الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في كتاب الصلاة للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: وانما ظاهرها أن ثواب الآتي بالفريضة في اول وقتها واجره الرضوان الموصوف في كلام الله سبحانه بالاكبر في قوله عز من قائل: ورضوان من الله اكبر) كما أن اجر الآتي بها في آخر الوقت ان تمحى سيئاته، لا العفو عن تأخيره الصلاة عن اول وقتها إذا فالمرسلة - كسابقتها - على خلاف المطلوب ادل. و (منها): ما رواه الشيخ في تهذيبه عن ربعي عن ابي عبد الله عليه السلام قال: إنا لنقدم ونؤخر، وليس كما يقال: من اخطأ وقت الصلاة فقد هلك، وانما الرخصة للناسي، والمريض، والمدنف، والمسافر، والنايم في تأخيرها وذكر في الحدائق أن هذه المعدودات في الرواية انما خرجت مخرج التمثيل دون الحصر، بمعنى ان الخارج عن كبرى: من اخطأ وقت الصلاة فقد هلك مطلق المعذور، لا خصوص المذكورات في الرواية. والاستدلال بها على ما يرومه (قده) يبتني على أن يكون قوله. من اخطاء. اول كلام ابتدأه عليه السلام ولا يكون مقولا لقوله: وليس كما يقال. وهذا ممنوع بتاتا لان الظاهر ان قوله: من اخطاء. مقول لقوله: وليس كما يقال، بمعنى ان هذا الكلام الذي يقال اعني من اخطاء. ليس كما يقال وليس امرا صحيحا بل نحن ايضا نقدم الصلاة ونؤخرها. وإلا فلم يذكر مقول لقوله: وليس كما يقال وهو خلاف الظاهر جدا. أضف إلى ذلك انها ضعيفة السند، لان فيه اسماعيل بن سهل وقد "وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" (التوبة 72) المروية من ابواب المواقيت من الوسائل. ذكر النجاشي انه ممن ضعفه اصحابنا. و (منها): ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن ابي عبد الله عليه السلام قال: لكل صلاة وقتان واول الوقتين أفضلهما، ووقت صلاة الفجر حين ينشق الفجر إلى أن يتجلل الصبح السماء، ولا ينبغي تأخير ذلك عمدا ولكنه وقت من شغل أو نسي، أو سهى، أو نام ووقت المغرب حين الشمس إلى ان تشتبك النجوم، وليس لاحد أن يجعل آخر الوقتين وقتا الا من عذر أو من علة. وهذه الرواية وان كانت صحيحة السند إلا أنها قاصرة الدلالة على المدعى وذلك لان قوله: لا ينبغي حسبما قدمناه في محله وان كان ظاهرا في التحريم لانه بمعنى لا يتيسر ولا يمكن تكوينا أو تشريعا على ما استظهرناه من موارد استعمالاته في الآيات والروايات إلا أن في الرواية قرينة على انه بمعنى الكراهة والامر غير المناسب لا انه بمعنى الحرام، والقرينة قوله عليه السلام في صدرها: واول الوقتين افضلهما، لدلالته على أن الاول والثاني مشتركان في مقدار من الفضل غير أن الاول افضل، فلو كان تأخير الصلاة إلى الوقت الثاني محرما لم يعقل ان يكون فيه أي فضل، وبهذه القرينة يظهر ان (لا ينبغي) بمعنى لا يناسب لا انه بمعني التحريم.
جاء في كتاب التنقيح في شرح المكاسب للسيد ابو القاسم الخوئي - الشخ ميرزا علي الغروي: أنّ المبادلة لابدّ من أن تقع بين الاضافتين بأن يكون المال المضاف إلى أحدهما مضافاً إلى الآخر وبالعكس ، هو الذي ذكره العلاّمة في بعض كتبه من أنّه لابدّ في البيع من أن يدخل المبيع في كيس من خرج عنه الثمن وبالعكس وإلاّ فلا معنى لخروج الثمن من كيس أحد ودخول المثمن في ملك آخر وهذا أيضاً هو مقتضى الفهم العرفي ، فإنّ العرف لا يرى مثله بيعاً أبداً ، ويشهد له جميع موارد استعمال لفظ البيع والشراء في الكتاب المجيد مثل قوله تعالى : "إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ" (التوبة 111)لا بأن يكون الجنّة لغيرهم وهذا ظاهر.
جاء في كتاب الاجتهاد والتقليد للسيد ابو القاسم الخوئي: وعن شيخنا الانصاري قدس سره في رسالته الموضوعة في الاجتهاد والتقليد - دعوى الاتفاق على عدم الجواز لانصراف الاطلاقات الدالة على جواز التقليد عمن له ملكة الاجتهاد، واختصاصها بمن لا يتمكن من تحصيل العلم بها. وما أفاده قدس سره هو الصحيح وذلك لان الاحكام الواقعية قد تنجزت على من له ملكة الاجتهاد بالعلم الاجمالي أو بقيام الحجج والامارات عليها في محالها وهو يتمكن من تحصيل تلك الطرق، إذا لابد له من الخروج عن عهدة التكاليف المتنجزة في حقه ولا يكفى في ذلك أن يقلد الغير، إذ لا يترتب عليه الجزم بالامتثال فانه من المحتمل أن لا تكون فتوى الغير حجة في حقه لوجوب العمل بفتيا نفسه ونظره فلا يدري أنها مؤمنة من العقاب المترتب على مخالفة ما تنجز عليه من الاحكام الواقعية والعقل قد استقل بلزوم تحصيل المؤمن من العقاب ومع الشك في الحجية يبنى على عدمها فان الشك في الحجية يساوق القطع بعدمها على ما بيناه في محله. ولا يقاس صاحب الملكة بمن ليست له ملكة الاجتهاد بالفعل إلا أنه يتمكن من تحصيلها لاستعداده وقابليته ولو بالاشتغال بالدراسة سنين متمادية. وذلك لانه غير متمكن حقيقة من تحصيل العلم التعبدي بالاحكام ولا يحتمل حرمة التقليد عليه، بأن يحتمل وجوب الاجتهاد في حقه، كيف فان الاجتهاد واجب كفائي وليس من الواجبات العينية كما هو مقتضى قوله عز من قائل: "فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ" (التوبة 122) لدلالته على أن الاجتهاد وتحصيل العلم بالاحكام إنما يجب على طائفة من كل فرقة لا على الجميع. وهذا بخلاف صاحب الملكة إذ من المحتمل أن يجب عليه الاجتهاد وجوبا تعيينيا لتمكنه من تحصيل العلم بالاحكام ويحرم عليه التقليد لانصراف أدلة الجواز عنه، حيث أن ظاهرها أن جواز التقليد يختص بمن لا يتمكن من تحصيل العلم بالاحكام فمثل قوله عز من قائل: فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون يختص بمن لا يكون من اهل الذكر ولو بالقوة لوضوح أنه لو كان خطابا للمتمكن من تحصيل العلم بالاحكام لم يناسبه الامر بالسؤال بل ناسب أن يأمره بتحصيل العلم بها فان مثله لا يخاطب بذلك الخطاب وهكذا الكلام في بقية أدلته لوضوح اختصاصها بمن لا يتمكن من تحصيل الحجة على الحكم حتى السيرة العقلائية الجارية على رجوع الجاهل إلى العالم.
https://telegram.me/buratha