الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في کتاب زينب الكبري للشيخ جعفر النقدي عن العقيلة زينب بنت علي بن أبي طالب عليها السلام: أبوها فهو أمير المؤمنين، و سيد الوصيين، و إمام المتقين و قائد الغر المحجلين، الى جنات النعيم أبو الحسن علي بن ابي طالب بن عبد المطلب ابن هاشم بن عبد مناف ابن عم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الذى رباه النبي صلى الله عليه وآله وسلم طفلا، و علمه علم ما كان و ما يكون شابا، و نصبه من بعده علما لامته كهلا، و فضائله لا تحصى، و مناقبه لا نستقصى و بحار علمه لا ننزف، و أطواد حلمه لا نتزعزع، أعلم الناس بعد رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم و أحلمهم، و أجودهم، و أكرمهم و أزهدهم و أشجعهم و أعبدهم و أوفاهم و أورعهم و أقضاهم. و كانت امامته بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثلاثين سنة. كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحب ذرية فاطمة عليها السلام حبا جما حتى قال أبو هريرة رأيت رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم يمص لعاب الحسن و الحسين كما يمص الرجل اللبن و عن اسامة بن زيد قال طرقت رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم ليلة لحاجة فخرج و هو مشتمل على شيء لا أدري ما هو فلما فرغت من حاجتي قلت ما هذا الذى أنت مشتمل عليه يا رسول اللّه فاذا هو حسن و حسين على وركه، فقال هذان ابناي و ابنا بنتي، اللهم انك تعلم اني احبهما فأحبهما ثلاث مرات و عن جابر بن عبد اللّه الانصاري قال دخلت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم و على ظهره الحسن و الحسين عليه السلام و هو يقول نعم الجمل جملكما و نعم العدلان انتما. عن زاذان عن سلمان قال سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم يقول في الحسن و الحسين اللهم اني احبهما فاحبهما و أحب من أحبهما و قال صلى الله عليه وآله وسلم من أحب الحسن و الحسين أحببته و من أحببته أحبه اللّه، و من أحبه اللّه أدخله الجنة، و من أبغضهما أبغضته و من أبغضته أبغضه اللّه و من أبغضه اللّه أدخله النار و قال صلى الله عليه وآله وسلم هذان ريحانتاي من الدنيا و قال صلى الله عليه وآله وسلم الولد ريحانة و ريحانتي الحسن و الحسين. و في ارشاد المفيد محمد بن محمد بن النعمان العكبري رحمه اللّه كان الحسن عليه السلام أشبه الناس برسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم خلقا و هديا و سؤددا روى ذلك جماعة منهم معمر عن الزهري عن أنس بن مالك، قال لم يكن احد أشبه برسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم من الحسن بن علي عليه السلام و روى ابراهيم بن علي الرافعي عن أبيه عن جدته زينب بنت أبي رافع و شبيب ابن أبي رافع الرافعي عن جدته، أتت فاطمة عليها السلام بابنيها الحسن و الحسين الى رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم في شكواه التي توفي فيها فقالت يا رسول اللّه هذان ابناك فورثهما شيئا فقال صلى الله عليه وآله وسلم أما الحسن فان له هيبتي و سؤددي و أما الحسين فان له جودي و شجاعتي. و في مودة القربى للعالم العارف السيد علي بن شهاب الدين الهمداني عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال دخلت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاذا بالحسين عليه السلام على فخذه و هو يقبل عينيه و يقبل فاه و يقول انت سيد و ابن سيد انت امام و ابن امام انت حجة و ابن حجة و انت ابو حجج تسعة تاسعهم قائمهم.
وعن ولادة السيدة زينب عليها السلام يقول الشيخ جعفر النقدي رحمه الله: لما ولدت زينب عليها السلام جاءت بها امها الزهراء عليها السلام الى أبيها أمير المؤمنين عليها السلام و قالت سم هذه المولودة فقال ما كنت لا سبق رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم -و كان في سفر له-و لما جاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم و سأله علي عليه السلام عن اسمها فقال ما كنت لا سبق ربي تعالى، فهبط جبرئيل يقرأ على النبي السّلام من اللّه الجليل و قال له سم هذه المولودة زينب فقد اختار اللّه لها هذا الاسم، ثم أخبره بما يجري عليها من المصائب فبكى النبي صلى الله عليه وآله وسلم و قال من بكى على مصاب هذه البنت كان كمن بكى على اخويها الحسن و الحسين، و تكنى بام كلثوم كما تكنى بام الحسن أيضا و لم نقف له على حقيقة و يقال لها زينب الكبرى للفرق بينها و بين من سميت باسمها من أخواتها، و كنيت بكنيتها كما انها تلقب بالصديقة الصغرى للفرق بينها و بين امها الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء عليه السلام و تلقب بالعقيلة و عقيلة بني هاشم و عقيلة الطالبيين-و العقيلة هي المرأة الكريمة على قومها العزيزة في بيتها و زينب فوق