الدكتور فاضل حسن شريف
ويستطرد المؤلف مهدي تاج الدين في كتابه النور المبين في شرح زيارة الأربعين قائلا عن السلام: عن داود بن كثير الرقي قال، قلت: ما معنى السَّلام على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فقال الباقر عليه السلام: إنّ الله لمّا خلق نبيّه ووصيّه وإبنيه وإبنته وجميع الأئمّة وخلق شيعتهم أخذ عليهم الميثاق ، وأن يصبروا ويصابروا وأن يتّقوا الله، ووعدهم أن يسلم لهم الأرض المباركة والحرم الآمن ، وأن ينزل لهم البيت المعمور ويظهر لهم السقف المرفوع وينجّيهم من عدوّهم والأرض الّتي يبدّلها من دار السلم ويسلّم ما فيها لهم ولا شبهة فيها ولا خصومة فيها لعدوّهم وأن يكون لهم فيها ما يحبّون، وأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الأئمة وشيعتهم الميثاق بذلك، وإنّما عليه أن يذكره نفس الميثاق وتجديد له على الله لعلّه أن يعجله ويعجل المسلم لهم بجميع ما فيه. انّه مأخوذ من السَّلام الّذي هو إسم من أسماء الله كما قال "السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ" (الحشر 23)، وقال "لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ" (الانعام 127) فمعنى السَّلام عليك يعني الله عليك، أي حافظ لأسرارك وعلومك من أن تنالها أيدي الجهلة وعاصم لك من الرجس والسهو والخطاء ومن كلّ مكروه. أو مأخوذ من السلم وهو الصلح كما قال تعالى "وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ" (الانفال 61) وقال: إنّي سلم لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم، أي مسالم ومصالح لمن صالحتم، وقيل غير ذلك.
وعن عرض الأعمال يقول مؤلف الكتاب مهدي تاج الدين: وعن أبي الحسن قال: سأل عن قول الله عزّ وجل: "اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّـهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ" (التوبة 105) قال: إنّ أعمال العباد تعرض على رسول الله كلّ صباح وأبرارها وفجارها فاحذروا. وعن أبي جعفر عليه السلام: تعرض كلّ خميس على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلى أمير المؤمنين عليه السلام ومن المعلوم والواضح لو لم يكونوا: أحياء ما تعرض عليهم أعمال العباد، وعرض الأعمال من شأن الأحياء لا الأموات. وعن الباقر عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه: حياتي خير لكم تحدّثون ونحدّث لكم ، ومماتي خير لكم تعرض عليّ أعمالكم، فإن رأيتُ حسناً جميلاً حمدت الله على ذلك، وإن رأيتُ غير ذلك إستغفرت الله لكم. قال السيد حسين الهمداني في كتابه الشموس الطالعة من مشارق زيارة الجامعة: إنّما سمّى تبارك وتعالى نفسه السلام مبالغة لهذه الصّفة فيه تعالى، لأنّه ليس شيء في عالم من العوالم إلّا وهو بتسليم من الله تعالى إلى خلقه، فسمّى نفسه سلاماً مبالغة ، فقوله عليه السلام: (السَّلام عليكم) إشارة إلى أنّ تسليمه الكلّي من دون تقييد بشيء مقصور عليكم أهل البيت ؛ لأنّ جدّكم محمّداً صلى الله عليه وآله وسلم هو الصّادر الأوّل الذي ليس شيء في عالم الوجود من الخير والبركة والنّعمة إلّا وهو ذرّات ما أُوتي صلى الله عليه وآله وسلم، لأنّه في عالم الوجود قاب قوسين أو أدنى، فحيّاه الله تعالى بتسليم جميع ماله من العوالم، بعد تأديبه إيّاه أحسن التأديب، ثمّ فوّض الله أمر دينه، كما هو مفاد غير واحد من الروايات المرويّة في (الكافي) وأخذ ميثاق نبوّته وولايته من تمام ذوي الأرواح بعد ميثاق ربوبيته، فنسبته صلى الله عليه وآله وسلم إليه تعالى كضيف سلطان حيّاه بإيكال اُمور مملكته وسياسة رعيّته إليه، مع الإشارة إليه في كلّ جزء من جزئيّات أُموره وتأييده فيها شيئاً، حيناً بعد حين، ساعة فساعة، بل آناً بعد آن، ورغب رعاياه على طاعته، وحذّرهم عن معصيته، تعظيماً وإجلالاً لذلك الضيف ثم ورّث ذلك أهل بيته، فجعل الإيمان بهم إيماناً به والكفر بهم كفراً به وطاعتهم طاعته وعصيانهم عصيانه ومعرفتهم معرفته وجهلهم جهله.
جاء في کتاب النور المبين في شرح زيارة الأربعين للمؤلف مهدي تاج الدين عن الولي والمولى: الولي والمولى: لها معان متعدّدة فالولاية لغة بكسر الواو بمعنى الامارة والتولية والسلطان، وبالفتح بمعنى المحبة. وأمّا بحسب الاصطلاح فهي حقيقة كلية وصفة إلهية ومن شؤونه الذاتية التي تقتضي الظهور "وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ" (الشورى 28) وحيث إنها كانت في خفاء عن الظهور فاحبت الذات المقدّسة ان تعرف فخلق أي الأشياء لكي تظهر تلك الصفات فتعرف بها. والولاية تسري حكمها في جميع الأشياء فهي رفيقة الوجود تدور معه حيثما دار فكما ان الوجود بحسب الظهور له درجات متشتتة ومراتب متفاوتة بالكمال والنقص والشدّة والضعف ويحمل عليها بالتشكيك، فكذلك الولاية إذا أخذناها بمعنى القرب لها درجات متفاوتة ومراتب مختلفة بالكمال والنقص والشدّة والضعف تحمل عليها بالتشكيك. ثم ان الولاية الثابتة للعبد التي بمعنى القرب تتحقق بالقرب الإيماني والمعنوي. تنقسم الولاية إلى ولاية تكوينية وتشريعية: وتعني الاولى ولاية التصرف في التكوين ابداعاً وتبديلاً من حقية إلى اُخرى أو من صورة إلى غيرها، بغير أسباب طبيعية متعارفة وهي من شأنه تعالى حيث لا مؤثر في الوجوه إلى الله. نعم قد يظهر على أيدي بعض أوليائه المقربين بعض التصرف في التكوين ويسمى بالاعجاز الخارق كالذي ظهر على أيدي الأنبياء دليلاً على نبوتهم وآية على صلتهم بعالم الغيب وهل يمكن ظهوره على يد غير الأنبياء من عباد الله الصالحين. الجواب: نعم، مثل قضية آصف بن برخيا حجة قاطعة على امكان الوقوع "قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ" (النحل 40). وان هذا المقام أيضاً ثابتاً للأئمة المعصومين: خلفاء الرسول وقد تظافرة الروايات في ذلك، قال الإمام الباقر عليه السلام في قوله تعالى "قُلْ كَفَىٰ بِاللَّـهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ" (الرعد 43) هو علي بن أبي طالب. وروىٰ جابر عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: (إنّ اسم الله الأعظم على ثلاث وسبعين حرفاً وإنما كان عند آصف منها حرف واحد إلى أن قال ونحن عندنا من الاسم اثنان وسبعون حرفاً وحرف استأثر الله به ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم).
https://telegram.me/buratha