الدكتور فاضل حسن شريف
تكملة للحلقات السابقة جاء في تفسير الميسر: قال الله تعالى عن أموالهم "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ" ﴿الأنفال 72﴾ إن الذين صدَّقوا الله، ورسوله وعملوا بشرعه، وهاجروا إلى دار الإسلام، أو بلد يتمكنون فيه من عبادة ربهم، وجاهدوا في سبيل الله بالمال والنفس، والذين أنزلوا المهاجرين في دورهم، وواسوهم بأموالهم، ونصروا دين الله، أولئك بعضهم نصراء بعض. أما الذين آمنوا ولم يهاجروا من دار الكفر فلستم مكلفين بحمايتهم ونصرتهم حتى يهاجروا، وإن وقع عليهم ظلم من الكفار فطلبوا نصرتكم فاستجيبوا لهم، إلا على قوم بينكم وبينهم عهد مؤكد لم ينقضوه. والله بصير بأعمالكم، بجزي كلا على قدر نيته وعمله. قوله عز وجل "وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ" ﴿البقرة 265﴾ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ: فالله المُطَّلِع على السرائر، البصير بالظواهر والبواطن، ومثل الذين ينفقون أموالهم طلبًا لرضا الله واعتقادًا راسخًا بصدق وعده، كمثل بستان عظيم بأرض عالية طيبة هطلت عليه أمطار غزيرة، فتضاعفت ثمراته، وإن لم تسقط عليه الأمطار الغزيرة فيكفيه رذاذ المطر ليعطي الثمرة المضاعفة، وكذلك نفقات المخلصين تُقبل عند الله وتُضاعف، قلَّت أم كثُرت، فالله المُطَّلِع على السرائر، البصير بالظواهر والبواطن، يثيب كلا بحسب إخلاصه. قوله جل جلاله "لَّن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا ۚ أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" ﴿المجادلة 17﴾ لن تدفع عن المنافقين أموالهم ولا أولادهم مِن عذاب الله شيئًا، أولئك أهل النار يدخلونها فيبقون فيها أبدا، لا يخرجون منها. وهذا الجزاء يعم كلَّ من صدَّ عن دين الله بقوله أو فعله. قوله عز من قائل "الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّهِ ۚ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ" ﴿التوبة 20﴾ أعظم صفة، الذين آمنوا بالله وتركوا دار الكفر قاصدين دار الإسلام، وبذلوا أموالهم وأنفسهم في الجهاد لإعلاء كلمة الله، هؤلاء أعظم درجه عند الله، وأولئك هم الفائزون برضوانه.
جاء في تفسير غريب القرآن لفخر الدين الطريحي النجفي: "اطمس" (يونس 88) إمح واذهب من قولك: طمس الطريق إذا عفي ودرس، قال تعالى "ربنا اطمس على أموالهم" (يونس 88) ومعنى طمس الأموال: تغييرها عن جهتها إلى جهة لا ينتفع بها، قيل: صارت جميع أموالهم حجارة. قوله سبحانه "فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب" (الحشر 6) أي فما أوجفتم على تحصيله وتغنيمه خيلا ولا ركابا وإنما مشيتم إليه على أرجلكم فلم تحصلوا أموالهم بالغلبة والقتال ولكن الله سلط رسوله عليهم وخوله أموالهم. قوله تعالى "فتأتون أفواجا" (النبأ 18) أي من القبور إلى موقف الحساب أمما كل أمة إمامهم، وقيل جماعات مختلفة، وفي الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وآله انه يحشر أصناف من أمتي أشتاتا قد ميزهم الله تعالى من المسلمين وبدل صورهم فبعضهم على صورة القردة، وبعضهم على صورة الخنازير، وبعضهم منكسون أرجلهم فوق وجوههم يسحبون عليها، وبعضهم عمى، وبعضهم بكم وصم، وبعضهم يمضغون ألسنتهم فهي مدلات على صدورهم يصيل القيح من أفواههم يتقذرهم أهل الجمع، وبعضهم مقطعة أيديهم وأرجلهم، وبعضهم مصلبون على جذوع نار، وبعضهم أشد نتنا من الجيف، وبعضهم ملبسون جبابا سابقة من قطران لازقة بجلودهم، فأما الذين على صورة القردة فالقتات من الناس، وأما الذين على صورة الخنازير فأهل السحت، وأما المنكسون على رؤسهم فأكلة الربا، وأما العمى فالذين يجورون في الحكم، وأما الصم والبكم فالمعجبون بأعمالهم وأما الذين قطعت أيديهم وأرجلهم فهم الذين يؤذون الجيران، وأما المصلبون على جذوع من نار فالسعاة بالناس إلى السلطان، وأما الذين هم أشد نتنا من الجيف فالذين يتبعون الشهوات واللذات ويمنعون حق الله في أموالهم، وأما الذين يلبسون الجباب فأهل الكبر والفخر والخيلاء.
عن تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قوله تعالى "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ" (النساء 34) "الرجال قوامون" مسلطون "على النساء" يؤدبونهن ويأخذون على أيديهن "بما فضل الله بعضهم على بعض" أي بتفضيله لهم عليهن بالعلم والعقل والولاية وغير ذلك "وبما أنفقوا" عليهن "من أموالهم فالصالحات" منهن "قانتات" مطيعات لأزواجهن "حافظات للغيب" أي لفروجهن وغيرها في غيبة أزواجهن "بما حفظ" لهن "الله". قوله سبحانه "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئًا ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ" (ال عمران 10) "إن الذين كفروا لن تغني" تدفع "عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله" أي عذابه "شيئا وأولئك هم وقود النار" بفتح الواو ما توقد به. قوله تعالى "وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ" ﴿المعارج 24﴾ هو الزكاة.
جاء في التفاسير "الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" (البقرة 274) نزلت في حق الامام علي بن ابي طالب عليه السلام هو الذي ينفق ماله سرا وعلانية. قال امير المؤمنين عليه السلام (الله الله في الجهاد بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم في سبيل الله لا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولى عليكم شراركم ثم تدعون فلا يستجاب لك). عن مركز الأبحاث العقائدية: إن أمير المؤمنين عليه السلام تصدق بأربعة دراهم ليلاً ونهاراً وسراً وجهراً, فنزلت آية في حقه "الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار" (البقرة 274), وتصدق بخاتمه فأنزل الله تبارك وتعالى "انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا" (المائدة 55), وأطعم هو وأهله مسكيناً ويتيماً وأسيراً, فنزل في حقهم "ويطعمون الطعام على حبه" (الانسان 8).
https://telegram.me/buratha