الصفحة الإسلامية

اشارات قرآنية من كتاب الإمام علي عليه السلام سيرة وتأريخ للسيد الموسوي (ح 1)


الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في کتاب الإمام علي عليه السلام سيرة وتأريخ للسيد اسلام الموسوي عن ام الامام: فاطمة بنت أسد بن هاشم جدُّ النبيِّ صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم بن عبد مناف بن قصي الهاشمية القرشية، وأُمُّها فاطمة بنت قيس بن هرم بن رواحة بن حجر بن عبد بن بغيض بن عامر بن لؤي بنت عم أبي طالب. وقال أهل السير: (هي أول هاشمية تزوّجت هاشمياً وولدت خليفة هاشمياً) وهي من سابقات المؤمنات إلى الإيمان، وكانت قبل ذلك على ملَّة إبراهيم الخليل عليه‌ السلام، هاجرت مع رسول الله في جملة المهاجرين إلى المدينة المنوَّرة على ساكنها السلام ماشية، حافية، وهي أوَّل امرأةٍ بايعت رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم بمكَّة بعد خديجة زوج الرسول. وكان رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم يعاملها كما يعامل ابنٌ برَ أمَّه حتى يوم وفاتها. حيث توفِّيت في المدينة المنوَّرة سنة أربع من الهجرة، وأنَّه صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم قال: (اليوم ماتت أمِّي)، وشهد جنازتها فصلَّى عليها وكفَّنها قميصه ليدرأ عنها هوامَّ القبر، ونزل في قبرها لتأمن ضغطته. وروي أنها سمعت رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم يقول: (يُحشر الناس يوم القيامة عراة) فقالت: واسوأتاه، فقال لها رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم: (فإنِّي أسأل الله أن يبعثك كاسية) وسمعته يذكر عذاب القبر فقالت: واضعفاه، فقال: (إنِّي أسأل الله أن يكفيك ذلك). وكان رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم قبل ذلك يزورها ويقيل عندها في بيتها، وقال ابن عبَّاس: (وفيها نزلت "يا أيُّها النبيُّ إذا جاءك المؤمنات يبايعنك" (الممتحنة 60) وإنَّها كانت من رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم بمنزلة الام، تفضله على أبنائها وتغدقه من حنانها وكان شاكراً لبرِّها.. وقال صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم: (إنَّها كانت أمِّي، إنها كانت لتجيع صبيانها وتُشبعني، وتشعثهم وتدهنني، وكانت أمِّي).

وعن عليٌّ يوم الإنذار الأول يقول السيد اسلم الموسوي في كتابه: بُعثَ رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم وهو يضع في حسابه أنَّ دعوته ستجابه بالرفض والتحدِّي دون أدنى شكٍّ، فعرب الجاهلية تشرَّبت قلوبهم بعبادة الأوثان، ورسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم تشغله هموم التبليغ، وخاصة انَّه كان يتمنَّى أن يسارع في الاستجابة له أهله وعشيرته، وكلُّ من يتَّصل به بنسب أو سبب، لأنَّهم آله وعشيرته الذين يشكِّلون قوة مكينة، لمكانتهم المرموقة في داخل مكَّة وخارجها، فسيعود عليه إسلامهم بالنصر حتماً، فيصبح مرهوب الجانب وفي منعةٍ من الأعداء الألدَّاء، وهذه وسيلة متينة لتثبيت دعائم دعوته. ومع كلِّ تمنِّياته تلك كان يخشى أيضاً أن يرفضوا دعوته إذا دعاهم لدين التوحيد، فينضمُّوا إلى غيرهم من الأعداء والمكذِّبين والمستهزئين ببعثته صلوات الله وسلامه عليه. في تلك اللحظات الحاسمة دوّى صوت جبرئيل ليملأ أُذني النبي بالنذارة، مبلِّغاً عن الله عزَّ اسمه قوله: "وَأنذِرْ عَشِيرَتَكَ الاَقْرَبِين َ * وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ * فَإنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُون" (الشعراء 214-216). ألقاها على عاتقه الشريف، وليس له مناصر ومعين غير نفر قليل مستخفّين بإيمانهم، وكان هذا الحدث بعد مبعثه الشريف بثلاث سنين. قال جعفر بن عبدالله بن أبي الحكم: (لمَّا أنزل الله على رسوله "وَأنذِرْ عَشِيرَتَكَ الاَقْرَبِين" (الشعراء 214) اشتدَّ ذلك عليه وضاق به ذرعاً، فجلس في بيته كالمريض، فأتته عمَّاته يعُدنه، فقال: (ما اشتكيتُ شيئاً، ولكن الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين)). بعد ذلك عزم رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم امتثالاً لأوامر الله تعالى على إنذار آله وعشيرته ودعوتهم إلى الله، فجمع بني عبدالمطلب في دار أبي طالب، وكانوا أربعين رجلاً ـ يزيدون رجلاً أو ينقصون رجلاً ـ وكان قد قال لعلي عليه‌ السلام: (اصنع لي صاعاً من طعام واجعل عليه رجل شاة واملأ لنا عساً من لبن)، قال علي عليه‌ السلام وهو ينقل هذا الحديث واصفاً قومه: (وإنَّ منهم من يأكل الجذعة ويشرب الفرق)، وأراد عليه‌ السلام بإعداد قليل من الطعام والشراب لجماعتهم إظهار الآية لهم في شبعهم وريِّهم ممَّا كان لا يشبع الواحد منهم ولا يرويه. فقال صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم: (أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً تخرج من سفح هذا الجبل، أكنتم مصدقي؟) قالوا: بلى، أنت عندنا غير متهم، وما جرَّبنا عليك كذباً، فقال: (أني نذير لكم من بين يدي عذاب شديد) فقطع كلامه عمه أبو لهب، وقال: تباً لك ألهذا جمعتنا؟ ثم عاد فجمعهم ثانية، فأعاد أبو لهب مثل قولته الاولى، فتفرّقوا، فأنزل الله تعالى عليه "تبت يدا أبي لهب وتب" (المسد 1) الى آخر السورة المباركة.

يقول السيد اسلام الموسوي: ذكر الشيخ محمَّد جواد مغنية في كتابه (فلسفة التوحيد والولاية) بعد أن ذكر المصادر الأساسية لهذه الواقعة: أنَّ من الذين رووا نصَّ النبيِّ صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم على عليٍّ عليه‌ السلام بالخلافة ـ عندما دعا عشيرته وبلَّغهم رسالة ربِّه: محمَّد حسين هيكل في الطبعة الأولى من كتابه (حياة محمَّد)، ومحمَّد عبدالله عنان في كتابه (تاريخ الجمعيات)، ولكنَّ هيكل في الطبعة الثانية وما بعدها من الطبعات قد مسخ الحديث المذكور وحرَّف منه كلمة (خليفتي من بعدي) في مقابل خمسمائة جنيه، أخذها من جماعة ثمناً لهذا التحريف. أمَّا ابن كثير فقد ذكر القصَّة بتفاصيلها ولكن بقصد تكذيبها إلى أن قال: فقال صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم: (أيُّكم يؤازرني على هذا الأمر، على أن يكون أخي) وكذا وكذا؟. قال عليٌّ عليه‌ السلام: (فأحجم القوم جميعاً، وقلت وإنِّي لأحدثهم سناً وأرمصهم عيناً، وأعظمهم بطناً، وأحمشهم ساقاً: أنا يا نبيَّ الله أكون وزيرك عليه، فأخذ برقبتي، فقال: إنَّ هذا أخي وكذا وكذا فاسمعوا له وأطيعوا). ثم قال: (تفرّد به عبدالغفَّار بن القاسم أبو مريم، وهو كذَّاب شيعي، اتهمه عليُّ بن المديني بوضع الحديث وضعَّفه الباقون). ثمَّ يضيف في الصفحة ذاتها قائلاً: (ولكن روى ابن أبي حاتم في تفسيره عن أبيه، عن الحسين بن عيسى بن ميسرة الحارثي، عن عبدالله بن عبدالقدُّوس، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، وعن عبدالله بن الحارث قال: قال عليٌّ عليه‌ السلام: (لمَّا نزلت هذه الآية: "وَأنذِرْ عَشِيرَتَكَ الاَقْرَبِين" (الشعراء 23) قال لي رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم: إصنع لي شاةً بصاع من طعام، وإناء لبناً، وادعُ لي بني هاشم، فدعوتهم وإنَّهم يومئذٍ لأربعون غير رجل، أو أربعون ورجل).

