الصفحة الإسلامية

كلمات مترابطة في القرآن الكريم "آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ" (ح 1)


الدكتور فاضل حسن شريف

قال الله تعالى عن "آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ" في كتابه الحكيم "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَىٰ وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" ﴿البقرة 62﴾ آمن فعل، بِاللهِ: بِ حرف جر، اللهِ اسم علم، وَالْيَوْمِ: وَ حرف عطف، الْ اداة تعريف، يَوْمِ اسم، الْآخِرِ: الْ اداة تعريف، آخِرِ صفة، ان المؤمنين من هذه الأمة، الذين صدَّقوا بالله ورسله، وعملوا بشرعه، والذين كانوا قبل بعثة محمد صلى الله عليه وسلم من الأمم السالفة من اليهود، والنصارى، والصابئين وهم قوم باقون على فطرتهم، ولا دين مقرر لهم يتبعونه هؤلاء جميعًا إذا صدَّقوا بالله تصديقًا صحيحًا خالصًا، وبيوم البعث والجزاء، وعملوا عملا مرضيًا عند الله، فثوابهم ثابت لهم عند ربهم، ولا خوف عليهم فيما يستقبلونه من أمر الآخرة، ولا هم يحزنون على ما فاتهم من أمور الدنيا، و "الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ" ﴿البقرة 177﴾ ليس الخير عند الله تعالى في التوجه في الصلاة إلى جهة المشرق والمغرب إن لم يكن عن أمر الله وشرعه، وإنما الخير كل الخير هو إيمان من آمن بالله وصدَّق به معبودًا وحدَه لا شريك له، وآمن بيوم البعث والجزاء، و "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَىٰ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" ﴿المائدة 69﴾ من آمن منهم بالله الإيمان الكامل، وهو توحيد الله والتصديق بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به، وآمن باليوم الآخر، وعمل العمل الصالح، فلا خوف عليهم من أهوال يوم القيامة، ولا هم يحزنون على ما تركوه وراءهم في الدنيا، و "إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ ۖ فَعَسَىٰ أُولَـٰئِكَ أَن يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ" ﴿التوبة 18﴾ لا يعتني ببيوت الله ويعمرها إلا الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر، ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة، ولا يخافون في الله لومة لائم، هؤلاء العُمَّار هم المهتدون إلى الحق، و "أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ لَا يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" ﴿التوبة 19﴾ أجعلتم أيها القوم ما تقومون به من سقي الحجيج وعِمارة المسجد الحرام كإيمان من آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله؟ لا تتساوى حال المؤمنين وحال الكافرين عند الله، لأن الله لا يقبل عملا بغير الإيمان، و "وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ" ﴿البقرة 8﴾ ومن الناس فريق يتردد متحيِّرًا بين المؤمنين والكافرين، وهم المنافقون الذين يقولون بألسنتهم: صدَّقْنَا بالله وباليوم الآخر، وهم في باطنهم كاذبون لم يؤمنوا.

جاء في معاني القرآن الكريم: يوم اليوم يعبر به عن وقت طلوع الشمس إلى غروبها. وقد يعبر به عن مدة من الزمان أي مدة كانت، قال تعالى: "إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان" (ال عمران 155)، "وألقوا إلى الله يومئذ السلم"(النحل 87)، وقال: "أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم" (البقرة 254)، وغير ذلك، وقوله عز وجل: "وذكرهم بأيام الله" (ابراهيم 5) فإضافة الأيام إلى الله تعالى تشريف لأمرها لما أفاض الله عليهم من نعمه فيها. وقوله عز وجل: "قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين" (فصلت 9)، فالكلام في تحقيقه يختص بغير هذا الكتاب. ويركب يوم مع (إذ) فيقال: يومئذ نحو قوله عز وجل: "فذلك يومئذ يوم عسير"(المدثر 9) وربما يعرب ويبنى، وإذا بني فللإضافة إلى إذ.

جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى "لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ الْمَلائِكَةِ وَ الْكِتابِ وَ النَّبِيِّينَ وَ آتَى الْمالَ عَلى‌ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى‌ وَ الْيَتامى‌ وَ الْمَساكِينَ وَ ابْنَ السَّبِيلِ وَ السَّائِلِينَ وَ فِي الرِّقابِ وَ أَقامَ الصَّلاةَ وَ آتَى الزَّكاةَ وَ الْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَ الصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ حِينَ الْبَأْسِ أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ‌. فنحن نرى في هذه الآية أنّها بعد نهي المسلمين عن البحث و المناقشة حول مسألة تغيير القبلة، تفسر لهم حقيقة العمل الصالح و البر بأنّه الإيمان باللّه و يوم القيامة و الملائكة و الكتب السماوية و الأنبياء، ثمّ الإنفاق في سبيل اللّه و مساعدة المحتاجين و المحرومين، و إقامة الصلاة، و إيتاء الزكاة، و الوفاء بالعهد، و الاستقامة و الصمود أمام المشاكل حين الجهاد، و بعد ذكر كل هذه الصفات تقول: إنّ الذين يمتلكون هذه الصفات هم الصادقون و هم المتقون. و على هذا، فإنّ الصادق هو الذي يؤمن بكل المقدسات، ثمّ يعمل بموجبها في جميع النواحي، و في الآية (15) من سورة الحجرات نقرا: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ‌ فإنّ هذه الآية أيضا تعرّف الصدق بأنّه مجموع الإيمان و العمل الذي لا تشوبه أية شائبة من التردد أو المخالفة.

جاء في الموسوعة الإلكترونية لمدرسة أهل البيت عليهم ‌السلام التابعة للمجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام عن الآخرة: الآخرة، عالم يأتي بعد عالم الدنيا، وبعد الموت. فتعد الآخرة في قبال الدنيا، والاعتقاد بها يعد من أصول دين الإسلام، ومن لا يعتقد به فهو ليس مسلما، وقد أكد القرآن على أهمية الآخرة، وورد فيه أن الإيمان بالآخرة من ركائز دعوة جميع الأنبياء، كما أن أكثر من ثلث آيات القرآن تتعلق بالآخرة. ذكرت الكتب الكلامية للمسلمين الآخرة تحت عنوان المعاد، وأوردت دلائل نقلية وعقلية لإثباتها. وبناء على آيات القرآن يعتبر علماء المسلمين أن الآخرة لها عالم آخر يختلف تماما عن الدنيا، وذكروا خصائص لها، منها: الخلود، والفصل بين المحسنين والمسيئين، ورؤية نتائج الأعمال، والانتفاع من نعمها حسب الاستحقاق. وهناك من علماء المسلمين يعتقدون أن الآخرة تبدأ بعد نهاية حياة الدنيا، لكن جماعة أخرى تقول أن الآخرة هي قائمة الآن في الدنيا، بل هي محيطة بها. تعريفها: الآخرةُ مؤنّث الآخِر، والآخرة والآخر نقيض المتقدّم والمتقدّمة، وهو عالم آخر يأتي بعد هذا العالم. ويسمّي القرآن الكريم الحياة قبل الموت بالحياة الأولى، والحياة ما بعد الموت بالحياة الآخرة. وغالباً ما تذكر (الآخرة) بهذا اللفظ بدون قيد في القرآن فقد وردت 104 مرة، وقد يرد لفظ دار الآخرة، ويوم الآخر لمعنى عالم الآخرة.

