الدكتور فاضل حسن شريف
قال الله تعالى عن كلمة سم ومشتقاتها "فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ" ﴿الواقعة 42﴾ سموم اسم، سموم: ريح شديدة الحرارة تدخل المَسام، فِي سَمُومٍ: ريح حارة، في سموم: ريح جارة من النار تنفذ في المسام، وأصحاب الشمال ما أسوأ حالهم جزاءهم في ريح حارة من حَرِّ نار جهنم تأخذ بأنفاسهم، وماء حار يغلي، وظلٍّ من دخان شديد السواد، لا بارد المنزل، ولا كريم المنظر، و "وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ" ﴿الحجر 27﴾ السَّمُومِ: ال اداة تعريف، سَّمُومِ اسم، نار السموم: نار جهنم، و قيل لجهنم: سموم، و السموم: هي الريح الحارة القاتلة، نارِ السَّمومِ: لهب النار، من نار السموم: هي نار لا دخان لها تنفذ من المسام، وخلقنا أبا الجن، وهو إبليس مِن قَبْل خلق آدم من نار شديدة الحرارة لا دخان لها، و "فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ" ﴿الطور 27﴾ عذاب السّموم: نار جهنّم النّـافذة في المَـسَامّ، وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ: حفظنا من عذاب النار، وأقبل أهل الجنة، يسأل بعضهم بعضًا عن عظيم ما هم فيه وسببه، قالوا: إنا كنا قبل في الدنيا ونحن بين أهلينا خائفين ربنا، مشفقين من عذابه وعقابه يوم القيامة، فمنَّ الله علينا بالهداية والتوفيق، ووقانا عذاب سموم جهنم، وهو نارها وحرارتها، إنا كنا من قبلُ نضرع إليه وحده لا نشرك معه غيره أن يقينا عذاب السَّموم ويوصلنا إلى النعيم، فاستجاب لنا وأعطانا سؤالنا، إنه هو البَرُّ الرحيم. فمن بِره ورحمته إيانا أنالنا رضاه والجنة، ووقانا مِن سخطه والنار، و "إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ" ﴿الأعراف 40﴾ سم اسم، سمّ الخياط: ثقب الإبرة، يَلِجَ الجَمَلُ في سَمِّ الخِياطِ: يدخل الجمل في ثقب الإبرة، إن الكفار الذين لم يصدِّقوا بحججنا وآياتنا الدالة على وحدانيتنا، ولم يعملوا بشرعنا تكبرًا واستعلاءً، لا تُفتَّح لأعمالهم في الحياة ولا لأرواحهم عند الممات أبواب السماء، ولا يمكن أن يدخل هؤلاء الكفار الجنة إلا إذا دخل الجمل في ثقب الإبرة، وهذا مستحيل. ومثل ذلك الجزاء نجزي الذين كثر إجرامهم، واشتدَّ طغيانهم.
ورد كلمة سم ومشتقاتها في القرآن الكريم: سَمِّ، السَّمُومِ، سَمُومٍ.جاء في معاني القرآن الكريم: سمم السم والسم: كل ثقب ضيق كخرق الإبرة، وثقب الأنف، والأذن، وجمعه سموم. قال تعالى: "حتى يلج الجمل في سم الخياط" (الاعراف 40)، وقد سمه، أي: دخل فيه، ومنه: السامة (في اللسان: والسامة: الخاصة، يقال: كيف السامة والعامة؟) للخاصة الذين يقال لهم: الدخلل (انظر: البصائر 3/256)، الذين يتداخلون في بواطن الأمر، والسم القاتل، وهو مصدر في معنى الفاعل، فإنه بلطف تأثيره يدخل بواطن البدن، والسموم: الريح الحارة التي تؤثر تأثير السم. قال تعالى: "ووقانا عذاب السموم" (الطور 27)، وقال: "في سموم وحميم" (الواقعة 42)، "والجان خلقناه من قبل من نار السموم" (الحجر 27).
