الدكتور فاضل حسن شريف
عن تفسير غريب القرآن لفخر الدين الطريحي النجفي: (عدا) "العداوة" (المائدة 15) (المائدة 67) (المائدة 94) (الممتحنة 4) تباعد القلوب بالنيات، و "عدوا" (الانعام 6) اعتداء، ومنه: "فيسبوا الله عدوا بغير علم" (الانعام 6) و "يعدون في السبت" (الاعراف 162) يتعدون ويتجاوزون ما أمروا به، و "عدوان" (البقرة 193) (القصص 28) تعد وظلم، وقوله: "فلا عدوان إلا على الظالمين" (الاعراف 162) أي فلا جزاء ظلم ظالم إلا على الظالمين، و "عاد" (الانعام 145) في قوله: "غير باغ ولا عاد" (الانعام 145) أي لا يعدوا شبعه، وعن ابن عرفة: غير متعمد ما حد له "فأولئك هم العادون" (المؤمنون 7) (المعارج 31) أي هم الكاملون في العدوان، والمتناهون فيه، وقوله: "إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم" (التغابن 14) أي سبب إلى معاصي الله، و "بالعدوة" (الانفال 42) بكسر العين وضمها شاطئ الوادي، و "الدنيا" (الانفال 42) و "القصوى" (الانفال 42) تأنيث الأدنى والأقصى. قوله تعالى "فأولئك هم العادون" (المؤمنون 7) الكاملون في العدوان. والشقاق: بكسر العداوة والخلاف قال تعالى: "لا يجرمنكم شقاقي" (هود 89) أي عداوتي وخلافي. "البينة" (البينة 1) (البينة 4) الحجة الواضحة، قال تعالى: "اتيناهم كتابا فهم بينت منه" (فاطر 40) وأبان الشئ إذا اتضح فهو مبين بمعنى بان قال تعالى: "إنه لكم عدو مبين" (البقرة 168) (البقرة 208) (الانعام 142) أي مظهر للعداوة. قوله تعالى "فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء" (المائدة 15) أي هيجناها بينهم. قوله تعالى "حين البأس" (البقرة 177) وقت مجاهدة العدو. قال تعالى: "تلك حدود الله فلا تعتدوها" (البقرة 229) والحد: النهاية التي إذا بلغ المحدود له امتنع. قوله تعالى "ألد الخصام" (البقرة 204) شديد العداوة والجدل للمسلمين.
جاء في تفسير الميزان للعلامة السيد الطباطبائي: قوله تعالى "إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ" (المائدة 91) إلى آخر الآية. قال الراغب في المفردات: العدو التجاوز ومنافاة الالتيام فتارة يعتبر بالقلب فيقال له: العداوة والمعاداة، وتارة بالمشي فيقال له: العدو، وتارة في الإخلال بالعدالة في المعاملة فيقال له: العدوان والعدو قال "فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ" (الانعام 108) وتارة بأجزاء المقر فيقال له: العدواء يقال: مكان ذو عدواء أي غير متلائم الأجزاء فمن المعاداة يقال: رجل عدو وقوم عدو قال "بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ" (الاعراف 24) وقد يجمع على عدى (بالكسر فالفتح) وأعداء قال "وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللهِ" (فصلت 19)، انتهى.
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: رد السيئة بالحسنة من أبرز السبل المؤثرة في مكافحة الأعداء الأشداء والمعاندين رد السيئة بالحسنة، فذلك يوقظ مشاعرهم، فيحاسبون أنفسهم على ما اقترفوه من أعمال سيئة، ويعودون للصواب غالبا. ونجد في سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأئمة الهدى عليهم السلام هذا المنهج بشكل واضح، حيث يردون سيئات الجناة بالإحسان إليهم والإنعام عليهم، فيكسبون ودهم، ويفجرون في جوارحهم استجابة للحق، ورفضا للباطل. وقد ذكر القرآن المجيد هذه السيرة للمسلمين مرارا باعتبارها مبدأ أساسيا لاقتلاع السيئات، ففي الآية الرابعة والثلاثين من سورة فصلت نقرأ "فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم" (فصلت 34). والجدير بالذكر أن هذا الأمر خاص بحالات لا يسئ العدو الاستفادة من هذا المبدأ، ويرى إحسانهم إليه أو عفوهم عنه ضعفا منهم، فيزداد جرأة على العدوان والظلم. وهذه السيرة لا تعني مساومة الأعداء أو التسليم لهم. وهذا قد يكون السبب في أن الله عز وجل أمر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بعد ذكر هذه التوصية مباشرة بالتعوذ به من همزات الشياطين وحضورهم حوله. إن كلمة "العداوة" مشتقة من المصدر "عدو" وهي بمعنى التجاوز. في حديث عن الإمام الصادق أنه عليه السلام قال في تفسير الآية أعلاه: (الحسنة التقية السيئة الإذاعة). وطبعا فان هذا الحديث الشريف ناظر إلى الموارد التي تكون فيها الإذاعة سببا في اتلاف الطاقات والكوادر الجيدة وافشاء الخطط للأعداء. ثم تضيف الآية: ادفع بالتي هي أحسن. إدفع الباطل بالحق، والجهل والخشونة بالحلم والمداراة، وقابل الإساءة بالإحسان، فلا ترد الإساءة بالإساءة، والقبح بالقبح، لأن هذا أسلوب من همه الانتقام، ثم إن هذا الأسلوب يقود إلى عناد المنحرفين أكثر. وتشير الآية في نهايتها إلى فلسفة وعمق هذا البرنامج في تعبير قصير، فتقول: إن هذا التعامل سيقود إلى: "فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم" (فصلت 34).
جاء في کتاب الحديث النبوي بين الرواية والدراية للشيخ جعفر السبحاني: بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفرّق المسلمين إلى فرقتين. إحداهما: فرقة تفسّر الكون وما يصدر من الاِنسان بتقديره سبحانه، و انّه لا موَثر ولا فاعل ولا سبب إلاّ اللّه سبحانه، و انّه ليس ثمة دور للفواعل الطبيعية كالنار والماء ولا لغيرهما من الفواعل العالمة والمريدة. فالقدر بهذا المعنى هو الجبر المطلق، وقد بثتها اليهود في الاَوساط الاِسلامية، ولاَجل ذلك ذهبوا إلى أنّيد اللّه سبحانه مغلولة بعد التقدير لا يمكن له أن يبدل القدر، قال سبحانه: "وَقالَتِ اليَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا" (المائدة 64). وقد اغترّ السُّذّج من المسلمين بهذه الاِسرائيليات، وحيكت العديد من الروايات لدعم فكرة القدر، وإعطائها حجماً أكبر ممّا تستحق، وانّها نافذة تطل على الكون والحياة الاِنسانية وما يصدر من الخير والشرّ، ومنها هذه الرواية. ثانيهما: إثبات الاختيار للاِنسان وجعل المسوَولية على عاتقه في المجال الذي يناط به الاِيمان والكفر، والثواب والعقاب، والحسن والقبح، على وجه يجتمع مع القول بقضائه سبحانه وقدره
https://telegram.me/buratha