الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في کتاب فقه الحضارة في ضوء فتاوى سماحة آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني للمؤلف محمد حسين علي الصغير عن علاقة المسلم بسواه من غير المسلمين: الإسلام دين الاجتماع والتآلف والحب المتبادل، والمسلم الملتزم هو الذي يطبق على نفسه وعائلته الظواهر الإنسانية التي يدعو إليها الدين الحنيف، ومع اتساع خطوط الاتصال في شرق الدنيا وغربها، تتلاحم القوى البشرية فيما بينها صلة ومعروفاً وإنسانية، ولمّا كان الإسلام دين المودّة الخالصة والحب المتبادل، وشريعته شريعة اليسر والسماح، فما على المسلم من بأس أن يتخذ له أصدقاء وأحباء من غير المسلمين، لا أولياء بالمعنى الشرعي المحدد، فالصداقة شيء، والموالاة شيء آخر، وإباحة الصداقة لا تعني إباحة الموالاة، وفي هذا الضوء فلا مانع من الاتصال المباشر وغير المباشر مع غير المسلمين، إذا كانوا لا يعادون الإسلام، وإنما هم من سائر الناس في الشعور والتفكير والمعاناة، يحترمون شعائر الآخرين، ولا يكيدون للإسلام والمسلمين، وفي هذا المضمار قد تستحسن مجاملتهم بل والإحسان إليهم تحبيباً للإسلام من نفوسهم، واحتفاءً بالمسلمين في شمائلهم ومشاعرهم، وقد دأب سماحة سيدنا المفدى دام ظله الشريف على استيعاب أكبر عدد متعاطف مع المسلمين من كل الجنسيات والديانات فذهب إلى طهارة الكتابيين من اليهود والنصارى، ولكنه لم يترك الاحتياط الاستحبابي في الموضوع، وكان سيدنا الإمام الحكيم قدسسره العظيم قد أفتى من ذي قبل بطهارتهم خلافاً للمشهور، أما سيدنا السيستاني فقد أفتى: (وأما الكتابي: فالمشهور نجاسته، ولكن لا يبعد الحكم بطهارته، وإن كان الاحتياط لا ينبغي تركه). وقد حاول سيدنا المفدى أن تكون العلاقات العامة بين المسلمين وسواهم قائمة على أساس التفاهم والودّ البريء، فسيّر بذلك الفتاوى الآتية ضمن الإجابة عن الأسئلة الموجهة لسماحته: 1 ـ هل يجوز تبادل الودّ والمحبة مع غير المسلم، إذا كان جاراً، أو شريكاً في عمل، أو ما شابه ذلك؟ إذا لم يظهر المعاداة للإسلام والمسلمين بقول أو فعل، فلا بأس بالقيام بما يقتضيه الودّ والمحبّة من البرّ والإحسان إليه، قال تعالى: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين" (الممتحنة 8). 2 ـ هل يجوز السير في موكب جنازة غير مسلم لتشييعه، إذا كان جاراً مثلاً؟ إذا لم يكن هو، ولا أصحاب الجنازة، معروفين بمعاداتهم للإسلام والمسلمين، فلا بأس بالمشاركة في تشييعه، ولكن الأفضل المشي خلف الجنازة، لا أمامها. 3 ـ هل يجوز دخول أصحاب الديانات السابقة من الكتابيين، ودخول الكفّار من غيرهم، المساجد ودور العبادة الإسلامية؟ وهل يجب علينا إلزام غير المحجبات بارتداء الحجاب، ثم الدخول إذا كان دخولهن جائزاً؟ لا يجوز على الأحوط دخولهم في المساجد، وأمّا دخولهم في دور العبادة وغيرها، فلا بأس به، وتلزم النساء بالتحجب، إذا لزم من تركه الهتك. 4 ـ هل يجوز التصدّق على الكفّار الفقراء كتابين كانوا أو غير كتابيين؟ وهل يثاب المتصدّق على فعله هذا؟ لا بأس بالتصدق على من لا ينصب العداوة للحق وأهله، ويثاب المتصدّق على فعله ذلك. 5 ـ هل يجوز إزعاج الجار اليهودي، أو الجار المسيحي، أو الجار الذي لا يؤمن بدينٍ أصلاً؟ لا يجوز إزعاجه من دون مبرّر. 6 ـ هل يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إذا كان المأمور ليس موالياً لأهل البيت: أو كان من الكتابيين الذين يحتمل التأثير فيهم مع الأمن من الضرر؟ نعم يجبان مع توفر بقية الشروط في وجوبهما، ومنها أن لا يكون الفاعل معذوراً في ارتكاب المنكر أو ترك المعروف، ومن غير المعذور الجاهل المقصّر، فيرشد إلى الحكم أولاً، ثم يؤمر أو ينهى إن أراد مخالفته. هذا ولو كان المنكر مما أحرز أن الشارع لا يرضى بوقوعه مطلقاً، كالإفساد في الأرض، وقتل النفس المحترمة، ونحو ذلك فلا بد من الردع عنه، ولو كان الفاعل جاهلاً قاصرا. 7 ـ هل يجوز للمسلم أن يسرق من الكفّار في بلادهم ( أوروبا ) أو أن يحتال عليهم في أخذ الأموال بالطريقة المتعارفة لديهم؟ لا تجوز السرقة من أموالهم الخاصة والعامة، وكذا إتلافها إذا كان ذلك يسيء إلى سمعة الإسلام والمسلمين بشكل عام، وكذا لا يجوز إذا لم يكن كذلك، ولكن عدّ غدراً ونقضاً للأمان الضمني المعطى لهم حين طلب رخصة الدخول في بلادهم، أو طلب رخصة الإقامة فيها، لحرمة الغدر ونقض الأمان بالنسبة إلى كل أحد.
https://telegram.me/buratha