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى "فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ" ﴿الواقعة 42﴾ يشير سبحانه إلى ثلاثة أنواع من العقوبات التي يواجهونها، الهواء الحارق القاتل من جهة سَمُومٍ و الماء المغلي المهلك من جهة اخرى وَ حَمِيمٍ، و ظلّ الدخان الخالق الحارّ من جهة ثالثة وَ ظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ هذه الألوان من العذاب تحاصرهم و تطوقهم و تسلب منهم الصبر و القدرة إنّها آلام و عذاب لا يطاق، و لو لم يكن غيره من جزاء لكفاهم. "سموم": من مادّة (سمّ) بمعنى الهواء الحارق الذي يدخل في مسام الجلد فتهلكهم، (و يقال للسمّ سمّا لأنّه ينفذ في جميع خلايا الجسم). قوله تعالى "وَ الْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ" (الحجر 27) "السّموم" لغة: الهواء الحارق، و سمّي بالسموم لأنّه يخترق جميع مسامات بدن الإنسان، و كذلك يطلق على المادة القاتلة (السم) لأنّها تنفذ في بدن الإنسان و تقتله. "السموم" يعني الحرارة التي تدخل في مسام البدن فتؤذي الإنسان، و يطلق على الريح التي تتسم بهذه السمة بريح السموم كما يطلق عذاب السموم على مثل هذا العذاب الذي تدخل حرارته مسام البدن فتؤذيه. و أمّا إطلاق كلمة (السم) على المواد القاتلة فهو لأنّها تنفذ في جميع أجزاء البدن. الحيوان الذي يقتل نتيجة هجوم حيوان متوحش عليه، و سمي هذا النوع في الآية ب "ما أكل السبع" (المائدة 3). و قد يكون جزءا من فلسفة تحريم هذه الأنواع من الحيوانات، هو عدم نزفها المقدار الكافي من الدم لدى الموت أو القتل، لأنّه ما لم تقطع عروق رقابها لا تنزف الدم بمقدار كاف، و لما كان الدم محيطا مناسبا جدا لنمو مختلف أنواع الجراثيم، و بما أنّه يتفسخ حين يموت الحيوان قبل الأجزاء الأخرى من الجسد، لذلك يتسمم لحم الحيوان و لا يمكن أن يعد هذا اللحم من اللحوم السليمة، و غالبا ما يحصل هذا التسمم عند ما يموت الحيوان على أثر مرض أو من جراء التعذيب أو نتيجة تعرضه لملاحقة حيوان متوحش آخر. قال جماعة: إنّ العامل الأصلي للنوم هو عامل كيمياوي و يعتقدون أن الإنسان في حالة السعي و العمل تزداد فيه السموم بحيث تؤدي الى تعطيل قسم من المخ عن عمله، فينام الإنسان على أثر ذلك، و حين تتلاشى السموم و تسيطر عليها كريات الدم يتيقظ الإنسان مرّة أخرى و قال جماعة آخرون: إنّ العامل الأصلي للنوم هو عامل عصبي و يعتقدون أن للنشاط العصبي خصوصية في المخ لها حكم وقود السيارة، فعند ما تتعب ينطفئ المخ و يتوقف عن العمل مؤقتا. و لكن هناك أسئلة و نقاط مبهمة حول جميع هذه النظريات، لم نحصل إلى الآن على جواب واضح لها، و ما يزال النوم محتفظا بوجهه المليء بالأسرار. من خواص و فوائد العنب، أنّه: مقاوم للسموم، مفيد لتصفية الدم، يقي من الروماتيزم و النقرس، مضاد فعّال ضد زيادة السموم الحاصلة في الدم، مقو للأعصاب و منشط و يعطي للإنسان القوّة و القدرة الكافية لما فيه من كميات مناسبة لأنواع (الفيتامينات). نعلم أيضا بأنّ النور منشأ لكلّ حياة و حركة و نمو و رشد في الحياة، بالنسبة إلى الإنسان و الحيوان و النبات، على عكس الظلام فهو عامل الصمت و النوم و الموت و الفناء في حال استمراره. لذا فلا عجب حينما يشبه القرآن الكريم (الإيمان و الكفر) (بالنور و الظلمة) تارة و (بالحياة و الموت) تارة اخرى، و في مكان آخر يشبّههما (بالظلّ الظليل و الريح السموم).
https://telegram.me/buratha