلك، وثبت أنّ ذا القربى: علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام.
ويستطرد الشيخ علي ربّاني الخلخالي عن موضوع فدك قائلا: فدك في نهج البلاغة: قال مولى الموحدين أمير المؤمنين في كتابه لعثمان بن حنيف: (بلى كانت في أيدينا فدك من كلّ ما أظلته السماء، فشحت عليها نفوس قوم، وسخت عنها نفوس قوم آخرين، ونعم الحكم الله، وما أصنع بفدك وغير فدك، والنفس مظانها في غد جدث، تنقطع في ظلمته آثارها، وتغيب أخبارها، وحفرة لو زيد في فسحتها، وأوسعت يدا حافرها لأضغطها الحجر والمدر وسدّ فرجها التراب المتراكم، وإنّما هي نفسي أروضها بالتقوى لتأتي آمنة يوم الخوف الأكبر، وتثبت على جوانب المزلق). قال ابن أبي الحديد: وهذا الكلام كلام شاكٍ متظلّم. قوله تعالى "فَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ" (الاسراء 26): عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث: إنّ الله تبارك وتعالى لما فتح على نبيه صلى الله عليه وآله فدك وما والاها، لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، فأنزل الله على نبيه صلى اللهعليه وآله "وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ" (الاسراء 26) ولم يدر رسول الله صلىاللهعليهوآله من هم، فراجع في ذلك جبرائيل عليه السلام، وراجع جبرائيل ربّه ، فأوحى الله: أن إدفع فدك إلى فاطمة عليها السلام. فدعاها رسول الله فقال لها: يا فاطمة إنّ الله أمرني أن أدفع اليك فدك. فقالت: قد قبلت يا رسول الله من الله ومنك. وروى الثعلبي في (كشف البيان) وجلال الدين السيوطي في الجزء الرابع من تفسيره عن الحافظ ابن مردويه أحمد بن موسى المفسر المتوفى سنة (352 هـ) ، وعن أبي سعيد الحذري ، وكذلك روى الحاكم الحسكاني، وابن كثير عماد الله بن إسماعيل بن عمر الدمشقي فقيه الشافعية في تاريخه، والشيخ سليمان القندوزي البلخي الحنفي في الباب (39) من ينابيع المودة عن تفسير الثعلبي، وجمع الفوائد، وعيون الأخبار: أنّه لما نزل قوله : "وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ" (الاسراء 26) أعطى رسول الله صلى الله عليه وآله فاطمة فدك. فلم يزل وكلاؤها فيها حياة رسول الله صلى الله عليه وآله، وكانت تأخذ من غلتها مقدار القوت وتنفق الباقي في سبيل الله بين فقراء بني هاشم وغيرهم. وفي عيون الأخبار في حديث: قول الله "وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ" (الاسراء 26) خصوصية خصهم الله العزيز الجبار بها، واصطفاهم على الأمة، فلمّا نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وآله قال: ادعو لي فاطمة. فدعيت له فقال صلى الله عليه وآله: يا فاطمة. قالت: لبيك يا رسول الله. فقال: هذه فدك هي مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، وهي لي خصة دون المسلمين، فقد جعلتها لك لما أمرني الله به، فخذيها لك ولولدك.
https://telegram.me/buratha