ذلك-و بالموثقة و العارفة، و العالمة غير المعلمة، و الفاضلة، و الكاملة، و عابدة آل علي و غير ذلك من الصفات الحميدة و النعوت الحسنة، و هي أول بنت ولدت لفاطمة صلوات اللّه عليها في أشهر الاقوال، و هو القول الذي نعتمد عليه و نختاره، و قيل أول بنات فاطمة اسمها رقية و كنيتها أم كلثوم، و هي التي تزوجها عمر بن الخطاب و أولدها زيدا، و ماتت في حياة أخيها الحسن بن علي عليه السلام و الصحيح المشهور هو ما اعتمدنا عليه. و الذي يترجح عندنا هو أن ولادة زينب كانت في الخامسة من الهجرة و ذلك حسب الترتيب الوارد في اولاد الزهراء عليه السلام أضف الى ذلك ان الخبر المروى في البحار عن العلل في باب معاشرة فاطمة مع علي عليهما السّلام جاء فيه (حملت الحسن على عاتقها الايمن و الحسين على عاتقها الايسر و اخذت بيد ام كلثوم اليسرى بيدها اليمنى ثم تحولت الى حجرة أبيها صلى الله عليه وآله وسلم و أم كلثوم هذه ان كانت هي زينب عليه السلام فذلك دليل على انها كانت كبيرة، و ان كانت اختها فذاك دليل على ان امها عليها السلام تركت زينب لتنوب منابها في الشؤون المنزلية فهي كانت كبيرة اذن، و قد روى صاحب ناسخ التواريخ في كتابه (ان زينب اقبلت عند وفاة امها و هى تجر رداءها و تنادي يا أبتاه يا رسول اللّه الآن عرفنا الحرمان من النظر اليك (و روى) هذه الرواية صاحب البحار عن الروضة بهذا اللفظ (و خرجت ام كلثوم و عليها برقعة تجر ذيلها متجلببة برداء عليها تسحبهما و هى تقول يا أبتاه يا رسول اللّه الآن حقا فقد ناك فقدا لا لقاء بعده أبدا) و أم كلثوم هذه هى زينب عليها السلام من غير شك كما صرح باسمها في رواية صاحب الناسخ و لكونها اكبر بنات فاطمة عليهاالسّلام، و هذا دليل واضح على انها كانت عند وفاة امها في السادسة أو السابعة من عمرها، و لهذا الخبر نظائر و مؤيدات منها ما نقله في الطراز المذهب عن بحر المصائب عن بعض الكتب لما دنت الوفاة من النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأى كل من أمير المؤمنين و الزهراء عليها السلام رؤيا تدل على وفاته صلى الله عليه وآله وسلم فاخذا بالبكاء و النحيب فجاءت زينب الى جدها رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم و قالت يا جداه رأيت البارحة رؤيا انها انبعثت ريح عاصفة سودت الدنيا و ما فيها و اظلمتها و حركتني من جانب الى جانب فرأيت شجرة عظيمة فتعلقت بها من شدة الريح فاذا بالريح قلعتها و الفتها على الارض ثم تعلقت على غصن قوي من أغصان تلك الشجرة فقطعتها أيضا فتعلقت بفرع آخر فكسرته أيضا فتعلقت على أحد الفرعين من فروعها فكسرته أيضا فاستيقظت من نومي فبكى صلى الله عليه وآله وسلم و قال الشجرة جدك و الفرع الاول امك فاطمة و الثاني أبوك علي و الفرعان الآخران هما أخواك الحسنان تسود الدنيا لفقدهم و تلبسين لباس الحداد في رزيتهم، و سيأتي أنها روت عن امها الاخبار.
وعن نشأتها و تربيتها عليها السلام يقول الشيخ النقدي رحمه الله: قد كانت نشأة هذه الطاهرة الكريمة، و تربية تلك الدرة اليتيمة زينب عليها السّلام في حضن النبوة، و درجت في بيت الرسالة رضعت لبان الوحي من ثدي الزهراء البتول، و غذيت بغذاء الكرامة من كف ابن عم الرسول، فنشأت نشأة قدسية، و ربيت تربية روحانية، متجلبية جلابيب الجلال و العظمة، متردية رداء العفاف و الحشمة، فالخمسة اصحاب العباء عليهم السلام هم الذين قاموا بتربيتها و تثقيفها و تهذيبها و كفاك بهم مؤدبين و معلمين. و لما غربت شمس الرسالة، و غابت الانوار الفاطمية، و تزوج أمير المؤمنين بامامة بنت أبي العاص و امها زينب بنت رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم بوصية من فاطمة عليها السلام. كان رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم يحب امامة بنت أبي العاص بن الربيع حبا شديدا و كان يفضلها على أهل بيته فيما يهدى اليه. (قالت عائشة) اهديت له هدية فيها قلادة من جزع فقال صلى الله عليه وآله وسلم لأدفعنها الى أحب أهلي الي فقالت النساء ذهبت بها ابنة أبي قحافة فدعا رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم أمامة بنت زينب فاعلقها في عنقها و عن عائشة أيضا ان النجاشي أهدى الى النبي صلى الله عليه وآله وسلم حلية فيها خاتم من ذهب فصه حبشي فاعطاه أمامة، خطبها المغيرة بن نوفل بن الحرث ابن عبد المطلب ثم أبو الهياج ابن أبي سفيان ابن الحرث فروت عن علي عليه السلام انه لا يجوز لازواج النبي و الوصي ان يتزوجن بغيره بعده، هذا هو الصحيح و أما ما رواه النوفلي و أمثاله فلا نصيب له من الصحة، و كان أبو العاص أبو أمامة هذه ابن اخت خديجة ام زينب بنت رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم و اسم امه هالة بنت خويلد، أسلم قبل الحديبية بخمسة أشهر، و مات في خلافة أبي بكر سنة اثنتي عشرة من الهجرة.
https://telegram.me/buratha