مصطفى الهادي.
أقذر عملية أراد ان يقوم بها السندي بن شاهك هي أنهُ بعد أن ينتهي من تصفية الإمام الكاظم (ع) يقوم بتغسيله ودفنه في باحة السجن لإخفاء معالم جريمة هارون الرشيد، ولكن الإمام عليه السلام اخبر احد أصحابه أو الموكلين به بعدم تحقق ذلك حيث وصف الإمام الكاظم عليه السلام السندي بالرجس ، وان ألله تعالى أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. والطاهر لا يُغسلهُ إلا طاهر مثله.
ففي رواية المسيب قال دعاني الإمام الكاظم قبل وفاته بثلاث أيام فقال لي : (يا مسيّب إن هذا الرجس السندي بن شاهك يزعم أنهُ يتولّى غسلي ودفني، هيهات هيهات أن يكون ذلك أبدا).(1). وقد جعل الله تعالى الرجس على كل نطفة قذرة وشخصية قلقلة مليئة بالعقد ممن افقده بغضهُ عقله فأعماه فلا يعقل غير أسلوب الانتقام والتشفي حتى مع الضعفاء والنساء والأطفال الرضّع .(2)
ونظرا لقذارة أفعال كل شخص رجس وأنه تحدّر من قذارة الزنا والخطيئة فقد اطلقت الكتب المقدسة على الدجال لقب (الرجس المخرّب). ونسبت إليه المعركة الفاصلة قبل الظهور فأطلقت عليها اسم (رجسة الخراب).(3) قال يشوع عن الرجس: (بنو الخطاة بنو رجس).(4) والخطاة حسب مفهوم الكتاب المقدس هم الزناة ، ولذلك يُقال للمولود من زنا بأنه (طفل الخطيئة) وهو اللقيط.
فمن هو السندي بن شاهك؟
السندي بن شاهك شخصية غامضة مريبة أخرى ابتلى بها أهل البيت عليهم السلام تُضاف إلى الشخصيات المبهمة القذرة في تاريخ البشرية أمثال قنفذ مولى عمر بن الخطاب ضارب الزهراء ، وابن ملجم قاتل الإمام علي ، والشمر بن ذي الجوشن قاتل الرضيع وذابح الحسين.
عندما شكى أبو جعفر المنصور لأحد مقربيه ضعف حُجّابه (حمايته)، فنصحهُ قائلا : استخدم قوما وِقّحا. قال : ومن هم ؟ قال : اشتر قوما من اليمامة ــ الرياض حاليا ــ (5) فإنّهم يُربون الملاقيط ـ يعني أولاد الزنا ممن لا يُعرف لهم أب. فاشترى المنصور السندي بن شاهك وقد كان يتمتع بقسوة بدون رحمة منذ صغره، وهو يشبه إلى حد بعيد في أخلاقه (قنفذ) خادم عمر بن الخطاب حيث كان الاثنان يُكلفان بالمهمات التي تحتاج إلى قمع وتجسس، فقام المنصور بتربية السندي تربية عباسية غليظة ولقّنهُ النصب لآل البيت عليهم السلام .ومما يُروى عن نصبه أن السندي كان يتعجب من تفضيل المأمون عليا عليه السلام على سائر الصحابة. فقال السندي للفضل بن الربيع : ما ظننت أنّي أعيش حتّى أسمع عباسيا يفضل عليا.(6)
ورث هارون الرشيد السندي ضمن الأملاك التي تركها المنصور واشتهر السندي بالقسوة وعدم الرحمة لكل من يخالف أوامر هارون الرشيد ، وهو مدير شرطته فكان وقحا حتى مع أقرباء الخليفة وأولاده ووزرائه، وهو مجهول الأب عُرف باسم أمه السندية (شاهك) وهي من سبي ذراري السند.(7) وبعد أن ساهم السندي بن شاهك بتعذيب الإمام الكاظم عليه السلام كرّمهُ الرشيد بأن جعلهُ واليا على دمشق وتوابعها كلها يقول الذهبي : (السندي بن شاهك الأمير أبو نصر. والي إمرة دمشق للرشيد، وكان سنديا ذميم الخلق).(😎
المصادر:
1- عيون أخبار الرضا الشيخ الصدوق ج2 ص : 95. ورد في قاموس الكل عربي عربي، ومعجم الوسيط تعريف ومعنى رجسا قال : (رجسا: نفاقا وكفرا وقذارة ونجاسة، وفعل القبيح ، والحرام واللعنة والكفر والعذاب).
2- (ويجعل الرجسَ على الذين لا يعقلون). سورة يونس آية : 100.
3- سفر دانيال 11 : 31 . و : إنجيل مرقس 13 : 14.
4- سفر يشوع بن سيراخ 41 : 8.
5- اليمامة : كانت في وسط شبه الجزيرة العربية يحدها من الجنوب نجد وتحدها قديما البحرين من جهة شرق الحجاز.
6- كتاب بغداد لابن طيفور ص : 17. وهذه هي اشهر أوصاف أولاد الزنا (بغضهم لعلي ابن أبي طالب عليه السلام). السندي هنا يتمنى الموت ولا يسمع ذكر علي ابن أبي طالب عليه السلام.
7- طبقات الأطباء ص : 221. و: نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب، القلقشندي، ص : 623.
8- تاريخ الذهبي ج14 ص : 185. وكما فعل يزيد بن معاوية مع عندما أطمع عمر بن سعد بإمارة مدينة الري في ضواحي طهران.
https://telegram.me/buratha