الدكتور فاضل حسن شريف
عن علوم القرآن للسيد محمد باقر الحكيم: خلق القاعدة الثورية: إن عملية التغيير الاجتماعي الجذري تحتاج أيضا بطبيعة الحال إلى خلق القاعدة الثورية التي تمثل البعد الثالث للهدف، ولعل هذا هو المراد بما أشير إليه في عدة آيات من القرآن الكريم بالتزكية "ويزكيهم". ولذلك سعى القرآن الكريم إلى خلق هذه القاعدة الثورية، وأعطى ذلك أهمية خاصة، واهتم بمعالجة القضايا الآنية والمستجدة التي يعيشها الرسول بشكل خاص، وتابع الاحداث التي كانت تواجه الرسالة، واتخذ المواقف تجاهها ليحقق هذا الهدف العظيم. ومن الواضح أن خلق هذه القاعدة وتكوينها في الوقت الذي يمثل مهمة صعبة وبالغة التعقيد، كذلك يمثل دورا ذا أهمية في مستقبل الرسالة وقدرتها على البقاء والاستمرار، إضافة إلى قدرتها على الشمول والانتشار. فإضافة إلى البعد الكيفي في عملية التغيير التي استهدفها القرآن، كان هناك بعد كمي في الهدف يتوخى بشكل خاص أن يقوم النبي ببناء القاعدة للرسالة بحيث يمكن لهذه الرسالة بعد ذلك أي بعد وفاة الرسول وانقطاع الوحي أن تستمر وتنتشر من خلال هذه القاعدة التي أولاها القرآن الكريم أهمية خاصة، وأعطاها قسطا كبيرا وحظا وافرا، كما نلاحظ ذلك في مجمل الآيات التي تناولت الاحداث ي عصر الرسالة وتفصيلاتها، وكذلك بعض التقاليد والعادات والقوانين، إضافة إلى عنصر اللغة وأساليبها في القرآن. فهناك توجه خاص في القرآن الكريم إلى سكان الجزيرة العربية.
اء في موقع مؤسسة تراث الشهيد الحكيم عن مفهوم الامة في السياق القرآني للدكتور محمد جعفر العارضي: وردت لفظة (الأُمَّة) في القرآن الكريم في دلالتها الاجتماعية (56 مرة). وعلى الرغم من تعدد السياقات التي تحتوي هذه اللفظة، وكثرة تفريعاتها، ومن ثمَّ كثرة دلالاتها، الا إنَّنا نجد السيد محمد باقر الحكيم قدس سره قد أدار هذا التعدد السياقي وعالجه معالجة شاملة منتجة، وتناوله بلحاظ دلالته على البعد المعنوي و الفكري للجماعة البشرية. نعم لا يخلو التأسيس للأمَّة في المنظور القرآني من توخي الجوانب الفكرية والتربوية و المعنوية، و لعلي استطيع تقسيم هذا التناول على عدد من المحاور منها جماعة الانبياء. و هو ما خرجت (الأُمَّة) للدلالة عليه في سياق عدد من الآيات المباركة. و من ذلك قوله تعالى: "وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ" (الشورى 8). لقد (اشارت الآية الكريمة الى جماعات من الناس متعددة بحسب الواقع اللغوي و التأريخي و الشعوبي، و لكنها ترتبط فيما بينها بروابط فكرية و عقائدية و سلوكية، و اهداف سياسية و حركية، بحيث تعبر بمجموعها عن مجتمع كامل، و هذه الجماعات هي جماعة الانبياء عبر التأريخ الانساني التي كانت ترتبط فيما بينها برباط الايمان بالله تعالى و توحيده، و بالغيب و الوحي الالهي، و بالدعوة الى الاخلاق الفاضلة، و التكامل في السيرة الانسانية). و قريب من هذا اشارة (الأُمَّة) في هذا السياق الى (ملة واحدة) ينهل منها الانبياء عليهم السلام، فيأتي خطابهم الاصلاحي موحد الاهداف متعدد الادوار والمراحل.
عن رسالة التقريب للشهيد السيد محمد باقر الحكيم قدس سره: شخصية نوح عليه السلام لم يتحدث القرآن الكريم عن الحياة الشخصية لنوح، أو بعض ما جرى له قبل رسالته ودعوته، كما تحدث عن إبراهيم وموسى وعيسى عليهما السلام. ولعل السبب في ذلك والله أعلم أنّه لا يوجد شيء فيها يثير الاهتمام بالنسبة إلى الأغراض القرآنية للقصة. أو أن القرآن كان منهجه التفصيل النسبي بالنسبة إلى الأنبياء اللاحقين لوجود أقوام يتبعونهم ولا زالوا على ديانتهم والانتماء الخاص لهم دون الأنبياء السابقين الذين لا يتصفون بهذه الصفة. ولكن يمكن أن نستنتج من المحاورة التي جرت بين نوح عليه السلام والملأ من قومه أن نوحاً كان من طبقة الأشراف والملأ منهم. ولذلك كانوا يحتجون عليه بمعاشرة الأراذل من الناس ويطلبون منه أن يطردهم. كما أن هذا الانتماء لهذه الطبقة من الناس قد يفسر لنا العامل الاجتماعي والله أعلم في ضلال زوجته وابنه حيث كانوا يتأثرون بهذه العوامل الاجتماعية. كما أنّه يمكن أن نستنتج أنّه كان على درجة عالية من الشجاعة والاقدام والصبر والتحمل لما توحيه ظروف المحاصرة والعزلة والتكذيب والتهديد له بالقتل، وهو مع كل ذلك يستمر في رسالته دون ملل أو كلل مع طول المدة، كما سوف نعرف ذلك. لم يترك القرآن الحديث عن شخصية نوح عليه السلام ومواصفاته العامة، من خلال نقاط منها كان نوح أول أولي العزم الذين هم سادة الأنبياء وأصحاب الرسالات الإلهية العامة إلى البشر جميعاً، الذين أخذ الله تعالى منهم الميثاق الغليظ، ولذا فشريعته أول الشرائع الإلهية المشتملة على تنظيم الحياة الإنسانية. وقد ذكرنا إشارة القرآن الكريم إلى ذلك في الآية "شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (الشورى 13).
