الصفحة الإسلامية

اشارات قرآنية من كتاب مراسم عاشوراء للسيد العاملي (ح 3)


الدكتور فاضل حسن شريف

يستمر السيد جعفر مرتضى العاملي قائلا عن تعظيم الشعائر وإحياء أمرهم عليهم السلام كما جاء في کتاب مراسم عاشوراء: ولا يكفي مجرد الشعور بالخوف والرهبة لدى من يشاهد جرح الرؤوس، لإصدار الحكم بالتحريم.. إذ لو كان ذلك كافياً للزم أن نمنع من ذبح البقر والغنم أيضاً، لأن كثيراً من الناس يتألمون من مشاهدتها وهي تذبح.. كما أن علينا أن لا نقتل القاتل. وأن لا نجلد الزاني، أو أن نرجمه، وأن لا نرضى بقوله تعالى: "وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ" (النور 2) فإن هناك الكثير من الناس يخافون، ويرهبون حالات كهذه، كما أن كثيرين منهم لا يرضون بالالتزام، ولا بإلزامهم بمثل هذه الأمور. وفيما عدا ذلك، فإننا قد قلنا آنفاً: إنه لو كان فعل ذلك في بعض المواضع موجباً لصدود الناس عن التفكير بالإسلام، فلا بد من مراعاة حالهم، عملاً بالآية الشريفة: "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ" (النحل 125). لكن ذلك لا يعني أن تشن حملة على كل من يريد ممارسة هذه الشعائر، بحيث تشمل هذه الحملة حتى المواضع التي ليس في ممارستها فيها أي محذور. ختاماً نقول: إن مسألة العزاء والمواساة والجزع على الإمام الحسين عليه السلام وما يمثله من الحضور الدائم، لهذه الشخصية في الوجدان الإنساني، له أثر عظيم في دفع هذا الإنسان باتجاه العمل، والسير نحو الهدف الأسمى، الذي ضحى لأجله عليه السلام بكل ما لديه، وبأغلى ما يملك. وله أثر عظيم أيضاً في ربط الإنسان عاطفياً، ووجدانياً، وإنسانياً بأهل البيت عليهم السلام، وتفاعله مع قضاياهم، وتسليمه لهم بكل وجوده، وبكل مشاعره وأحاسيسه، فيحزن لحزنهم، ويفرح لفرحهم.

ويستطرد السيد العاملي في كتابه قائلا: أي غرض أعظم، وأسمى وأشرف، من إحياء أمرهم عليهم السلام، إذا كانت هذه المراسم موجبة لعز الدين، وتثبت اليقين.. وفي المواضع الخالية من خطر التوهين، والصد عن سبيل الهداية، وليس فيها أي أثر لإثارة الذعر في النفوس، وإخافتهم، وجعلهم يهربون من هذا الدين، مع أن اللازم هو مراعاة حالهم، والرفق بهم، على قاعدة: "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ" (النحل 125). لو أن الشارع أمرك بتعظيم والديك واحترامهما، فعنوان الاحترام هو المأمور به، وأنت الذي تختار، أو تخترع وسيلة ذلك، فتكرمهما بالهدية تارة، وبتقبيل اليدين أخرى، وبإجلاسهما في صدر المجلس ثالثة. وكذلك الحال إذا أمرك بإحياء أمر الحسين عليه السلام. فتارةً يحدد لك هو الوسيلة، كالزيارة، والاغتسال لها، وعقد مجالس العزاء، ونحو ذلك. فلا بد أن تفعل نفس ما أمرك به. ولو أن العالم كله غضب واستاء لذلك، فإن غضبهم واستيائهم لا يعنيك، ولا يمنعك منه احتقارهم، واستهزاؤهم، وشتمهم وأذاهم، وحتى قتالهم لك، لأن الله قد حدد الطريقة، فوجب القيام بها كما أمر سبحانه. ولهذا فنحن لا نصغي لأي انتقاد منهم لصلاتنا، أو لحجنا، أو لملايين الأضاحي التي نذبحها قرباناً في كل سنة في موسم الحج، أو لرمي الجمرات، أو للطواف، أو غير ذلك.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك