الصفحة الإسلامية

"إذا جاء نصر اللّه والفتح" النصر في الآية المباركة


الدكتور فاضل حسن شريف

قال الله سبحانه وتعالى "إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ" ﴿النصر 1﴾ نصر اسم، إن فعلتم أيها المؤمنون ما أمركم الله به يستر عليكم ذنوبكم، ويدخلكم جنات تجري من تحت أشجارها الأنهار، ومساكن طاهرة زكية في جنات إقامة دائمة لا تنقطع، ذلك هو الفوز الذي لا فوز بعده. ونعمة أخرى لكم أيها المؤمنون تحبونها هي نصر من الله يأتيكم، وفتح عاجل يتم على أيديكم. وبشِّر المؤمنين أيها النبي بالنصر والفتح في الدنيا، والجنة في الآخرة. جاء في معاني القرآن الكريم: نصر النصر والنصرة: العون. قال تعالى: "نصر من الله وفتح قريب" (الصف 13)، "وإذا جاء نصر الله" (النصر 1)، "وانصروا آلهتكم" (الانبياء 68)، "إن ينصركم الله فلا غالب لكم" (ال عمران 160)، "وانصرنا على القوم الكافرين" (البقرة 250)، "وكان حقا علينا نصر المؤمنين" (الروم 47)، "إنا لننصر رسلنا" (غافر 51)، "وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير" (التوبة 74)، "وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا" (النساء 45)، "ما لكم من دون الله من ولي ولا نصير" (التوبة 116)، "فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله" (الاحقاف 28) إلى غير ذلك من الآيات.

جاء في موقع مع الله صفحة مقالات عن مفهوم النصر في القرآن الكريم: النصر من عند الله سبحانه وتعالى: إذا تتبعنا آيات النصر في القرآن نجد أنه قلما ذكر الله سبحانه وتعالى النصر من غير إضافته إليه، فالنصر حقُّ الله يمتن به على من يشاء من عباده؛ لحكم يعلمها ومنافع لعباده يقدرها. قال الله تعالى: "إِذَا جَآءَ نَصۡرُ ٱللَّهِ وَٱلۡفَتۡحُ" (النصر 1). الكلمات ذات الصلة بكلمة النصر:الفتح هو الإظهار على العدو بفتح البلاد. قال الله تعالى: "إِنَّا فَتَحۡنَا لَكَ فَتۡحٗا مُّبِينٗا" (الفتح 1). إنا فتحنا لك أيها الرسول فتحًا مبينًا، يظهر الله فيه دينك، وينصرك على عدوك، وهو هدنة الحديبية التي أمن الناس بسببها بعضهم بعضًا، فاتسعت دائرة الدعوة لدين الله، وتمكن من يريد الوقوف على حقيقة الإسلام مِن معرفته، فدخل الناس تلك المدة في دين الله أفواجًا؛ ولذلك سمَّاه الله فتحًا مبينًا، أي ظاهرًا جليًّا.

عن کتاب الميزان في تفسير القرآن للعلامة الطباطبائي: قوله تعالى: "إذا جاء نصر الله والفتح" (النصر 1) ظهور "إذا" المصدَّرة بها الآية في الاستقبال يستدعي أن يكون مضمون الآية إخباراً بتحقق أمر لم يتحقق بعد، وإذا كان المخبر به هو النصر والفتح وذلك مما تقر به عين النبي صلى الله عليه وآله وسلم فهو وعد جميل وبشرى له صلى الله عليه وآله وسلم ويكون من ملاحم القرآن الكريم. وليس المراد بالنصر والفتح جنسهما حتى يصدقا على جميع المواقف التي أيد الله فيها نبيه صلى الله عليه وآله وسلم على أعدائه وأظهر دينه على دينهم كما في حروبه ومغازيه وإيمان الأنصار وأهل اليمن كما قيل إذ لا يلائمه قوله بعد: "ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً" (النصر 2). وليس المراد بذلك أيضاً صلح الحديبية الذي سمَّاه الله تعالى فتحاً إذ قال "إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً" (الفتح 1) لعدم انطباق الآية الثانية بمضمونها عليه. وأوضح ما يقبل الانطباق عليه النصر والفتح المذكوران في الآية هو فتح مكة الذي هو أُم فتوحاته صلى الله عليه وآله وسلم في زمن حياته والنصر الباهر الذي انهدم به بنيان الشرك في جزيرة العرب. ويؤيده وعد النصر الذي في الآيات النازلة في الحديبية "إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً * ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطاً مستقيماً * وينصرك الله نصراً عزيزاً" (الفتح 1-3) فإن من القريب جداً أن يكون ما في الآيات وعداً بنصر عزيز يرتبط بفتح الحديبية وهو نصره تعالى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم على قريش حتى فتح مكة بعد مضي سنتين من فتح الحديبية. وهذا الذي ذكر أقرب من حمل الآية على إجابة أهل اليمن الدعوة الحقة ودخولهم في الإِسلام من غير قتال، فالأقرب إلى الاعتبار كون المراد بالنصر والفتح نصره تعالى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم على قريش وفتح مكة، وأن تكون السورة نازلة بعد صلح الحديبية ونزول سورة الفتح وقبل فتح مكة.

جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى "إذا جاء نصراللّه والفتح" (النصر 1) 1 ـ (النصر): في الآية اُضيف إلى اللّه "نصر اللّه" (النصر 1) وفي كثير من المواضع القرآنية نجد نسبة النصر إلى اللّه. يقول سبحانه "ألا إنّ نصر اللّه قريب" (البقرة 214)، ويقول: "وما النصر إلاّ من عند اللّه" (ال عمران 126) (الانفال 10) وهذا يعني أن النصر في أي حال لا يكون إلاّ بإرادة اللّه، نعم، لابدّ من إعداد القوّة للغلبة على العدو، لكن الإنسان الموحّد يؤمن أنّ النصر من عند اللّه وحده، ولذلك لا يغتّر بالنصر، بل يتجه إلى شكر اللّه وحمده. 2 ـ في هذه السّورة دار الحديث عن نصرة الله، ثمّ عن (الفتح) والإنتصار، وبعدها عن اتساع رقعة الإسلام ودخول النّاس في دين الله زرافات ووحداناً. و بين هذه الثلاثة ارتباط علة ومعلول. فبنصر الله زرافات يتحقق الفتح، وبا الفتح تزال الموانع من الطريق ويدخل النّاس في دين الله أفواجاً. بعد هذه المراحل الثلاث التي يشكل كل منها نعمة كبرى تحّل المرحلة الرابعة وهي مرحلة الشكر والحمد. من جهة أُخرى نصر الله، والفتح هدفهما النهائي دخول النّاس في دين الله وهداية البشرية. 3 ـ (الفتح) هنا مذكور بشكل مطلق، والقرائن تشير أنه فتح مكّة الذي كان له ذلك الصدى الواسع المذكور في الآية. (فتح مكّة) فتح في الواقع صفحة جديدة في تاريخ الإسلام، لأن مركز الشرك قد تلاشى بهذا الفتح، انهدمت الأصنام، وتبددت آمال المشركين وأزيلت السدود والموانع من طريق إيمان النّاس بالإسلام. من هنا، يجب أن نعتبر فتح مكّة بداية مرحلة تثبيت أسس الإسلام واستقراره في الجزيرة العربية ثمّ في العالم أجمع. لذلك لا نرى بعدفتح مكّة مقاومة من المشركين (سوى مرّة واحدة قمعت بسرعة) وكان النّاس بعده يفدون على النّبي من كل أنحاء الجزيرة ليعلنوا إسلامهم. 4 ـ في نهاية السّورة يأمر الله سبحانه نبيّه (بل كل المؤمنين) بثلاثة أُمور ليجّسد آلاء الشكر وليتخذ الموقف الإيماني المناسب من النصر الإلهي وهي :(التسبيح) و(الحمد) و(الإستغفار). «التسبيح» تنزيه الله من كل عيب ونقص. و (الحمد) لوصف الله بالصفات الكمالية. و (الإستغفار) إزاءتقصير العبد. هذا الإنتصار الكبير أدى إلى تطهير الساحة من أفكار الشرك، وإلى تجلي جمال الله وكماله أكثر من ذي قبل، وإلى اهتداء من ضلّ الطريق إلى الله. هذا الفتح العظيم أدى إلى أن لا يظن فرد بأن الله يترك انصاره وحدهم (ولذلك جاء أمر التسبيح لتنزيهه من هذا النقص) وإلى أن يعلم المؤمنون بأن وعده الحق (موصوف بهذا الكمال)، وإلى أن يعترف العباد بنقصهم أمام عظمة الله. أضف إلى ما سبق، أن الإنسان ـ عند النصر ـ قد تظهر عليه ردود فعل سلبية فيقع في الغرور والتعالي، أو يتخذ موقف الإنتقام وتصفية الحسابات الشخصية، وهذه الأوامر الثلاثة تعلمه أن يكون في لحظات النصر الحساسة ذاكراً لصفات جلال الله وجماله وأن يرى كل شيء منه سبحانه، ويتجه إلى الإستغفار كي يزول عنه غرور الغفلة ويبتعد عن الإنتقام.

الاستفتاح بصيغة الشرط، كما في أول سورة النصر، وذلك قوله تعالى "إذا جاء نصر الله والفتح" (النصر 1). وجاء فعل فيه صعوبة "فَإِذَا جَاءتِ الصَّاخَّةُ" (عبس 33)، و "إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ" (النصر 1) جاء نصر الله عَوْنـُهُ لك على الأعداء. وفي منى نزلت سورة النصر "إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ" (النصر 1) اثناء حجة الوداع. عن سورة النصر قال رسول للّه صلى الله عليه وآله وسلم: (من قرأها فكأنّما شهد مع رسول اللّه فتح مكّة). وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: (من قرأ "إذا جاء نصر اللّه والفتح" في نافلة أو فريضة نصره اللّه على جميع أعدائه، وجاء يوم القيامة ومعه كتاب ينطق، قد أخرجه اللّه من جوف قبره، فيه أمان من حرّ جهنّم). جاء عن مركز الأبحاث العقائدية: وردت رواية تشير إلى وجود علاقة بين السورة الشريفة والإمام المهدي عليه السلام، عن محمد بن عمر بن علي عن أبيه عن جده عليه السلام، قال: (لما نزلت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "إِذَا جَاء نَصرُ اللَّهِ وَالفَتحُ " (النصر 1) قال لي: يا علي إنه قد جاء نصر الله والفتح، يا علي إن المهدي هو إتباع أمر الله دون الهوى والرأي، وكأنك بقوم قد تأولوا القرآن، وأخذوا بالشبهات واستحلوا الخمر بالنبيذ والبخس بالزكاة والسحت بالهدية. قلت: يا رسول الله، فما هم إذا فعلوا ذلك أهم أهل ردة أم أهل فتنة؟ قال : هم أهل فتنة يعمهون فيها إلى أن يدركهم العدل، فقلت: يا رسول الله العدل منا أم من غيرنا؟ قال: بل منا، بنا يفتح الله وبنا يختم الله ، وبنا ألف الله بين القلوب بعد الشرك وبنا يؤلف الله بين القلوب بعد الفتنة. فقلت: الحمد لله على ما وهب لنا من فضله). (أمالي المفيد ص 288 ـ 289).فالرواية تشير إلى أن الناس لابد أن يفتتنوا قبل مجيء نصر الله وقبل حصول الفتح على يد الإمام المهدي الذي سيملاً الدنيا قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك