الصفحة الإسلامية

كلمة غزى في القرآن الكريم


الدكتور فاضل حسن شريف

قال الله تعالى عن غزى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَّوْ كَانُوا عِندَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَٰلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ ۗ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ" ﴿آل عمران 156﴾ غُزّى: جمع غاز، و هو الخارج في حرب العدو، غزًّى: غُزاةً مجاهدين فاستشهدوا، كانوا غُزَّىً: كانوا في الغزو، يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، لا تُشابهوا الكافرين الذين لا يؤمنون بربهم، فهم يقولون لإخوانهم من أهل الكفر إذا خرجوا يبحثون في أرض الله عن معاشهم أو كانوا مع الغزاة المقاتلين فماتوا أو قُتِلوا: لو لم يخرج هؤلاء ولم يقاتلوا وأقاموا معنا ما ماتوا وما قُتلوا. وهذا القول يزيدهم ألمًا وحزنًا وحسرة تستقر في قلوبهم، أما المؤمنون فإنهم يعلمون أن ذلك بقدر الله فيهدي الله قلوبهم، ويخفف عنهم المصيبة، والله يحيي مَن قدَّر له الحياة -وإن كان مسافرًا أو غازيًا- ويميت مَنِ انتهى أجله -وإن كان مقيمًا- والله بكل ما تعملونه بصير، فيجازيكم به.

جاء في المعاجم: غَزَّى: (فعل) غزَّى يغزِّي، غَزِّ، تغزيةً، فهو مُغَزٍّ، والمفعول مُغزًّى. غَزَّى الْجَيْشَ: جَهَّزَهُ لِلْغَزْوِ وَبَعَثَ بِهِ لِيُحَارِبَ العَدُوَّ فِي دِيَارِهِ. غُزَّى: (اسم) غُزَّى: جمع غَازِيْ. مَغزى: (اسم) الجمع: مَغَازٍ، مَغَازِي. مصدر ميميّ من غزَا. اسم مكان من غزَا. اسم زمان من غزَا. المَغْزَى: الغَزْوُ. مَغْزَى الْمَعْرَكَةِ: مَوْضِعُ الْمَعْرَكَةِ والغَزْوِ. مَغْزَى الكَلاَمِ: مَقْصِدُهُ، دَلاَلَتُهُ. مَغْزَى القِصَّةِ: دَلالَتهَا ومَعْنَاهَا الخَفِيُّ. غازي. غازي - ج، غزاة وغزى وغزي وغزاء، -مؤ، غازية ج، غواز وغازيات. غازي: فاتح، محتاج. وجاء في الحديث (تَغْزُونَ جَزِيرَةَ الْعَرَبِ فَيَفْتَحُ اللَّهُ لَكُمْ، وَتَغْزُونَ فَارِسَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ لَكُمْ، وَتَغْزُونَ الرُّومَ فَيَفْتَحُهَا اللَّهُ لَكُمْ، وَتَغْزُونَ الدَّجَّالَ فَيَفْتَحُ اللَّهُ لَكُمْ)، و (أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى أَقْرَبَ مِنْهُ مَغْزًى، وَأَكْثَرَ غَنِيمَةً، وَأَوْشَكَ رَجْعَةً ؟ مَنْ تَوَضَّأَ، ثُمَّ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ لِسُبْحَةِ الضُّحَى، فَهُوَ أَقْرَبُ مَغْزًى، وَأَكْثَرُ غَنِيمَةً، وَأَوْشَكُ رَجْعَةً)، و (فمن غزى ابتغاء ما عند الله فقد وقع أجره على الله عز وجل ومن غزى يريد عرض الدنيا أو نوى عقالا لم يكن له إلا ما نوى). قال علي عليه السلام (فوالله ما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا).

عن کتاب مجمع البيان في تفسير القرآن للشيخ الطبرسي: قوله تعالى "وقالوا لإخوانهم" (ال عمران 156) أي: لأجل إخوانهم "إذا ضربوا في الأرض" (ال عمران 156) أي: سافروا فيها وأبعدوا للتجارة أو غيرها "أو كانوا غزى" (ال عمران 156) جمع غاز، وقوله: "إذا ضربوا" (ال عمران 156) حكاية حال ماضية، ومعناه: حين يضربون في الأرض، وقوله: "ليجعل" يتعلق ب‌ "قالوا" أي: قالوا "ذلك" واعتقدوه ليكون "حسرة في قلوبهم" (ال عمران 156)، وتكون اللام للعاقبة كما في قوله: "ليكون لهم عدوا وحزنا" (القصص 8)، ويجوز أن يكون المعنى: لا تكونوا مثلهم في النطق بذلك القول واعتقاده ليجعله الله "حسرة في قلوبهم" خاصة ويصون منها قلوبكم، وإنما أسند الفعل إلى الله تعالى لأنه سبحانه عند ذلك الاعتقاد الفاسد يضع الحسرة في قلوبهم ويضيق صدورهم، وهو كقوله: "يجعل صدره ضيقا حرجا" (الانعام 125)، "والله يحى ى ويميت" (ال عمران 156) رد لقولهم، أي: الأمر بيده فقد يحيي المسافر والغازي ويميت القاعد والمقيم "والله بما تعملون بصير" (ال عمران 156) فلا تكونوا مثلهم.

جاء في التفسير الوسيط لمحمد سيد طنطاوي: قوله تعالى "يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كانُوا غُزًّى لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَما قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ" (ال عمران 156) وقوله: "غُزًّى" جمع غاز كراكع وركع، وصائم وصوم، ونائم ونوم. والمعنى: يا من آمنتم بالله واليوم الآخر لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا بفزع وجزع من أجل إخوانهم الذين فقدوهم بسبب سفرهم للتجارة أو بسبب غزوهم في سبيل الله. قالوا على سبيل التفجع: لو كان هؤلاء الذين ماتوا في السفر أو الغزو مقيمين معنا، أو ملازمين بيوتهم، ولم يضربوا في الأرض ولم يغزوا فيها لبقوا أحياء ولما ماتوا أو قتلوا. وقولهم هذا يدل على جبنهم وعجزهم، كما يدل على ضعف عقولهم وعدم إيمانهم بقضاء الله وقدره، إذ لو كانوا مؤمنين بقضاء الله وقدره لعلموا أن كل شيء عنده بمقدار، وأن العاقل هو الذي يعمل ما يجب عليه بجد وإخلاص ثم يترك بعد ذلك النتائج الله يسيرها كيف يشاء. وقولهم هذا بجانب ذلك يدل على سوء نيتهم، وخبث طويتهم، لأنهم قصدوا به تثبيط عزائم المجاهدين عن الجهاد، وعن السعى في الأرض من أجل طلب الرزق الذي أحله الله.

عن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى "يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم والله يحي ويميت والله بما تعملون بصير" (ال عمران 156) كانت حادثة (أحد) تحظى بأهمية كبيرة من وجهة نظر المسلمين وذلك من جهتين: أولا: لأنها كانت تعتبر خير مرآة تعكس حقيقة المسلمين في تلك المرحلة، وتساعدهم على رؤية نقاط ضعفهم، فإصلاحها وإزالتها، ولهذا السبب ركز القرآن على أحداث هذه الواقعة وملابساتها وقضاياها ذلك التركيز الكبير وأولاها ذلكم الاهتمام البالغ. ومن جهة أخرى هيأت أحداث هذه الواقعة أرضية وفرصة مناسبة للمنافقين بأن يقوموا بمحاولاتهم التشويشية، ومن أجل هذا نزلت آيات عديدة لإبطال مفعول هذه المحاولات وتفشيل هذه المساعي الماكرة، من جملتها الآيات المذكورة أعلاه. فهذه الآيات تتوجه بالخطاب أولا إلى المؤمنين بهدف تحطيم جهود المنافقين ومحاولاتهم التخريبية، وتحذير المسلمين منهم فتقول: يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لاخوانهم إذا ضربوا في الأرض، أو كانوا غزى لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا. هذه الكلمات وإن كانوا يطلقونها في ستار من التعاطف وتحت قناع الإشفاق، إلا أنهم لم يكونوا في الحقيقة يقصدون منها إلا تسميم روحية المسلمين، وإضعاف معنوياتهم، وزعزعة إيمانهم، فينبغي ألا تقعوا تحت تأثيرها، وتكرروا نظائرها من العبارات.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك