الدكتور فاضل حسن شريف
قال الله تعالى عن كلمة مرج ومشتقاتها "وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَـٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَّحْجُورًا" ﴿الفرقان 53﴾ مرج فعل، مرج البحرين: أجراهما. أو خلّاهما و أرسلهما في مجاريهما، والله هو الذي خلط البحرين: العذب السائغ الشراب، والملح الشديد الملوحة، وجعل بينهما حاجزًا يمنع كل واحدٍ منهما من إفساد الآخر، ومانعًا مِن أن يصل أحدهما إلى الآخر، و "مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ" ﴿الرحمن 19﴾ المَرج: الاختلاط و الخلط و الالتباس، يعني البحر المالح و البحر العذب خلطهما حتى التقيا، خلط الله ماء البحرين العذب والملح يلتقيان، بينهما حاجز، فلا يطغى أحدهما على الآخر، ويذهب بخصائصه، بل يبقى العذب عذبًا، والملح ملحًا مع تلاقيهما، و "بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَّرِيجٍ" ﴿ق 5﴾ مريج صفة، مريج: مختلط، أو مُلتبس عليهم، أو باطل، و أصل المرج: القلق، بل كذَّب هؤلاء المشركون بالقرآن حين جاءهم، فهم في أمر مضطرب مختلط، لا يثبتون على شيء، ولا يستقر لهم قرار، و "وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ" ﴿الرحمن 15﴾ مارج اسم، مارج: لهبٍ صافٍ لا دخان فيه، مَارِجٍ مِّنْ نَارٍ: لهب النار ، من خالص النار، المارج: الشعلة الساطعة ذات اللهب الشديد المختلطة بسواد النار، و قيل: الخِلط. أو اللهب الأصفر و الأخضر الذي يعلو النار إذا أوقدت، خلق أبا الإنسان، وهو آدم من طين يابس كالفَخَّار، وخلق إبليس، وهو من الجن من لهب النار المختلط بعضه ببعض، و "يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ" ﴿الرحمن 22﴾ وَالْمَرْجَانُ: وَ حرف عطف، الْ اداة تعريف، مَرْجَانُ اسم، يخرج من البحرين بقدرة الله اللؤلؤ والمَرْجان، و "كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ" ﴿الرحمن 58﴾ كأن هؤلاء الزوجاتِ من الحور الياقوتُ والمَرْجانُ في صفائهن وجمالهن.
وردت كلمة مرج ومشتقاتها في القرآن الكريم: مَرَجَ، مَرِيجٍ، مَارِجٍ، وَالْمَرْجَانُ.جاء في معاني القرآن الكريم: مرج أصل المرج: الخلط، والمرج الاختلاط، يقال: مرج أمرهم (انظر: الأفعال 4/159؛ واللسان (مرج)): اختلط، ومرج الخاتم في أصبعي، فهو مارج، ويقال: أمر مريج. أي: مختلط، ومنه غصن مريج: مختلط، قال تعالى: "فهم في أمر مريج" (ق 5) والمرجان: صغار اللؤلؤ. قال: "كأنهن الياقوت والمرجان" (الرحمن 58) وقوله: "مرج البحرين" (الرحمن 19) من قولهم: مرج. ويقال للأرض التي يكثر فيها النبات فتمرح فيه الدواب: مرج، وقوله: "من مارج من نار" (الرحمن 15) أي: لهيب مختلط، وأمرجت الدابة في المرعى: أرسلتها فيه فمرجت.
جاء في تفسير غريب القرآن لفخر الدين الطريحي النجفي: (مرج) "مرج البحرين" (الرحمن 19) (الفرقان 52) خلا بينهما كما تقول: مرجت الدابة إذا خليتها ترعى، ويقال "مرج البحرين" (الرحمن 19) (الفرقان 52) خلطهما، وعن مجاهد: أرسلهما وأفاض أحدهما على الآخر، و "مريج" (ق 5) مختلط، و "مارج من نار" (الرحمن 15) أي لهب النار من قولك: مرجت الشئ بالشئ إذا خلطت أحدهما بالآخر، وقوله: "كأنهن الياقوت والمرجان" (الرحمن 58) صغار اللؤلؤ واحدتها: مرجانة، وقيل "المرجان" (الرحمن 58) جوهر أحمر.
وعن تفسير جوامع الجامع للشيخ الطبرسي: قوله تعالى "خلق الانسن من صلصل كالفخار (14) وخلق الجآن من مارج من نار (15) فبأى ءالاء ربكما تكذبان (16) رب المشرقين ورب المغربين (17) فبأى ءالاء ربكما تكذبان (18) مرج البحرين يلتقيان (19) بينهما برزخ لا يبغيان (20) فبأى ءالاء ربكما تكذبان (21) يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان (22)" (الرحمن 14-22) المارج: الصافي من لهب النار لا دخان فيه، وقيل: هو المختلط بسواد النار، و "من" للبيان، فكأنه قال: من صاف من نار أو مختلط من نار. والمشرقان والمغربان: مشرقا الشتاء والصيف، أو: مشرقا الشمس والقمر ومغرباهما. "مرج البحرين" (الرحمن 19) أرسل البحر العذب والبحر الملح متجاورين متلاقيين لا فصل بينهما في مرأى العين. "بينهما برزخ" (الرحمن 20) حاجز من قدرة الله لا يتجاوزان حديهما، ولا يبغي أحدهما على الآخر بالممازجة. "يخرج منهما" (الرحمن 22) كبار الدر وصغاره، وقيل: "المرجان" خرز أحمر كالقضبان وهو البسذ، وقرئ: "يخرج" من: أخرج، وقال: "منهما" وإنما يخرجان من الملح لأنهما لما التقيا صارا كالشيء الواحد، فكأنه قال: يخرج من البحر ولا يخرجان من جميع البحر ولكن من بعضه، كما تقول: خرجت من البلد وإنما خرجت من بعضه، وقيل: إنهما يخرجان من ملتقى الملح والعذب. "مرج البحرين" أرسل البحر العذب والبحر الملح متجاورين متلاقيين لا فصل بينهما في مرأى العين. قوله تعالى "فهم في أمر مريج" (ق 5) أي: مختلط مضطرب، يقال: مرج الخاتم في إصبعه وخرج، فمرة يقولون: مجنون، وتارة: ساحر، وتارة: شاعر.
يكون المرجان مستعمرات من حيوانات صغيرة جدا تسمى الشعاب المرجانية وترتبط بقنديل البحر. وقناديل البحر العملاقة تملك مجسات تمتد عشرات الامتار ولسعات بعضها مميتة للانسان. و المرجان من المواد العضوية الحيوانية، ويتركب من كاربونات الكالسيوم، وهي شويكات دقيقة يفرزها حيوان المرجان وبعد افرازها تتماسك مع بعضها البعض. ويستخدم المرجان في صناعة الحلي ومستحضرات التجميل. ويدخل المرجان في ادوية لعلاج امراض السرطان والمفاصل والقلب. قال الله جل جلاله "وَنُنَزِّلُ مِنَ القُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ" (الاسراء 82) و "قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ" (فصلت 44). الكائنات البحرية تنقسم الى لا فقرية مثل قناديل البحر، والشعاب المرجانية، وكائنات بحرية فقرية ومنها الاسماك. وتتنفس هذه الكائنات من الاوكسجين المذاب في الماء. ولا تستطيع تنفس الهواء من الجو فتموت عند خروجها من الماء. تعتبر مخلوقات البحر من آيات الله "اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ" (الجاثية 12)، و "وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ" (البقرة 164).
https://telegram.me/buratha