وعن مؤامرة قريش في دار الندوة يقول السيد الموسوي في كتابه: ضاق الأمر بالنبي صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم وتراكمت عليه الأحداث بعد خروجه من محنة الحصار في شعب أبي طالب، ولم تكن سوى أيام قلائل حتى توفِّي عمُّه أبو طالب، ناصره ومعينه على أمره، أقبلت قريش المذعورة على إيذائه بشتَّى الأساليب بأبي أنت وأمِّي يا رسول الله فقد مات أبو طالب، ولم يعد بمكَّة من تهابه قريش وترعى له حرمة.. فخرج صلوات الله عليه إلى الطائف، وهذه أول رحلة قام بها من مكَّة للدعوة إلى الإسلام، فعمد إلى ثقيف يطلب منها النصر، لكنَّها رفضت أن تسمع له، ولم تكتفِ بذلك، بل أرسلت صبيانها يرشقوه بالحجارة، حتى أُدميت قدماه الشريفتان، كما أُصيب علي وزيد بن حارثة، حيث كانا معه في تلك الرحلة، وعليٌّ يتلقَّى الأحجار بيديه وصدره حتَّى أُثخن بالجراح، فكان رسول الله يقول: (ما كنت أرفع قدماً ولا أضعها الا على حجر). وبذلك قرَّروا الرجوع إلى مكَّة، فكلابها أهون من وحوش البراري رجع يائساً من ثقيف وأحلافها، واستطاع الدخول إلى مكَّة بإجارة المطعم بن عدي له. وحينما خافت قريش أن يقوى ساعده ويصبح له أنصاراً جدداً، وحذروا من خروجه سيّما بعد أن أذن لأصحابه بالهجرة إلى يثرب اجتمعت في دار الندوة، وتشاوروا في أمره وأعدُّوا العدَّة للقضاء عليه قبل فوات الأوان، فقالوا: ليس له اليوم أحد ينصره وقد مات عمُّه. وكان اجتماعهم هذا قبيل شهر ربيع الأول عام 633 م، عام الهجرة، وبعد أن أعطى كلُّ واحد منهم رأيه، قال أبو جهل: أرى أن نأخذ من كلِّ قبيلة فتىً نسيباً ونعطي كلَّ فتىً منهم سيفاً، ثُمَّ يضربونه ضربة رجل واحد فيقتلونه، كي لا يتحمَّل قتله فرد ولا قبيلة وحدها، بل يتفرق دمه في القبائل كلِّها، فلم يقدر آله وعشيرته على حرب قومهم جميعاً، فيصعب الثأر له.. فتفرَّقوا على ذلك بعد أن اتَّفقوا على الليلة التي يهاجمونه فيها وهو في فراشه. فأتى جبرائيل النبي صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم وأخبره بمكيدة قريش وأحلافها، كما تشير إلى ذلك الآية: "وَإذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أوْ يَقْتُلُوكَ أوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِين" (الانفال 30). ومكر الله في الآية يعني: أنَّه سبحانه قد فوَّت عليهم مكرهم وتخطيطهم بما أخبر به نبيَّه، وبما أمره به من الخروج في تلك الليلة، ومبيت علي عليه‌ السلام على فراشه ليفوّت عليهم تدبيرهم الذي أجمعوا عليه.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك