الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في کتاب مسند الإمام الكاظم أبي الحسن موسى بن جعفرعليه السلام للشيخ عزيز الله العطاردي: باب سيرته و مكارم اخلاقه عليه السلام: قال ابن شهرآشوب رحمة اللّه عليه: يتفقد فقراء اهل المدينة فيحمل إليهم في الليل العين و الورق و غير ذلك فيوصله إليهم و هم لا يعلمون من اي جهة هو. و كان عليه السلام يصل بالمائة دينار الى الثلاثمائة دينار و كان صرار موسى مثلا. وشكا محمد البكري إليه فمد يده إليه فجعل الى صرة فيها ثلاثمائة دينار. و حكى ان المنصور تقدم الى موسى بن جعفر بالجلوس للتهنية في يوم النيروز و قبض ما يحمل إليه فقال عليه السلام: اني قد فتّشت الاخبار عن جدى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فلم اجد لهذا العيد خبرا إنّه سنّة للفرس و محاها الاسلام و معاذ اللّه ان نحيي ما محاه الاسلام. فقال المنصور انما نفعل هذا سياسة للجند فسألتك باللّه العظيم الّا جلست فجلس و دخلت عليه الملوك و الامراء و الاجناد يهنونه و يحملون إليه الهدايا و التحف و على رأسه خادم المنصور يحصى ما يحمل فدخل في آخر الناس رجل شيخ كبير السن. فقال له: يا ابن بنت رسول اللّه انني رجل صلعوك لا مال لي انحفك بثلاث ابيات قالها جدي في جدك الحسين بن علي عليهم السلام: عجبت لمصقول علاك فرندة * يوم الهياج و قد علاك غبار و لا سهم نفذتك دون حرائر * يدعون جدك و الدموع غزار الا تغضغضت السهام و عاقها * عن جسمك الاجلال و الاكبار. قال: قبلت هديتك اجلس بارك اللّه فيك و رفع رأسه الى الخادم و قال امض الى امير المؤمنين و عرفه بهذا المال و ما يصنع به فمضى الخادم و عاد و هو يقول كلها هبة مني له يفعل به ما أراد فقال موسى للشيخ اقبض جميع هذا المال فهو هبة مني لك. و كان عمري يؤذيه و يشتم عليا عليه السلام فقال له بعض حاشيته دعنا نقتله فنهاهم عن ذلك فركب يوما إليه فوجده في مزرعة فجالسه و باسطه و قال له كم عزمت في زرعك هذا قال مائة دينار قال و كم ترجو ان تصيب قال مائتي دينار و قال فاخرج له صرة فيها ثلاثمائة دينار فقال: هذا زرعك على حاله يرزقك اللّه فيه ما ترجو فاعتذر العمري إليه و قال: "اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رسالاته" (الانعام 124). و كان يخدمه بعد ذلك موسى بن جعفر عليهما السلام قال دخلت ذات يوم من المكتب و معي لوحي قال فاجلسني ابي بين يديه و قال يا بني اكتب تنح عن القبيح و لا ترده ثم قال: أجزه فقلت و من اوليته حسنا فزده ثم قال: ستلقى من عدوك كل كيد فقلت اذا كاد العدو فلا نكده قال فقال: ذريّة بعضها من بعض.
وعن مكارم أخلاق الامام عليه السلام يقول الشيخ العطاردي في كتابه: قال عز الدين عبد الحميد بن ابي الحديد: روى أن عبدا لموسى بن جعفر عليه السلام قدم إليه صحفة فيها طعام حار فعجل فصبّها على رأسه و وجهه، فغضب، فقال له: "وَ الْكاظِمِينَ الْغَيْظَ"، قال: قد كظمت، قال: "وَ الْعافِينَ عَنِ النَّاسِ" (ال عمران 134) قال: قد عفوت، قال: "وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ" (ال عمران 134) قال: أنت حرّ لوجه اللّه، و قد نحلتك ضيعتي الفلانية.
وفي باب علمه و فضائله عليه السلام يقول الشيخ عزيز الله العطاردي: قال عبد اللّه بن اسعد اليافعي في حوادث سنة ثلاث و ثمانين و مائة: و فيها توفي السيد ابو الحسن موسى الكاظم ولد جعفر الصادق كان صالحا عابدا جوادا حليما كبير القدر و هو احد الأئمة الاثنى عشر المعصومين في اعتقاد الامامية و كان يدعى بالعبد الصالح من عبادته و اجتهاده و كان سخيا كريما كان يبلغه عن الرجل انه يؤذيه فيبعث إليه بصرة فيها الف دينار و كان يسكن المدينة فاقدمه المهدي بغداد فحبسه فرأى في النوم اعني المهدي علي بن ابي طالب رضي الله عنه و هو يقول يا محمد "فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ" (محمد 22). قال الربيع و ارسل الي المهدي ليلا فراعني ذلك فجئته فاذا هو يقرأ هذه الآية و كان احسن الناس صوتا و قال عليّ بموسى بن جعفر فجئته به فعانقه و اجلسه الى جانبه و قال: يا ابا الحسن اني رأيت امير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في النوم يقرأ عليّ كذا فتؤمنني ان تخرج عليّ او على احد من اولادي. فقال: و اللّه لا فعلت ذلك و ما هو من شأني قال: صدقت اعطوه ثلاثة آلاف دينار و رده الى اهله الى المدينة قال الربيع: فاحكمت امره ليلا فما اصبح الا و هو في الطريق خوف العوائق ثم ان هارون الرشيد حبسه في خلافته الى ان توفي في حبسه.
