الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في کتاب خيارات للسيد مصطفى الخميني قدس سره: والتصرف الخاص، وهو الاحداث مثلا، فإن الارش والفسخ يسقطان بهما قهرا، من غير احتياج الى تجشم استدلال. وهكذا في صورة حدوث العيب، بناء على القول بكفاية مطلق الحدوث سقوط الرد، وقد عرفت وجه منعه، وأن الاحداث يمنع دونه، والحدوث ليس بمانع إلا على الاخذ بمرسلة جميل، وعلى القول به فلا فرق بين كونه في مورد يجوز أخذ الارش، أو لا يجوز، خلافا لما يظهر من الشيخ رحمه الله فليراجع، وتدبر جدا. تذنيب: حكم الربا اللازم من الاقالة أو الفسخ هل يكون الربا اللازم من الاقالة أو الفسخ محرما، أم لا؟ وجهان: من التشديد الاكيد في أمر الربا وتحريمه، وانه "بحرب من الله" (البقرة 279) وإطلاق الكتاب، وهو قوله تعالى: "وحرم الربا" (البقرة 275). ومن اختصاصه بالبيع أو مطلق المعاوضات، وليست الاقالة ولا الفسخ بالضرورة من المعاملة الجديدة. وأن مطلق الفائدة لو كانت محرمة للزم سد باب التجارات، وقد مر في موجبات سقوط الارش فقط ما يتعلق بالمسألة. وقد صرح الوالد المحقق قدس سره هنا بعدم اقتضاء أدلة الربا حرمته فيما نحن فيه، ولو كان بشكل الشرط لو كان اشتراط الزائد في ضمن الاقالة والفسخ جائزا، كما لا يبعد، فتدبر. فعلى هذا، يكون الرد والفسخ جائزين ولو مع شرط الزيادة. فما عن العلامة في (التذكرة): من أن الرد ممنوع، إما لاجل كونه من الربا إن كان مع الزيادة وجبران العيب الحادث، وإما يكون ضررا إذا لم يكن بدون الجبران غير تام، لعدم كونه من الربا المحرم. هذا مع أن رد المعيب بالعيب الحادث ضرر، والصبر على المعيب بالعيب الاول أيضا ضرر على المشتري. اللهم إلا أن يقال: إن مقتضى النص والفتوى، أن العيب الحادث موجب لسقوط الرد، فالاضرار مستند الى الشرع، وأخذ الارش أيضا من الربا المستند إليه أيضا، فلا مجال لجريان قاعدة (لا ضرر) هنا لو قلنا بجريانها في أمثال المسألة. نعم، بناء على ما ذكرناه من عدم سقوط الرد بالعيب الحادث مطلقا لعدم الدليل عليه يكون الرد جائزا، ولا يلزم الربا إذا رده بالزائد جبرانا للعيب الحادث عند المشتري، لما عرفت.
عن کتاب تفسير القرآن الكريم للسيد مصطفى روح الله الخميني قدس سره: قال أبو الحسن ابن الحصار في كتابه (الناسخ والمنسوخ): المدني بالاتفاق عشرون سورة منها سورة البقرة، والمختلف فيه اثنتا عشرة سورة، وما عدا ذلك مكي بالاتفاق. ووافقه على جميعها في ذلك أبو بكر ابن الأنباري (المتوفى 328). وأسماء القرآن المعروفة أربعة: منها القرآن: كما في قوله "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن" (البقرة 185)، و الكتاب: كما في آيات منها "ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ" (البقرة 2)، و الذكر: ولكنه مشترك بينه وبين سائر الكتب السماوية ففي قوله تعالى: "وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون" (البقرة 53).
