الدكتور فاضل حسن شريف
قال الله تعالى عن قنوط وقانطين "لَّا يَسْأَمُ الْإِنسَانُ مِن دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ" ﴿فصلت 49﴾ قنوط اسم، قَنُوطٌ: ظاهر عليه اليأس، فَـيَـئوس قنوط: من فضل الله و رحمته، لا يملُّ الإنسان من دعاء ربه طالبًا الخير الدنيوي، وإن أصابه فقر وشدة فهو يؤوس من رحمة الله، قنوط بسوء الظن بربه، و "قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُن مِّنَ الْقَانِطِينَ" ﴿الحجر 55﴾ الْقَانِطِينَ: الْ اداة تعريف، قَانِطِينَ اسم، القانطين: اليائسين من الخير أو الولد، القانِطينَ: اليائسين، قالوا: بشَّرناك بالحق الذي أعلمَنا به الله، فلا تكن من اليائسين أن يولد لك.جاء في تفسير غريب القرآن لفخر الدين الطريحي النجفي: (قنط) "القانطين" (الحجر 55) اليائسين، و "يقنط" (الحجر 56) يئس من الرحمة. عن تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قوله جل جلاله "لا يسأم الانسان من دعاء الخير" ﴿فصلت 49﴾ أي لا يزال يسأل ربه المال والصحة وغيرهما "وإن مسه الشر" الفقر والشدة "فيؤس قنوط" ﴿فصلت 49﴾ من رحمة الله، وهذا وما بعده في الكافرين. قوله تبارك وتعالى "وإذا أنعمنا على الانسان" (فصلت 51) الكافر "أعرض" عن الشكر "ونأى بجانبه" ثنى عطفه متبخترا "وإذا مسه الشر" الفقر والشدة "كان يؤوسا" (فصلت 51) قنوطا من رحمة الله. قوله عز وجل "ولئن أذقنا الانسان" (هود 9) الكافر "منا رحمة" غنى وصحة "ثم نزعنا منه إنه ليؤمن" (هود 9) قنوط من رحمة الله "كفور" شديد الكفر به.
جاء في موقع وجهة نظر قرآنية عن الفرق بين اليأس و القنوط في القرآن الكريم للكاتبة وفاء برهان: اليأس و القنوط هما فقدان الامل، و لكن في القنوط نجد ان الامر يمكن ان يحصل بعد طول انتظار. اما في اليأس فنرى ان الامر لن يتحقق فهو ميئوس منه. قال الله تعالى : وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ" (الشورى 28) فنجد بان الناس قد قنطوا من نزول الغيث. و لكن الله تعالى ينزله وينشر رحمته بعدها "قالوا بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين" (الحجر 55)، و "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" (الشورى 53) فنرى ان الذين قنطوا من رحمة الله يبشرهم ربهم برحمة منه و بالمغفرة. وان الله تعالى يأمر بعدم القنوط من رحمته. و القنوط يكون مع الانتظار فنرى الناس ينتظرون الغيث و يتاخر. وابراهيم عليه السلام كان ينتظر الولد لكنه تقدم في العمر وكذلك زوجته. قال الله تعالى في اليأس : وَالَّلائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَالَّلائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا" (الطلاق 4)، و "وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُوْلَئِكَ يَئِسُوا مِن رَّحْمَتِي وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ" (العنكبوت 23)، و "يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف واخيه ولا تيئسوا من روح الله انه لا ييئس من روح الله الا القوم الكافرون" (يوسف 87) ففي اليأس نرى عدم الانتظار للشيء و فقدان الامل منه كما يحصل مع النساء المتقدمات في السن فييأسن من المحيض .ولا ينتظرونه بعد طول انقطاع. وكذلك يئس الكافرون من رحمة ربهم ..فهم لا ينتظرون تلك الرحمة لان الله تعالى لن يرحمهم . ولكن يبقى امر مهم جدا .فيمكن للانسان ان ييأس من كل شيء الا روح الله .يبقى المدد الأخير للانسان كما قال يعقوب لاولاده ان لا ييأسوا و يذهبوا ليتحسسوا من يوسف و اخيه فمهما حصل ومهما يأس الانسان او قنط عليه ان لا ييأس من روح الله فهي المعجزة التي تأتي دون انتظار.
عن كتاب الفروق اللغوية للمؤلف أبو هلال العسكري: الفرق بين القنوط واليأس: اليأس: انقطاع الطمع من الشئ، والقنوط: أخص منه، فهو أشد اليأس. ويدل عليه قول سيد الساجدين في دعاء الصحيفة الشريفة السجادية: (تفعل ذلك يا آلهي بمن خوفه منك أكثر من طمعه فيك، وبمن يأسه من النجاة أوكد من رجائه للخلاص لا أن يكون يأسه قنوط). وقال الراغب: القنوط: اليأس، وقيل هو من الخير، فهو أخص من مطلق اليأس، ويدل عليه قوله تعالى: "لا تقنطوا من رحمة الله" (الزمر 53). الفرق بين القنوط والخيبة واليأس: أن القنوط أشد مبالغة من اليأس وأما الخيبة فلا تكون إلا بعد الامل لأنها امتناع نيل ما امل، فأما اليأس فقد يكون قبل الامل وقد يكون بعده، والرجاء واليأس نقيضان يتعاقبان كتعاقب الخيبة والظفر، والخائب المنقطع عما أمل.
https://telegram.me/buratha