كوثر العزاوي
كلمة “وإن” هو قائلها! حروف ثلاث هزّت عرش الله وبعثرت حال الملكوت فطفق جناح جبرائيل يخفق ويخفق حتى ذوى حزنًا وألمًا، وإنّ الأنكى، فقد جعلت من قلب المهديّ “عليه السلام” يئـنّ شجنًا ويلتهبُ نارًا على مظلومية أمّهِ أم الحجج الطاهرة “عليها السلام” الى يومنا هذا!
فاطمة الزهراء، المعصومة العالِمة الطاهرة الزكية ومَن خصَّها ربّ العزة والجلال بصفاتٍ نورانية ملكوتيّة عديدة بلغت المِائة، وكان لها بيت نبويّ علويّ فاطميّ صغير متواضع، وكانت عندما يستأذن عليها رسول الله “صلى الله عليه وآله” بعظمة جلاله تقول له متسائلة: أبه! البيت بيتك والكريمة ابنتك، فلِمَ الإذن يارسول الله؟! فكان يجيبها: بُنيّتي فاطمة؛ إن ربي أمرني أن أستأذن، ترى مالذي يُفهَم من هذا غير أنّ الأستئذان على بيت فاطمة إنما هو تكليف إلهيّ! وليس مزاج من أدب أو ماشاكل، والسؤال هو: هل كل هذا وأكثر قد خفيَ على صاحب “وإن” ذلك المتجرئ على الله ورسوله؟! أوَ لم يكن يُدرك ردّة الفعل من الناس إن هو أقدَمَ على الاقتراب من باب حجة الله الزهراء “عليها السلام” بسوء ودون أستئذان؟! يبدو أنّ المخالِفَ لله بمخالفة الحكم الشرعي قد امتهن العصيان والمخالفة فضلًا عن جريمة اقتحام وإحراق بيت عليّ وفاطمة، مع سبق الاصرار، فأقدمَ على فعلٍ دون حجة شرعية وهو يضرمُ النار بالدار! ولم تكن لديه حجّة أقوى ولا أفضل من حجّة امتناع عليّ”عليه السلام” عن البيعة أو بحجة امتناعه عن حضور صلاة الجماعة وهذا أدهى وأمرّ كما تذكر الروايات في مظانها تفصيلًا، ولهذا الغرض وبهذه الحجة، تعجَّبَ الناس والذهول يكتنفهم قائلين له: يا عمر! إن في الدار فاطمة! فقال: وإن، أي حتى إذا كانت فاطمة “عليها السلام” فإن الدار يجب أن تحرق!! فأيّ يومٍ ذاك الذي تركَ بصماته مدماة على قلب فاطمة، وأي فضاءٍ لم تهدَأ عواصفُهُ المحمّلة بدخان حريق باب فاطمة!! أمّا عن روح عليّ”عليه السلام” فلاتسأل!! فالرُّوحُ في مركبِ الاحزان مجرَاهَا، إن باحَ بالفقدِ زادَ الهَمُّ من وجعه، وإن سكتَ أتاه بَوحُ ذكرَى عشق فاطمة وشرارات حريق بابها وفراقها! ولكن سيبقى عزاء محمد وعليّ وأتباعهم، عند ذلك اليوم الموعود، مشهود يُفصح عما جرى فيقرّ الكون ومافيه من موجودات بأنّ السیدَة فَاطِمَة الزهراء قد انتَصَرَت ولَازَالتْ تنتصر بتلك الوصیةُ التي أَوْصَت بها أنْ تُدفَن لیلًا، كما قرأ الحادث الأليم “الشيْخ المرحوم بَهْجَت”رضوان الله عليه”، وهذا مايثبّت أنّها فاطمة، ومَن بغضبها يغضبَ الله، ومَن برضاها يرضى الله”عزوجل” فأيّ معيار ثقيل سيقصمُ ظهر المتآمرين القتلة وهم لامحالة في النار خالدين، والعاقبة للمتقين.
https://telegram.me/buratha