جاء في کتاب تفسير القرآن الكريم للسيد مصطفى الخميني: وأما سورة البقرة فنزلت مختلفة كما عرفت فيما سبق بتفصيل وهذا يشعر بأن سورة البقرة لم تكن ذات طول واحد أو ترتيب واحد منذ بدء وحيها، ولكن تألفت في الأدوار المختلفة حتى أصبحت في ترتيبها الأخير التوفيقي، ولو أردنا أن نتبع نزول الآيات في سورها وتاريخها لإثبات ما تقدم، فالمجال واسع جدا، إذ لا تكاد تخلو سورة كبيرة منه. وإنما نتعرض للعهد المكي قبل غيره فيما لم يكن القرآن قد رتب ترتيبا أخيرا، ولكن كثيرا من سوره كان مرتبا ترتيبا أوليا وكذلك لأول العهد المدني. ويؤيد ما سبق في سورة البقرة ما روي عن أبي بن كعب في حديث إسماعيل ابن جعفر، عن المبارك بن فضالة، عن عاصم بن أبي النجود، عن زر بن حبيش، قال لي أبي بن كعب: كأين تعد سورة الأحزاب؟ قلت اثنتين وسبعين أو ثلاثا وسبعين آية. قال: إن كانت لتعدل سورة البقرة، وإن كنا لنقرأ آية الرجم فيها. راجع (الإتقان). فإن في ظاهر قوله طعما شهيا يتصيد به المتصيدون من أعداء الإسلام، لأن سورة البقرة في وضعها الحاضر تحوي (286) آية، وهناك مجال لأن يسأل: فأين ذهبت (213) آية من الأحزاب؟ وهناك رأي آخر نقله السيوطي في (الإتقان) عن مالك، يقول: بأنه قد ثبت بأن سورتي البراءة والبقرة كانتا من طول واحد، فإذا علمنا أن، براءة تحتوي (130) آية، والبقرة تحوي (286) آية، فإن هناك مجالا للتسائل من قبل السطحيين من أعداء الإسلام وحتى من المسلمين عن مصير هذا الفرق وهو (156) آية، والقولان سيثبت بأنهما صحيحان ولا غبار عليهما. اعلم أن سورة البقرة هي أول السور المدنية، والأحزاب هي رابعة السور المدنية في النزول، أي من أوائلها، ولا يبعد أنهما كانتا تعدلان بعضهما البعض في الدور الأول من العهد المدني، ولقد لفت نظري أن بداية سورة البقرة "ألم" يساوي بحساب الجمل (71)، والأحزاب على قول (72) أو (73) آية، فهما في هذه الحالة تعدلان بعضهما البعض، لأن كلمة " تعدل " صادقة مع التقارب، وهذا يدلنا إذا تطابقت هذه الطريقة على سور أخرى، أن سورة الأحزاب والبقرة كانتا في دور من أدوار الوحي من طول واحد تقريبا، أي كانتا تتعادلان، فقول أبي - على هذا الأساس - صحيح، وسوف لا يكون هناك مجال بعد ذلك لأن يتسائل إنسان: أين ذهبت (213) آية من الأحزاب أو (156) آية من البراءة؟ فأنت ترى من هذه الخدمة الجليلة التي يؤديها الرمز "ألم" هنا في دفع شك كبير قد يتطرق إلى الباحث عند مطالعة البحث المشوش عن جمع القرآن في (الإتقان) وغيره، وفي تأييد قول الصحابي كأبي بن كعب ونحوه. ومما تقدم يظهر: أن سورة الأحزاب لم تضم إليها آيات جديدة بعد أن وصلت الآية الثالثة والسبعين، بعكس سورة البقرة، فإنها طالت بما ضم إليها من آيات جديدة، فكانت في دورها الثاني في طول (براءة تقريبا)، وبراءة لم تزد بعد الآية (130) بعكس البقرة فإنها ختمت في (286)، وهي نهايتها، فلا تناقض بين الأقوال التي وردت عن تعادل الأحزاب والبقرة، ثم عن تعادل براءة والبقرة، بل كلها صحيحة. ولقد شجعتني هذه النتيجة على الاستمرار بالبحث، وظهرت لي الحقائق التالية: سورة الأعراف: "المص" مجموع هذه الحروف (161) عدد آياتها (205) يلفت النظر أن هذه السورة مكية حتى الآية (161)، أما بقية السورة فمدنية. ويؤيد ذلك: أن السيوطي يذكر: أن من المراجع ما يشير إلى أن آية (163) إلى (174) فهو مدني (الإتقان)، وأما آية (174) وما بعدها "واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها" فعن عبد الله بن عمر وسعيد بن المسيب وزيد بن أسلم وأبي روق: أن هذه الآيات نزلت في أمية بن أبي الصلت وقد مر على قتلى بدر، فقال لو كان نبيا ما قتل أقرباءه إلى آخره. ومن هذا يظهر أن الآيات مدنيات: آية (186) "يسألونك عن الساعة" فعن ابن عباس أنها مدنية، وهكذا آية (203) فعن الزهري والسيوطي أنها مدنية، فمما سبق يظهر للقارئ بوضوح أن "المص" تشير إلى آيات السورة المكيات، ولما كانت هذه السورة من أوائل السور المكية - الثامنة والثلاثون في النزول فإن الرمز هنا كان يشير بالضبط إلى عدد آياتها في العهد المكي قبل أن تضاف إليها آيات مدنيات في العهد المدني. سورة هود: "الر" مجموع حروفها (231) عدد آياتها (123) آية ما عدا الآيات (12، 17، 114) فإنها مدنيات، وعلى هذه الحال، فإنها تحوي (120) آية مكية في الدور المكي، ويبدو لأول وهلة أن الحساب هنا لا ينطبق، ولكن مهلا أيها القارئ الكريم، وتأمل ترتيب سورة هود في القرآن، فإنها قبل سورة يوسف، وهما بحساب ابن عباس متتابعان في النزول، ويلفت النظر أن سورة يوسف مبتدأة ب "الر"، فهل هذه البداية تشير إلى أنها تابعة لوحدة هود التي نزلت قبلها، وأن مجموع آياتهما هو مجموع حروف رمزهما المشترك؟ وهكذا بقيةآيات كما جاء في كتاب تفسير القرآن للسيد مصطفى الخميني قدس سره.
https://telegram.me/buratha