الدكتور فاضل حسن شريف
قال الله تعلى عن بعل ومشتقاتها "أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ" ﴿الصافات 125﴾ بعلا اسم علم، بعلاً: ربَّا، وبعل كلمة عربية قديمة، تلفظ بسكون العين و فتحها، ومعناها السيد و المالك و الزوج، أَتَدْعُونَ بَعْلاً: أتعبدون الصنم المسمى بعلا، أتدعون بعلا: اسم صنم لهم من ذهب، وبه سمي البلد أيضا مضافا إلى بك: أي أتعبدونه، وإن عبدنا إلياس لمن الذين أكرمناهم بالنبوة والرسالة، إذ قال لقومه من بني إسرائيل: اتقوا الله وحده وخافوه، ولا تشركوا معه غيره، كيف تعبدون صنمًا، وتتركون عبادة الله أحسن الخالقين، وهو ربكم الذي خلقكم، وخلق آباءكم الماضين قبلكم؟ و "وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ" ﴿البقرة 228﴾ وَبُعُولَتُهُنَّ: وَ حرف استئنافية، بُعُولَتُ اسم، هُنَّ ضمير، بعولتهن: أزواجهن، والمطلقات ذوات الحيض، يجب أن ينتظرن دون نكاح بعد الطلاق مدة ثلاثة أطهار أو ثلاث حيضات على سبيل العدة؛ ليتأكدن من فراغ الرحم من الحمل، ولا يجوز لهن تزوج رجل آخر في أثناء هذه العدة حتى تنتهي، ولا يحل لهن أن يخفين ما خلق الله في أرحامهن من الحمل أو الحيض، إن كانت المطلقات مؤمنات حقًا بالله واليوم الآخر، وأزواج المطلقات أحق بمراجعتهن في العدة، و "وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا ۚ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ۗ وَأُحْضِرَتِ الْأَنفُسُ الشُّحَّ ۚ وَإِن تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا" ﴿النساء 128﴾ بَعْلِهَا: بَعْلِ اسم، هَا ضمير، بَعْلِها: زوجها، وإن علمت امرأة من زوجها ترفعًا عنها، وتعاليًا عليها أو انصرافًا عنها فلا إثم عليهما أن يتصالحا على ما تطيب به نفوسهما من القسمة أو النفقة، والصلح أولى وأفضل، وجبلت النفوس على الشح والبخل، وإن تحسنوا معاملة زوجاتكم وتخافوا الله فيهن، فإن الله كان بما تعملون من ذلك وغيره عالمًا لا يخفى عليه شيء، وسيجازيكم على ذلك، و "قَالَتْ يَا وَيْلَتَىٰ أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَـٰذَا بَعْلِي شَيْخًا ۖ إِنَّ هَـٰذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ" ﴿هود 72﴾ بَعْلِي: بَعْلِ اسم، ى ضمير، بعلي أي زوجي، قالت سارة لما بُشِّرت بإسحاق متعجبة: يا ويلتا كيف يكون لي ولد وأنا عجوز، وهذا زوجي في حال الشيخوخة والكبر؟ إن إنجاب الولد مِن مثلي ومثل زوجي مع كبر السن لَشيء عجيب، و "وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" ﴿النور 31﴾ لِبُعُولَتِهِنَّ: لِ حرف جر، بُعُولَتِ اسم، هِنَّ ضمير، لِبُعُولَتِهِنَّ: لأزواجهن، إلا لبعولتهن: جمع بعل: أي زوج، وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن عمَّا لا يحلُّ لهن من العورات، ويحفظن فروجهن عمَّا حَرَّم الله، ولا يُظهرن زينتهن للرجال، بل يجتهدن في إخفائها إلا الثياب الظاهرة التي جرت العادة بلُبْسها، إذا لم يكن في ذلك ما يدعو إلى الفتنة بها، وليلقين بأغطية رؤوسهن على فتحات صدورهن مغطيات وجوههن، ليكمل سترهن، ولا يُظْهِرْنَ الزينة الخفية إلا لأزواجهن، إذ يرون منهن ما لا يرى غيرهم. وبعضها، كالوجه، والعنق، واليدين، والساعدين يباح رؤيته لآبائهن أو آباء أزواجهن أو أبنائهن أو أبناء أزواجهن أو إخوانهن أو أبناء إخوانهن أو أبناء أخواتهن أو نسائهن المسلمات دون الكافرات، أو ما ملكن مِنَ العبيد، أو التابعين من الرجال الذين لا غرض ولا حاجة لهم في النساء، مثل البُلْه الذين يتبعون غيرهم للطعام والشراب فحسب، أو الأطفال الصغار.
وردت كلمة بعل ومشتقاتها في القرآن الكريم: وَبُعُولَتُهُنَّ، بَعْلِهَا، بَعْلِي، لِبُعُولَتِهِنَّ، بُعُولَتِهِنَّ، بَعْلًا. جاء في معاني القرآن الكريم: بعل البعل هو الذكر من الزوجين، قال الله عز وجل: "وَهَـٰذَا بَعْلِي شَيْخًا" (هود 72)، وجمعه بعولة، نحو: فحل وفحولة. قال تعالى: "وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ" ﴿البقرة 228﴾، ولما تصور من الرجل الاستعلاء على المرأة فجعل سائسها والقائم عليها كما قال تعالى: "الرجال قوامون على النساء" (النساء 34)، سمي باسمه كل مستعل على غيره، فسمى العرب معبودهم الذين يتقربون به إلى الله بعلا؛ لاعتقادهم ذلك فيه في نحو قوله تعالى: "أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ" ﴿الصافات 125﴾، ويقال: أتانا بعل هذه الدابة، أي: المستعلي عليها، وقيل للأرض المستعلية على غيرها بعل، ولفحل النخل بعل تشبيها بالبعل من الرجال، ولما عظم حتى يشرب بعروقه بعل لاستعلائه، قال صلى الله عليه وسلم: (فيما سقي بعلا العشر) (الحديث بهذه الرواية أخرجه ابن ماجة في سننه 1/581، ويروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشر، وما سقي بالنضح نضف العشر) وهذا متفق عليه. راجع: شرح السنة 6/42). ولما كانت وطأة العالي على المستولى عليه مستثقلة في النفس قيل: أصبح فلان بعلا على أهله، أي: ثقيلا لعلوه عليهم، وبني من لفظ البعل المباعلة والبعال كناية عن الجماع، وبعل الرجل (راجع: كتاب الأفعال 4/113) يبعل بعولة، واستبعل فهو بعل ومستبعل: إذا صار بعلا، واستبعل النخل: عظم (في اللسان: واستبعل الموضع والنخل: صار بعلا راسخ العروق في الماء مستغنيا عن السقي وعن إجراء الماء إليه)، وتصور من البعل الذي هو النخل قيامه في مكانه، فقيل: بعل فلان بأمره: إذا أدهش وثبت مكانه ثبوت النخل في مقره، وذلك كقولهم: ما هو إلا شجر، فيمن لا يبرح.
عن کتاب تفسير غريب القرآن للمؤلف فخر الدين الطريحي النجفي: (بعل) بعل المرأة: زوجها قال تعالى: "وبعولتهن أحق بردهن" (البقرة 228) وبعل اسم صنم أيضا قال تعالى: "تدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين" (الصافات 125) وقيل: تدعون إليها سوى الله ويقال: فلان بعل هذا: أي ربه ومالكه. جاء في تفسير الميزان للعلامة السيد الطباطبائي: قوله تعالى "وبعولتهن أحق بردهن في ذلك ان ارادوا اصلاحا" (البقرة 228)، البعولة جمع البعل وهو الذكر من الزوجين ماداما زوجين وقد استشعر منه معنى الاستعلاء والقوة والثبات في الشدائد لما ان الرجل كذلك بالنسبة إلى المرأة ثم جعل اصلا يشتق منه الالفاظ بهذا المعنى فقيل لراكب الدابة بعلها، وللارض المستعلية بعل، وللصنم بعل، وللنخل إذا عظم بعل ونحو ذلك. والضمير في بعولتهن للمطلقات إلا ان الحكم خاص بالرجعيات دون مطلق المطلقات الاعم منها ومن البائنات، والمشار إليه بذلك التربص الذي هو بمعنى العدة، والتقييد بقوله ان ارادوا اصلاحا، للدلالة على وجوب ان يكون الرجوع لغرض الاصلاح لا لغرض الاضرار المنهي عنه بعد بقوله: ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا، الآية. والعجوز الشيخة من النساء، والبعل زوج المرأة والأصل في معناه القائم بالأمر المستغني عن الغير يقال للنخل الذي يستغني بماء السماء عن سقي الأنهار والعيون بعل، ويقال للصاحب وللرب: بعل. ومنه بعلبك لأنه كان فيه هيكل بعض أصنامهم. وقوله "وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَ" (النور 31) إلى قوله "أَوْ بَنِي أَخَواتِهِنَ" (النور 31) البعولة هم أزواجهن، والطوائف السبع الأخر محارمهن من جهة النسب والسبب، وأجداد البعولة حكمهم حكم آبائهم وأبناء أبناء البعولة حكمهم حكم الأبناء.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اشتد غضب الله عز وجل على امرأة ذات بعل ملأت عينها من غير زوجها أو غير ذي محرم منها، فإنها إن فعلت ذلك أحبط الله كل عمل عملته، فإن أوطأت فراشه غيره كان حقا على الله أن يحرقها بالنار بعد أن يعذبها في قبرها. (ثواب الأعمال ص 286, وسائل الشيعة ج 20 ص 232, أعلام الدين ص 417, بحار الأنوار ج 73 ص 366). عن سهل بن زياد، ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن عيسى، وعلي بن ابراهيم، عن أبيه جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي حمزة، قال: سمعت جابر ابن عبد الله، يقول: كنا عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إن خير نسائكم الولود الودود العفيفة، العزيزة في أهلها، الذليلة مع بعلها، المتبرجة مع زوجها، الحصان على غيره التي تسمع قوله وتطيع أمره وإذا خلا بها بذلت له: ما يريد منها ولم تبذل كتبذل الرجل. قال الإمام الصادق عليه السلام: (رخص رسول الله صلى الله عليه وآله للمرأة أن تخضب رأسها بالسواد، قال: وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله النساء بالخضاب ذات البعل وغير ذات البعل، أما ذات البعل فتتزين لزوجها، وأما غير ذات البعل فلا تشبه يدها يد الرجال).
https://telegram.me/buratha