الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في تفسير الميسر: قال الله تعالى عن معين "يُطَافُ عَلَيْهِم بِكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ" ﴿الصافات 45﴾ معين اسم، مِنْ مَعين: من شراب نابع من العيون. يدار عليهم في مجالسهم بكؤوس خمر من أنهار جارية، لا يخافون انقطاعها، بيضاء في لونها، لذيذة في شربها، ليس فيها أذى للجسم ولا للعقل. قوله سبحانه "بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ" ﴿الواقعة 18﴾ من معين: خمْر جارية من العيون. وَكَأْسٍ مِّنْ مَّعِينٍ: إناء لشرب الخمر من عين جارية لاتنقطع أبدا. يطوف عليهم لخدمتهم غلمان لا يهرمون ولا يموتون، بأقداح وأباريق وكأس من عين خمر جارية في الجنة، لا تُصَدَّعُ منها رؤوسهم، ولا تذهب بعقولهم.. قوله جل جلاله "قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاءٍ مَّعِينٍ" ﴿الملك 30﴾ معين صفة، مَاءٍ مَّعِينٍ: نابع، سائح، جار على وجه الأرض. بماء معين: جَار أو ظاهرٍ. سَهْل التـّـناوُل. قل أيها الرسول لهؤلاء المشركين: أخبروني إن صار ماؤكم الذي تشربون منه ذاهبًا في الأرض لا تصلون إليه بوسيلة، فمَن غير الله يجيئكم بماء جارٍ على وجه الأرض ظاهر للعيون؟ قوله عز من قائل "وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ" ﴿المؤمنون 50﴾ وَمَعِينٍ: وَ حرف عطف، مَعِينٍ اسم. المعين: الماء الجاري الظاهر المنكشف. وَمَعِينٍ: نبع الماء الجاري وهو النهر. ذات قرار اي يستقر فيه ويعمر. وجعلنا عيسى بن مريم وأمه علامة دالة على قدرتنا؛ إذ خلقناه من غير أب، وجعلنا لهما مأوى في مكان مرتفع من الأرض، مستوٍ للاستقرار عليه، فيه خصوبة وماء جار ظاهر للعيون.
جاء في معاني القرآن الكريم: عين العين الجارحة. قال تعالى: "والعين بالعين" (المائدة 45)، "لطمسنا على أعينهم" (يس 66)، "وأعينهم تفيض من الدمع" (التوبة 92)، "قرة عين لي ولك" (القصص 9)، "كي تقر عينها" (طه 40)، ويقال لذي العين: عين (قال ابن منظور: والعين: الذي ينظر للقوم، سمي بذلك لأنه إنما ينظر بعينه. انظر: اللسان (عين))، وللمراعي للشيء عين، وفلان بعيني، أي: أحفظه وأراعيه، كقولك: هو بمرأى مني ومسمع، قال: "فإنك بأعيننا" (الطور 48)، وقال: "تجري بأعيننا" (القمر 14)، "واصنع الفلك بأعيننا" (هود 37)، أي: بحيث نرى ونحفظ. وعن تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قوله عز من قائل "وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ" ﴿المؤمنون 50﴾ ﴿وجعلنا ابن مريم﴾ عيسى ﴿وأمه آية﴾ لم يقل آيتين لأن الآية فيهما واحدة: ولادته من غير فحل، ﴿وآوينهما إلى ربوة﴾ مكان مرتفع وهو بيت المقدس أو دمشق أو فلسطين، أقوال ﴿ذات قرار﴾ أي مستوية يستقر عليها ساكنوها، ﴿ومعين﴾ وماء جار ظاهر تراه العيون.
عن كتاب تفسير التبيان للشيخ الطوسي: قوله تعالى "وَ جَعَلنَا ابنَ مَريَمَ وَ أُمَّهُ آيَةً وَ آوَيناهُما إِلي رَبوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَ مَعِينٍ" (المؤمنون 50) يقال: آوي اليه يأوي، و آواه غيره يؤويه إيواء أي جعله مأوي له. (و الربوة) المكان المرتفع علي ما حوله. و الربوة الّتي أويا اليها في الرملة في قول أبي هريرة و قال سعيد بن المسيب: هي دمشق، و قال إبن زيد: هي مصر. و قال قتادة هي بيت المقدس. و قال ابو عبيدة: يقال: فلان في ربوة من قومه أي في عز و شرف، و عدد. و قوله "ذات قرار" أي تلك الربوة لها ساحة و سعة أسفل منها. و (ذات معين) أي ماء جار، ظاهر بينهم. و قيل: معني "ذات قرار" ذات استواء يستقر عليه. و معين ماء جار ظاهر للعيون في قول سعيد و الضحاك و قال قتادة "ذات قرار" ذات ثمار، ذهب إلي انه لأجل الثمار يستقر فيها ساكنوها. و معين (مفعول) من عنته أعينه، و يجوز أن يکون (فعيلا) من معن يمعن، و هو الماعون، و هو الشيء القليل في قول الزجاج- قال الراعي: قوم علي الإسلام لما يمنعوا * ما عونهم و يبدلوا التنزيلا. قيل معناه وفدهم. و قيل: زكاتهم. و أمعن في كذا إذا لم يترك منه إلا القليل. و قال الفراء: المعن الاستقامة. قال عبيد بن الأبرص: واهية او معين ممعن * أو هضبة دونها لهوب، واحدها لهب، و هو شق في الجبل، واهية أي وهت. و مطر ممعن أي مار.
وعن مركز الأبحاث العقائدية عن حقيقة المسيح في الاسلام للكاتب علي الشيخ: أن القرآن الكريم لم يذكر شيئاً عن طفولة المسيح عليه السلام وشبابه، بل وحتّى الروايات سكتت عن هذه الفترة من حياة المسيح عليه السلام الاّ يسيراً، ويظهر فى بعض الاخبار أن مريم عليها السلام حملت المسيح عليه السلام ومعها يوسف النجار على حمار حتّى وردا أرض مصر، فهي الربوة التي قال الله: "وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَة ذَاتِ قَرَار وَمَعِين" (المؤمنون 50). وقد اختلف المفسرون في المراد بهذه الربوة التي ذكر الله في صفتها أنها ذات قرار ومعين، وهذه صفة غريبة الشكل، وهي أنها ربوة، وهو المكان المرتفع من الأرض الذي أعلاه مستو يقر عليه، وارتفاعه متسع، ومع علوه فيه عيون الماء المعين، وهو الجاري السارح على وجه الأرض، فقيل المراد المكان الذي ولدت فيه المسيح وهو نخلة بيت المقدّس، وقيل أنها أنهار دمشق، وقيل ذلك في مصر كما زعم البعض من أهل الكتاب. فمكثت مريم أثنتي عشرة سنة تكتمه من الناس، لا يطّلع عليه احد، وكانت مريم لا تأمن عليه ولا على معيشته أحداً، حتّى تم لعيسى عليه السلام أثنتا عشرة سنة، فكان اول آية رآها الناس منه أنّ امّه كانت نازلة في دار دهقان من اهل مصر، فكان ذلك الدهقان قد سُرقت له خزانة، وكان لايسكن في داره الاّ المساكين فلم يتهمهم، فحزنت مريم لمصيبة الدهقان، فلما أن رأى عيسى حزن امه بمصيبة صاحب ضيافتها، قال لها: يا أمه، أتحبين أن أدلّه على ماله؟ قالت: نعم يا بني، قال: قولي له يجمع لي مساكين داره، فقالت مريم للدهقان ذلك. فجمع مساكين داره، فلما اجتمعوا عمد الى رجلين منهم: أحدهما أعمى والاخر مقعد، فحمل المقعد على عاتق الاعمى، ثم قال له: قم به، قال الاعمى: أنا اضعف من ذلك، قال عيسى عليه السلام: فكيف قويت على ذلك البارحة؟ فلما استقل قائماً حاملا، هوي المقعد الى كوة الخزانة. قال عيسى عليه السلام: هكذا احتالا لمالك البارحة، فقال المقعد والاعمى صدق، فردّا.
https://telegram.me/buratha