جاء في موقع الألوكة الشرعية عن الإيمان باليوم الآخر وآثاره النفسية للدكتور سمير مثنى علي الأبارة: الإيمان بيوم الدين كلِّية من كليات العقيدة الإسلامية، لها آثار طيبة على نفس الإنسان وحياته وسلوكه في الدنيا، لأنه يجعل الإنسان يعلق نظره ورجاءه بالله تعالى في عالم آخر بعد عالم الأرض، فلا تستبد به ضرورات الحياة الدنيا، ولا يستبد به القلق على تحقيق جزاء سعيه في عمره القصير المحدود، وبذلك يملك القوة على العمل لوجه الله وانتظار الجزاء حيث يقدره الله، في طمأنينة وثقة ويقين في الله. وفي إصـرار على الحق ولو كان مراً. ومن ثم فإن الإيمان باليوم الآخر يمثل مفرق الطريق في حياة الإنسان بين العبودية للنزوات والشهوات، وبين التعلق بالقيم الروحانية والاستعلاء على القيم الأرضية. الإيمان بحياة أخرى بعد الموت له أثر بالغ في حياة الإنسان وسلوكه وأخلاقه. المؤمن بالآخرة يفعل الخير، وإن كان يبدو غير مربح له في الدنيا، ويتجنب الشـر، وإن كان يبدو مربحا ً، لأنه يقدر الأمور بعواقبها النهائية، وليس بمدى موافقتها لنزاوته وغرائزه. المؤمن بالآخرة وبالحساب بين يدي الله يراقب أفعاله ويحاسب نفسه، ويكون حريصاً على ألا يضيع سعادته الأبدية مقابل مكسب دنيوي عابر. هناك فرق جوهري بين المؤمن بالآخرة وبين الكافر بها، في أخلاقهما، وفي مقاييسهما، ونظرتهما إلى الأمور، العمل الحسن في نظر الكافر هو كل ما يجلب له كسباً وربحاً في الدنيا، وكل همه إشباع رغباته الذاتية، لا يتحرج من استخدام الوسائل الظالمة لبلوغ أهدافه، والعمل السيء في نظره هو كل ما يدخل ضرراً على مصالحه الدنيوية، أو يحول بينه وبين إشباع شهوة من شهواته. أما المؤمن بالآخرة فالعمل الحسن في نظره هو كل ما يرضى الله عز وجل. والعمل السيئ هو كل ما يؤدي إلى غضبه، والعمل الحسن يكون حسناً، في نظر المؤمن، وإن لم يجلب له منفعة شخصية عاجلة في الدنيا. بل يكون حسناً وإن كان مضرا ًببعض مصالحه الدنيوية لأنه على ثقة من أن الله سيجازيه في الحياة الدائمة. المؤمن بالآخرة لا يسلم بنسبية الأخلاق، لأنها قيم ثابتة مطلقة منزلة من عند الله، لهذا كله فإن الإيمان بالآخرة هو الذي يجعل الإنسان يختار في الدنيا طريقاً أو سلوكاً دون آخر. وفي الحقيقة يستحيل أن يكون الإنسان صالحاً إذا كان كافراً باليوم الآخر، لأن إنكار الحياة الأخرى والحساب يقتلع الإحساس بالمسؤولية من قلبه ويهبط به من مستوى الإنسانية المكرمة إلى مستوى أسفل الحيوانات. والإيمان بالآخرة يُفيض السلام والسكينة على روح المؤمن وشعوره، ويبعد عنه القلق والسخط والقنوط، الإيمان بالآخرة يعنى الإيمان بأن الحساب الختامي ليس في هذه الدنيا، بل هو هناك في الحياة الأخرى حيث العدالة المطلقة مضمونة بين يدي الله، فلا ندم إذن في قلب المؤمن، ولا قلق ولا قنوط بسبب ما يقع للإنسان في الحياة الدنيا، فالعدل والجزاء واقع لاشك فيه. والإيمان بالآخرة حارس للقيم الأخلاقية النبيلة، حاجز دون الاندفاع في الصـراع المحموم على متاع الدنيا، ذلك الصـراع الذي تداس فيه القيم والحرمات والأخلاق وأوامر الله ونواهيه بلا حرج ولا حياء.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك