الصفحة الإسلامية

كلمات مترابطة في القرآن الكريم (الحرث والنسل)


الدكتور فاضل حسن شريف

الفساد مقترن بالارض في ايات عديده وعكسه الاصلاح وخاصة الولاة المفسدون "وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ" (البقرة 205). قال الله تعالى "وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ" ﴿البقرة 205﴾ الحرث: النساء، الحَرْثَ: الزروع و الثمار، وإذا خرج من عندك أيها الرسول، جَدَّ ونَشِط في الأرض ليفسد فيها، ويتلف زروع الناس، ويقتل ماشيتهم. والله لا يحب الفساد. نزلت في الأخنس بن شريك حليف بني زهرة اقبل الى النبي صلّى اللّه عليه و آله في المدينة و قال: جئت اريد الاسلام و يعلم اللّه أني لصادق فاعجب النبي صلّى اللّه عليه و آله منه ثم انه خرج من عند النبي صلّى اللّه عليه و آله فمر بزرع لقوم من المسلمين و حمر فاحرق الزرع و عقر الحمر. قد فسّر الامام الرضا عليه السّلام النسل بالذرية و الحرث بالزرع‏ . من مصداق المفسدين في الآية الكريمة "وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ" (البقرة 205) نزلت بحق معاوية عند كثير من المفسرين فاتباعه في حياته وبعد مماته يقتلون الرجال ويذبحون الاطفال ويستحيون النساء.

وعن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى "مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ" إلخ، الحرث الزرع والمراد به نتيجة الأعمال التي يؤتاها الإنسان في الآخرة على سبيل الاستعارة كان الأعمال الصالحة بذور وما تنتجه في الآخرة حرث. والمراد بالزيادة له في حرثه تكثير ثوابه ومضاعفته، قال تعالى "مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها" (الانعام 160)، وقال "وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ" (البقرة 261). وقوله "وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ" (الشورى 20) أي ومن كان يريد النتائج الدنيوية بأن يعمل للدنيا ويريد نتيجة ما عمله فيها دون الآخرة نؤته من الدنيا وما له في الآخرة نصيب، وفي التعبير بإرادة الحرث إشارة إلى اشتراط العمل لما يريده من الدنيا والآخرة كما قال تعالى "وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى" (النجم 39). قوله تعالى "ويهلك الحرث والنسل" (البقرة 205)، ظاهرة انه بيان لقوله تعالى "ليفسد فيها" (البقرة 205) اي يفسد فيها بإهلاك الحرث والنسل، ولما كان قوام النوع الانساني من حيث الحياة والبقاء بالتغذي والتوليد فهما الركنان القويمان اللذان لا غناء عنهما للنوع في حال: اما التوليد فظاهر، واما التغذي فانما يركن الانسان فيه إلى الحيوان والنبات، والحيوان يركن إلى النبات، فالنبات هو الاصل ويستحفظ بالحرث وهو تربية النبات، فلذلك علق الفساد على الحرث والنسل فالمعنى انه يفسد في الارض بإفناء الانسان وابادة هذا النوع بإهلاك الحرث والنسل. قوله تعالى "وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ" (الانبياء 78) إلى قوله "حُكْماً وَعِلْماً" (الانبياء 79) الحرث الزرع والحرث أيضا الكرم، والنفش رعي الماشية بالليل، وفي المجمع: النفش بفتح الفاء وسكونها أن تنتشر الإبل والغنم بالليل فترعى بلا راع. انتهى. وقوله "وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ" (الانبياء 78) السياق يعطي أنها واقعة واحدة بعينها رفع حكمها إلى داود لكونه هو الملك الحاكم في بني إسرائيل وقد جعله الله خليفة في الأرض كما قال "يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ" (ص 26) فإن كان سليمان يداخل في حكم الواقعة فعن إذن منه ولحكمة ما ولعلها إظهار أهليته للخلافة بعد داود.. وقوله "وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ" (البقرة 60) قال الراغب: العيث والعثي يتقاربان نحو جذب وجبذ إلا أن العيث أكثر ما يقال في الفساد الذي يدرك حسا والعثي فيما يدرك حكما يقال: عثي يعثى عثيا، وعلى هذا "وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ" (البقرة 60) وعثا يعثو عثوا. انتهى. وعلى هذا فقوله "مُفْسِدِينَ" حال من ضمير "لا تَعْثَوْا" لإفادة التأكيد نظير ما يفيده قولنا : لا تفسدوا إفسادا. والجملة أعني قوله "وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ" (البقرة 60) نهي مستأنف عن الفساد في الأرض من قتل أو جرح أو أي ظلم مالي أو جاهي أو عرضي لكن لا يبعد أن يستفاد من السياق كون الجملة عطفا تفسيريا للنهي السابق فيكون نهيا تأكيديا عن التطفيف ونقص المكيال والميزان لأنه من الفساد في الأرض. وإذا شاع ذلك في مجتمع فقد شاع الفساد فيما بينهم ولم يلبثوا دون أن يسلبوا. قوله تعالى "وإذا تولى سعى في الارض ليفسد فيها" (البقرة 205) (الخ) التولي هو تملك الولاية والسلطان، ويؤيده قوله تعالى في الآية التالية: أخذته العزة بالاثم، الدال على ان له عزة مكتسبة بالإثم الذي يأثم به قلبه غير الموافق للسانه، والسعي هو العمل والاسراع في المشي، فالمعنى وإذا تمكن هذا المنافق الشديد الخصومة من العمل وأوتي سلطانا وتولى أمر الناس سعى في الارض ليفسد فيها، ويمكن ان يكون التولي بمعنى الإعراض عن المخاطبة والمواجهة، أي إذا خرج من عندك كانت غيبته مخالفة لحضوره، وتبدل ما كان يظهره من طلب الصلاح والخير إلى السعي في الارض لاجل الفساد والإفساد. قوله تعالى "ويهلك الحرث والنسل" (البقرة 205)، ظاهرة انه بيان لقوله تعالى "ليفسد فيها" (البقرة 205) أي يفسد فيها بإهلاك الحرث والنسل، ولما كان قوام النوع الانساني من حيث الحياة والبقاء بالتغذي والتوليد فهما الركنان القويمان اللذان لا غناء عنهما للنوع في حال: أما التوليد فظاهر، واما التغذي فانما يركن الإنسان فيه إلى الحيوان والنبات، والحيوان يركن إلى النبات، فالنبات هو الأصل و يستحفظ بالحرث وهو تربية النبات، فلذلك علق الفساد على الحرث والنسل فالمعنى أنه يفسد في الأرض بإفناء الإنسان وابادة هذا النوع بإهلاك الحرث والنسل. هذا السعي فساد الارض، وذلك بهلاك الدين اولا، وهلاك الانسانية ثانيا، ولهذا فسر قوله ويهلك الحرث والنسل في بعض الروايات بهلاك الدين والانسانية

عن الإمام الرضا عليه السلام: (فإن قال قائل: لِـمَ أمر الخلق بالإقرار بالله وبرسله وبحججه وبما جاء من عند الله عزّ وجلّ؟ قيل: لعلل كثيرة. منها: أن من لم يقر بالله عزّ وجلّ لم يتجنب معاصيه، ولم ينته عن ارتكاب الكبائر، ولم يراقب أحداً في ما يشتهي ويستلذ من الفساد والظلم. فإذا فعل الناس هذه الأشياء، وارتكب كل إنسان ما يشتهي ويهواه من غير مراقبة لأحد، كان في ذلك فساد الخلق أجمعين، ووثوب بعضهم على بعض، فغصبوا الفروج والأموال، وأباحوا الدماء والنساء والسبي، وقتل بعضهم بعضاً من غير حق ولا جرم، فيكون في ذلك خراب الدنيا وهلاك الخلق، وفساد الحرث والنسل. ومنها: أن الله عزّ وجلّ حكيم، ولا يكون الحكيم ولا يوصف بالحكمة إلا الذي يحظر الفساد، ويأمر بالصلاح، ويزجر عن الظلم، وينهى عن الفواحش. فإن قال قائل: فلِمَ وجب عليهم معرفة الرسل، والإقرار بهم، والإذعان لهم بالطاعة؟ قيل: لأنه لما لم يكن في خلقهم وقواهم ما يكملون به مصالحهم، وكان الصانع متعالياً عن أن يرى، وكان ضعفهم وعجزهم عن إدراكه ظاهر، لم يكن بدّ من رسول بينه وبينهم، معصوم يؤدي إليهم أمره ونهيه وأدبه، ويقفهم على ما يكون به اجتلاب منافعهم ودفع مضارهم).

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك