الدكتور فاضل حسن شريف
عن كتاب الاجتهاد والتقليد للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: وكمثل عليه أنّه ينقل عن الطبري وتفسير البرهان للسيد هاشم البحراني في كلمة الرّحمن الرّحيم: انّ بعض الروايات تقول: الرّحمن اسم خاص معناه عام والرّحيم اسم عام ومعناه خاص، وانّه مختص بالآخرة أو المؤمنين. فردّ هذه الروايات مستدلاًّ باستعمال القرآن لفظ الرّحيم من غير اختصاص بالمؤمنين، أو بالآخرة، مثل "نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ" (الحجر 49)، وأمثالها ممّا يدلّ على عدم اختصاص الرّحيم بالمؤمنين، كذلك فانّ كثيراً من الروايات والأدعية تقول رحمن الدّنيا والآخرة ورحيمهما
جاء في كتاب البيان في تفسير القرآن للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: سورة الفاتحة: محل نزولها: المعروف: أن هذه السورة مكية، وعن بعض أنها مدنية، والصحيح هو القول الاول، ويدل على ذلك أمران: الاول: أن فاتحة الكتاب هي السبع المثاني: وقد ذكر في سورة الحجر أن السبع المثاني نزلت قبل ذلك، فقال تعالى "وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ" (الحجر 87). وسورة الحجر مكية بلا خلاف: فلا بد وأن تكون فاتحة الكتاب مكية أيضا. الثاني: أن الصلاة شرعت في مكة، وهذا ضروري لدى جميع المسلمين ولم تعهد في الاسلام صلاة بغير فاتحة الكتاب، وقد صرح النبي صلى الله عليهوآله وسلم بذلك بقوله: لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب وهذا الحديث منقول عن طريق الامامية وغيرهم. وذهب بعض: إلى أنها نزلت مرتين، مرة في مكة، واخرى في المدينة تعظيما لشأنها، وهذا القول محتمل في نفسه وإن لم يثبت بدليل، ولا يبعد أن يكون هو الوجه في تسميتها بالسبع المثاني، ويحتمل أن يكون الوجه هو وجوب الاتيان بها مرتين في كل صلاة: مرة في الركعة الاولى ومرة في الركعة الثانية.. فضلها: كفى في فضلها: أن الله تعالى قد جعلها عدلا للقرآن العظيم في آية الحجر المتقدمة، وأنه لا بد من قراءتها في الصلاة بحيث لا تغني عنها سائر السور، وأن الصلاة هي عماد الدين، وبها يمتاز المسلم عن الكافر. روى الصدوق باسناده عن الحسن بن علي العسكري عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهم السلام. أنه قال: بسم الله الرحمن الرحيم آية من فاتحة الكتاب وهي سبع آيات تمامها: بسم الله الرحمن الرحيم سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: إن الله تعالى قال لي يا محمد "وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ" (الحجر 87). فأفرد الامتنان علي بفاتحة الكتاب، وجعلها بإزاء القرآن العظيم وإن فاتحة الكتاب أشرف ما في كنوز العرش.
جاء في كتاب البيان في تفسير القرآن للسيد ابو القاسم الخوئي قدس سره: القرآن والاخبار بالغيب: أخبر القرآن الكريم في عدة من آياته عن امور مهمة، تتعلق بما يأتي من الانباء والحوادث، وقد كان في جميع ما أخبر به صادقا، لم يخالف الواقع في شيء منها. ولا شك في أن هذا من الاخبار بالغيب، ولا سبيل إليه غير طريق الوحي والنبوة. الله يريد أن يحق الحق بكلماته. وقد وفى للمؤمنين بوعده، ونصرهم على أعدائهم، وقطع دابر الكافرين. ومنها قوله تعالى: "فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ * الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللّهِ إِلـهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْمَلُونَ" (الحجر 94-96). فإن هذه الاية الكريمة نزلت بمكة في بدء الدعوة الاسلامية، وقد أخرج البزار والطبراني في سبب نزولها عن أنس بن مالك: أنها نزلت عند مرور النبي صلىالله عليه وآله وسلم على أناس بمكة، فجعلوا يغمزون في قفاه، ويقولون: هذا الذي يزعم أنه نبي ومعه جبرئيل. فأخبرت الاية عن ظهور دعوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ونصرة الله له، وخذلانه للمشركين الذين ناوأوه واستهزأوا بنبوته، واستخفوا بأمره. وكان هذا الاخبار في زمان لم يخطر فيه على بال أحد من الناس انحطاط شوكة قريش، وانكسار سلطانهم، وظهور النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليهم.
جاء في موسوعة الامام الخوئي للسيد أبوالقاسم الخوئي: أنّ الطهور الذي هو من الخمسة المعادة منها الصلاة إما أن يكون أعم من الطهارة الحدثية والخبثية، وإما أن يكون مجملاً لا يدرى أنه يختص بالطهارة الحدثية أو يعم الخبثية أيضاً، وعلى كلا الفرضين لا يمكن التمسك به في الحكم بعدم وجوب الإعادة على الجاهل. أما بناء على أنه أعم فلأجل أن صلاة الجاهل فاقدة لطهارة الثوب أو البدن والإخلال بالطهارة الخبثية مما تعاد منه الصلاة. وأما بناء على إجماله فلأجل كفاية الإجمال في الحكم بوجوب الإعادة على الجاهل بالحكم أو بالاشتراط، وذلك لأن إجمال المخصص المتصل كالطهور يسرى إلى العام كقوله لا تعاد ويسقطه عن الحجية في مورد الإجمال، ومعه لا دليل على عدم وجوب الإعادة في مفروض الكلام. ومقتضى إطلاقات مانعيّة النجاسة في الثوب والبدن بطلان صلاة الجاهل القاصر ووجوب الإعادة عليه. و هذا الوجه وإن كان أمتن الوجوه التي قيل أو يمكن أن يقال في المقام إلّا أنه أيضاً مما لا يمكن المساعدة عليه، وذلك لأنّ الطهور حسبما ذكرناه في أوائل الكتاب من أنه بمعنى ما يتطهر به نظير الوقود والفطور والسحور وغيرهما مما هو بمعنى ما يحصل به المبدأ، وقد يستعمل بمعنى آخر أيضاً وإن كان أعم حيث إن ما يحصل به الطهارة وهو الماء والتراب غير مقيد بطهارة دون طهارة وبالحدثية دون الخبثية، إلّا أن في الحديث قرينة تدلنا على أن المراد بالطهور خصوص ما يتطهر به من الحدث فلا تشمل الطهارة الخبثية بوجه. بيان تلك القرينة: أن ذيل الحديث دلّنا على عدم ركنية غير الخمسة في الصلاة، حيث بيّن أن القراءة والتشهّد والتكبير سنّة ثم إنّ الخمسة المذكورة في الحديث هي بعينها الخمسة التي ذكرها اللَّه سبحانه في الكتاب وقد أشار إلى الركوع. وأشار إلى السجود بقوله "فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ كُنْ مِنَ اَلسَّاجِدِينَ" (الحجر 98).
https://telegram.me/buratha