الدكتور فاضل حسن شريف
عبد العرب قبل وبعد مولد النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم آلهة من دون الله حتى هداهم الله برسالته "وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا" (الفرقان 3) واندادا "وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ" (البقرة 165) ليكون لهم العزة كما يتصورون "وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا" (مريم 81) وقربى الى الله تزلفا " وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى" (الزمر 3) وشفعاء عند الله "وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ" (يونس 18) وليست الاضرحة كما يتصور الوهابية ذلك.
ومن ايات مولد النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم هلاك اصحاب الفيل لان ابرهة ملك الحبشة اراد هدم الكعبة وقتل كل من يقف امامه فقال ابو طالب عليه السلام لابرهة (لهذا البيت رب سيمنعه او يحميه) وهي دلالة على ايمان ابو طالب عكس ما يدعيه الوهابية. فحمى الله تعالى شعب ابي طالب التي ولد فيها النبي في عام الفيل "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ" (الفيل 1-5). وآوى الله نبيه "أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى" (الضحى 6) وشرح صدره "أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ" (الشرح 1) منذ ولادته لذلك فالسورتان الضحى والشرح يكمل بعضهما البعض و يقرءان في الصلاة معا.
جاء في تفسير الميزان للعلامة السيد الطباطبائي: قوله تعالى "إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ" (الحجر 18) قال: قال: لم يزل الشياطين تصعد إلى السماء وتجس حتى ولد النبي صلى الله عليه وآله. وفي المعاني، عن البرقي عن أبيه عن جده عن البزنطي عن أبان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان إبليس يخترق السماوات السبع فلما ولد عيسى عليه السلام حجب عن ثلاث سماوات وكان يخترق أربع سماوات فلما ولد رسول الله صلى الله عليه وآله حجب عن السبع كلها ورميت الشياطين بالنجوم. قال تعالى خطابا لابليس حين إبائه عن السجدة لآدم "فاخرج منها فإنك رجيم" (الحجر 34)، وقال تعالى "فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها" (الاعراف 12) يجوز أن يكون الامر بالهبوط والخروج كناية عن النهى عن المقام هناك بين الملائكة، لا عن أصل الكون فيها بالعروج والمرور من غير مقام واستقرار كالملائكة، ويلوح إليه بل يشهد به ما ربما يظهر من الآيات من إستراق السمع وقد روي أن الشياطين كانوا يعرجون قبل عيسى إلى السماء السابعة فلما ولد عيسى منعوا من السماء الرابعة فما فوقها، ثم لما ولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم منعوا من جميع السموات وخطفوا بالخطفة.
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى "وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ" (الروم 3) بملاحظة أنّ مولد النّبي صلّى اللّه عليه و آله كان سنة 571 ميلادية و كانت بعثته سنة 610 ميلادية، فإن هزيمة الروم وقعت في السنة السابعة للبعثة، و كان انتصارهم بين سنتي خمس و ست للهجرة النبوية، و من المعلوم أن السنة الخامسة حدثت فيها معركة الخندق، و تم في السنة السادسة صلح الحديبية، و بطبيعة الحال فإن تنقّل الأخبار عن حرب فارس و الروم إلى منطقة الحجاز و مكّة كانت تستوعب عادة فترة من الزمان، و بهذا ينطبق هذا الخبر القرآني على هذه الفترة التاريخية بوضوح فلاحظوا بدقة. يخاطب اللّه رسوله صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في الآية الاولى من السّورة و يقول له: "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ" (الفيل 1) لقد جاؤوا بجيش جرار مجهّز بالعدّة و العدد ليهدموا الكعبة. و اللّه سبحانه دحرهم بجيش في ظاهره صغير بسيط. و أباد الفيلة بطير صغير، و هدم الآلة الحربية المتطورة في ذلك الزمان بحجارة من سجيل. ليتّضح ضعف هذا الإنسان المغرور المتكبر أمام قدرة اللّه. التعبير بجملة أَ لَمْ تَرَ في الآية، مع أنّ الحادثة وقعت قبل ولادة النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أو مقترنة بولادته، يعود إلى أنّ الحادثة المذكورة قريبة العهد من عصر النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، كما إنّها بلغت من الشهرة و التواتر و كأن النّبي رآها بعينه المباركة. هذا إلى أن جمعا من معاصري الرسول كانوا قد رأوها بأعينهم. إن الكهنة كانوا يعترفون أنّهم بعد ولادة النّبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم انقطعت علاقتهم بالشياطين الذين كانوا يأتونهم بأخبار السماء و "إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ" (الشعراء 212) و يستفاد من سائر آيات القرآن أن الشياطين كانوا يصعدون إلى السماء و يسترقون السمع من الملائكة، فينقلون ما يدور بين الملائكة من مطالب إلى أوليائهم، إلّا أنّه بظهور نبيّ الإسلام صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و ولادته انقطع استراق السمع تماما، و زال الارتباط الخبري بين الشياطين و أوليائهم. و هذا الأمر كان يعلم به المشركون أنفسهم، و على فرض أن المشركين كانوا لا يعلمون، فإن القرآن أخبرهم بذلك.
https://telegram.me/buratha