جاء في كتاب علوم القرآن للسيد محمد باقر الحكيم: أسلوب القسم المكي يمتاز بالشدة والعنف والسباب: فقد قالوا: إن أسلوب القسم المكي من القرآن يمتاز عن القسم المدني بطابع الشدة والعنف، بل وبالسباب أيضا، وهذا يدل على تأثر محمد بالبيئة في مكة التي كان يعيش فيها، لأنها مطبوعة بالغلظة والجهل، ولذا يزول هذا الطابع عن القرآن الكريم عندما ينتقل محمد إلى مجتمع المدينة الذي، تأثر فيه بشكل أو بآخر بحضارة أهل الكتاب وأساليبهم. وتستشهد الشبهة بعد ذلك لهذه الملاحظة بالسور والآيات المكية المطبوعة بطابع الوعيد والتهديد والتعنيف. ويمكن ان نناقش هذه الشبهة بعدم اختصاص القسم المكي من القرآن الكريم بطابع الوعيد والانذار دون القسم المدني، بل يشترك المكي والمدني بذلك، كما أن القسم المدني لا يختص أيضا كما قد يفهم من الشبهة بالأسلوب اللين الهادئ الذي يفيض سماحة وعفوا، بل نجد ذلك في المكي، والشواهد القرآنية على ذلك كثيرة. فمن القسم المدني الذي اتسم بالشدة والعنف. فمن القسم المدني الذي اتسم بالشدة والعنف قوله تعالى: "فما أوتيتم من شئ فمتاع الحياة الدنيا وما عند الله خير وابقى للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون * والذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون * والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون * والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون * وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله انه لا يحب الظالمين * ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل * انما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب اليم * ولمن صبر وغفر ان ذلك لمن عزم الأمور" (الشورى 36-43).
جاء في موقع شبكة فجر الثقافية عن نزول القرآن الكريم للسيد محمد باقر الحكيم: نزول القرآن عن طريق الوحي: تلقى النبي صلى الله عليه واله وسلم القرآن الكريم عن طريق الوحي ونظراً إلى أنه صلى الله عليه واله وسلم كان يتلقى الوحي الإلهي من جهة عليا، وهي اللّه سبحانه، يقال عادة إن القرآن نزل عليه، للإشارة باستعمال لفظ النزول إلى علو الجهة التي اتصل بها النبي عن طريق الوحي وتلقى عنها القرآن الكريم. والوحي لغة هو الإعلام في خفاء أي الطريقة الخفية في الإعلام، وقد أطلق هذا اللفظ على الطريقة الخاصة التي يتصل بها اللّه تعالى برسوله نظراً إلى خفائها ودقتها وعدم تمكن الآخرين من الإحساس بها. ولم يكن الوحي هو الطريقة التي تلقى بها خاتم الأنبياء وحده كلمات اللّه، بل هو الطريقة العامة لاتصال الأنبياء باللّه وتلقيهم للكتب السماوية. ويبدو من القرآن الكريم أن الوحي هذا الاتصال الغيبي الخفي بين اللّه وأصفيائه له صور ثلاث: إحداها: إلقاء المعنى في قلب النبي، أو نفثه في روعه، بصورة يحس بأنه تلقّاه من اللّه تعالى. والثانية: تكليم النبي من وراء حجاب كما نادى اللّه موسى من وراء الشجرة (بمعنى أنه سمع الكلام من الشجرة وما حولها). وسمع نداءه. والثالثة: هي التي متى أُطلِقت انصرفت إلى ما يفهمه المتدين عادة من لفظة الإيحاء، حين يلقي ملك الوحي المرسل من اللّه إلى نبي من الأنبياء ما كُلّف إلقاءه إليه، سواء أنزل عليه في صورة رجل أم في صورته الملكية، وقد أشير إلى هذه الصور الثلاث في قوله تعالى: "وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ" (الشورى 51). وتدل الروايات على أن الوحي الذي تلقى عن طريقه الرسالة الخاتمة، وآيات القرآن المجيد، كان بتوسيط الملك في كثير من الأحيان، وبمخاطبة اللّه لعبده ورسوله من دون واسطة في بعض الأحيان، وكان لهذه الصورة من الوحي التي يستمع فيها النبي إلى خطاب اللّه من دون واسطة أثرها الكبير عليه، ففي الحديث أن الإمام الصادق سئل عن الغشية التي كانت تأخذ النبي أكانت عند هبوط جبرئيل؟ فقال: لا وإنما ذلك عند مخاطبة اللّه عز وجل إياه بغير ترجمان وواسطة.
https://telegram.me/buratha