وفي باب أولاد الامام جعفر الصادق عليه السلام يذكر الشيخ العطاردي في كتابه: قال الحافظ سليمان القندوزي الحنفي: ولده الذكور ستة و الاناث واحد منهم موسى الكاظم و هو وارثه علما و معرفة و كمالا و فضلا سمي الكاظم لكثرة تجاوزه و حلمه، و كان عند أهل العراق معروفا بباب قضاء الحوائج، و كان أعبد أهل زمانه و أعلمهم و أسخاهم. و سأله الرشيد كيف تقولون أنتم إنا ذرية رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم و أنتم ذرية علي فتلا: "وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَ سُلَيْمانَ" إلى ان قال: و عيسى و ليس له أب و تلا أيضا: "فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ" (ال عمران 61) و لم يدع صلّى اللّه عليه و آله و سلم عند مباهلة النصارى غير علي و فاطمة و الحسن و الحسين فكان الحسن و الحسين هما الابناء رضي الله عنهم، و من بديع كراماته ما حكاه ابن الجوزي و الرامهرمزي و غيرهما.
وفي باب ما جرى بينه عليه السلام و بين المهدي يقول الشيخ عزيز الله العطاردي: قال الكليني: عن أبي علي الأشعري، عن بعض أصحابنا، و علي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن علي بن يقطين قال: سأل المهدي أبا الحسن عليه السلام عن الخمر هل هي محرّمة في كتاب اللّه عز و جل فإن الناس إنما يعرفون النهي عنها و لا يعرفون التحريم لها فقال له أبو الحسن عليه السلام: بل هي محرّمة في كتاب اللّه عز و جل يا أمير المؤمنين، فقال له: في أي موضع هي محرّمة في كتاب اللّه جلّ اسمه يا أبا الحسن. فقال: قول اللّه عز و جل: "قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ وَ الْإِثْمَ وَ الْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ" (الاعراف 33) فأما قوله: "ما ظَهَرَ مِنْها" يعني الزنا المعلن و نصب الرايات التي كانت ترفعها الفواجر للفواحش في الجاهلية و أما قوله عز و جل: "وَ ما بَطَنَ" (الاعراف 33) يعني ما نكح من الآباء لأن الناس كانوا قبل أن يبعث النبي صلّى اللّه عليه و آله إذا كان للرّجل زوجة و مات عنها تزوجها ابنه من بعده إذا لم تكن أمه فحرّم اللّه عز و جل ذلك. و أما الإثم فإنها الخمرة بعينها و قد قال اللّه عز و جل في موضع آخر: "يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَ الْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَ مَنافِعُ لِلنَّاسِ" (البقرة 219) فأما الإثم في كتاب اللّه فهي الخمرة و الميسر و إثمهما أكبر كما قال اللّه تعالى، قال: فقال المهدي: يا علي بن يقطين هذه و اللّه فتوى هاشمية قال: قلت له: صدقت و اللّه يا أمير المؤمنين الحمد للّه الذي لم يخرج هذا العلم منكم أهل البيت قال: فو اللّه ما صبر المهدي أن قال لي: صدقت يا رافضي. عنه، عن علي بن يقطين قال: سأل المهدي أبا الحسن عليه السلام عن الخمر هل هي محرمة في كتاب اللّه فان الناس يعرفون النهي و لا يعرفون التحريم؟ فقال له أبو الحسن: بل هي محرمة، قال: في أي موضع هي محرمة بكتاب اللّه يا ابا الحسن؟ قال: قول اللّه تبارك و تعالى: "قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَ ما بَطَنَ وَ الْإِثْمَ وَ الْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ" (الاعراف 33). فأما قوله: "ما ظَهَرَ مِنْها" (الاعراف 33) فيعني الزنا المعلن، و نصب الرايات التي كانت ترفعها الفواجر في الجاهلية، و اما قوله: "و ما بطن" ينعى ما نكح من الآباء فان الناس كانوا قبل أن يبعث النبي صلّى اللّه عليه و آله اذا كان للرجل زوجة و مات عنها تزوجها ابنه من بعده اذا لم يكن أمه، فحرم اللّه ذلك. و اما الاثم فانها الخمر بعينها و قد قال اللّه في موضع آخر: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَ الْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَ مَنافِعُ لِلنَّاسِ" (البقرة 219)، فاما الاثم في كتاب اللّه فهي الخمر، و الميسر فهي النرد و الشطرنج و اثمهما كبير كما قال اللّه، و أما قوله: "الْبَغْيَ" (الاعراف 33) فهو الزنا سرا قال: فقال المهدي: هذه و اللّه فتوى هاشمية.
https://telegram.me/buratha