الدكتور فاضل حسن شريف
عن کتاب مسند الإمام المجتبى أبي محمد الحسن بن علي عليه السلام للمؤلف عزيز الله عطاردي: جاء في باب رطب الجنة: قال المجلسي، وجدت في بعض مؤلفات اصحابنا أنه روى مرسلا عن جماعة من الصحابة قالوا: دخل النبي صلى اللّه عليه و آله دار فاطمة عليها السلام فقال: يا فاطمة إنّ أباك اليوم ضيفك فقالت عليها السلام: يا ابت إن الحسن و الحسين يطالباني بشيء من الزاد فلم أجد لهما شيئا يقتاتان به ثم ان النبي صلى اللّه عليه و آله دخل و جلس مع عليّ و الحسن و الحسين، و فاطمة: و فاطمة متحيرة ما تدري كيف تصنع، ثم إن النبي صلى اللّه عليه و آله نظر الى السماء ساعة و اذا بجبرئيل عليه السلام قد نزل، و قال: يا محمد العلي الاعلى يقرئك السلام و يخصّك بالتحية و الاكرام، و يقول لك قل لعلي و فاطمة و الحسن و الحسين: أي شيء يشتهون من فواكه الجنة؟ فقال النبي صلى اللّه عليه و آله يا علي و يا فاطمة و يا حسن و يا حسين إنّ ربّ العزة علم أنكم جياع، فاي شيء تشتهون من فواكه الجنة، فأمسكوا عن الكلام و لم يردّوا جوابا حياء من النبي صلى اللّه عليه و آله، فقال الحسين عليه السلام عن اذنك يا أباه، يا أمير المؤمنين، و عن اذنك يا امّاه يا سيدة نساء العالمين، و عن اذنك يا أخاه الحسن الزكي اختار لكم شيئا من فواكه الجنة فقالوا جميعا: قل يا حسين ما شئت فقد رضينا بما تختاره لنا فقال: يا رسول اللّه قل لجبرئيل انا نشتهي رطبا جنيا. فقال النبي صلى اللّه عليه و آله: قد علم اللّه ذلك ثم قال: يا فاطمة قومي و ادخلي البيت و احضري إلينا ما فيه، فدخلت فرأت فيه طبقا من البلّور، مغطّى بمنديل من السندس الأخضر، و فيه رطب جني في غير أوانه فقال النبي: يا فاطمة أَنَّى لَكِ هذا؟ "قالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ" (ال عمران 37) كما قالت مريم بنت عمران. فقام النبي صلى اللّه عليه و آله و تناوله و قدّمه بين أيديهم ثم قال: بسم اللّه الرحمن الرحيم ثم أخذ رطبة واحدة فوضعها في فم الحسين عليه السلام. فقال: هنيئا مريئا لك يا حسين، ثم أخذ رطبة فوضعها في فم الحسن عليه السلام فقال هنيئا مريئا يا حسن، ثم أخذ رطبة ثالثة فوضعها في فم فاطمة الزهراء عليها السلام و قال لها: هنيئا مريئا لك يا فاطمة الزهراء، ثم أخذ رطبة رابعة فوضعها في فم عليّ عليه السلام و قال: هنيئا مريئا لك يا علي. ثم ناول عليّا رطبة اخرى و النبي صلى اللّه عليه و آله يقول له: هنيئا مريئا لك يا علي ثم وثب النبي صلى اللّه عليه و آله قائما ثم جلس ثم أكلوا جميعا من ذلك الرطب فلمّا اكتفوا و شبعوا ارتفعت المائدة إلى السماء باذن اللّه تعالى.
قال أبو جعفر رحمه الله: فرجع ابن عباس إلى عليّ عليه السلام، فأخبره، فدعا الحسن ابنه عليه السلام و عمّار بن ياسر، أرسلهما إلى الكوفة، فلمّا قدماها كان أوّل من أتاهما مسروق بن الأجدع، فسلّم عليهما، و أقبل على عمّار، فقال: يا أبا اليقظان، على م قتلتم أمير المؤمنين؟ قال: على شتم أعراضنا، و ضرب أبشارنا قال: فو اللّه ما عاقبتم بمثل ما عوقبتم به و لئن صبرتم لكان خيرا للصابرين. ثمّ خرج أبو موسى، فلقي الحسن عليه السلام، فضمّه إليه و قال لعمّار: يا أبا اليقظان، أغدوت فيمن غدا على أمير المؤمنين و أحللت نفسك مع الفجار؟ قال: لم أفعل، و لم تسؤني؟ فقطع عليهما الحسن، و قال لأبي موسى: يا أبا موسى، لم تثبّط الناس عنّا، فو اللّه ما أردنا إلا الإصلاح، و ما مثل أمير المؤمنين يخاف على شيء، قال أبو موسى: صدقت بأبي و امّي و لكنّ المستشار مؤتمن، سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يقول: ستكون فتنة و ذكر تمام الحديث. فغضب عمّار و ساءه ذلك، و قال: أيها الناس، إنّما قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله ذلك له خاصّة، و قام رجل من بني تميم فقال لعمّار: اسكت أيها العبد أنت أمس مع الغوغاء و تسافه أميرنا اليوم، و ثار زيد بن صوحان و طبقته، فانتصروا لعمّار، و جعل أبو موسى يكفّ النّاس و يردعهم عن الفتنة، ثم انطلق حتى صعد المنبر، و أقبل زيد بن صوحان و معه كتاب من عائشة إليه خاصّة، و كتاب منها إلى أهل الكوفة عامّة، تثبّطهم عن نصرة عليّ، و تأمرهم بلزوم الأرض. و قال: أيها الناس، انظروا إلى هذه، أمرت أن تقرّ في بيتها، و أمرنا نحن أن نقاتل، حتى لا تكون فتنة، فأمرتنا بما أمرت به، و ركبت ما أمرنا به، فقام إليه شبث بن ربعي، فقال له: و ما أنت و ذلك أيها العماني الأحمق، سرقت أمس بجلولاء فقطعك اللّه و تسبّ أمّ المؤمنين فقام زيد، و شال يده المقطوعة و أومأ بيده إلى أبي موسى و هو على المنبر و قال له: يا عبد اللّه بن قيس، أ تردّ الفرات عن أمواجه دع عنك ما لست تدركه. ثم قرأ: "الم * أحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا" (العنكبوت 1-2)، ثم نادى: سيروا إلى أمير المؤمنين و صراط سيّد المرسلين و انفروا إليه أجمعين، و قام الحسن بن علي عليه السلام، فقال: أيها الناس، أجيبوا دعوة إمامكم، و سيروا إلى إخوانكم، فانه سيوجد لهذا الأمر من ينفر إليه، و اللّه لأن يليه اولو النهي أمثل في العاجلة، و خير في العاقبة، فأجيبوا دعوتنا، و أعينونا على أمرنا؛ أصلحكم اللّه.
قال الشيخ المفيد: دعا أمير المؤمنين عليه السلام الحسن ابنه و عمار بن ياسر و قيس بن سعد و بعثهم الى أبي موسى و كتب معهم من عبد اللّه علي أمير المؤمنين الى عبد اللّه بن قيس أما بعد يا ابن الحائك و اللّه اني كنت لا أرى بعدك من هذا الأمر الذي لم يجعلك اللّه له أهلا و لا جعل لك فيه نصيبا. قد بعثت لك الحسن و عمار أو قيسا، فاخل لهم المصر و أهله و اعتزل عملنا مذموما مدحورا، فان فعلت، و الّا أمرتهم أن ينابذوك على سواء، إن اللّه لا يحبّ الخائنين فان أظهروا عليك قطعوك إربا إربا، و السلام على من شكر النعم و رضي البيعة و عمل للّه رجاء العاقبة. و لما نزل الحسن عليه السلام و عمار و قيس الكوفة و معهم كتاب أمير المؤمنين عليه السلام، قام فيهم الحسن فقال: أيها الناس قد كان من أمير المؤمنين عليه السلام ما يكفيكم جملته، و قد أتيناكم مستنفرين لكم، لأنكم جبهة الأنصار و سنام العرب و قد نقض طلحة و الزبير بيعتهما و خرجا بعائشة و هي من النساء و ضعف رأيهنّ. كما قال اللّه تعالى: "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء" (النساء 34)، أما و اللّه لئن لم تنصروه لينصرنه اللّه يتبعه من المهاجرين و الأنصار و سائر الناس، فانصروا ربكم ينصركم. ثم قام عمار و خطب خطبة طويلة، ثم نزل، فصعد الحسن بن علي عليهما السلام على المنبر، فحمد اللّه و أثنى عليه و ذكر جدّه فصلّى عليه و ذكر فضل أبيه و سابقته و قرابته من رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و أنه أولى بالأمر من غيره، ثم قال: معاشر الناس إنّ طلحة و الزبير بايعا عليّا طائعين غير مكرهين، ثم نفرا و نكثا بيعتهما له، فطوبى لمن خفّ في مجاهدة من جاهده، فان الجهاد معه كالجهاد مع النبي صلى اللّه عليه و آله.
https://telegram.me/buratha