الدكتور فاضل حسن شريف
وردت كلمة الباد مرة واحدة في القرآن الكريم "سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ" (الحج 25) ولا تعني الباد في الآية المباركة بمعنى الذي يبدأ الأول كما هو دارج حاليا انما كما ورد في التفاسير القادم أو الزائر عكس العاكف أو المقيم. جاء في تفسير الميسر: قال الله تعالى عن الباد "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ ۚ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ" ﴿الحج 25﴾ وَالْبَادِ: وَ حرف عطف، الْ اداة تعريف بَادِ اسم. إن الذين كفروا بالله، وكذبوا بما جاءهم به محمد صلى الله عليه وسلم، ويمنعون غيرهم من الدخول في دين الله، ويصدون رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين في عام "الحديبية" عن المسجد الحرام، الذي جعلناه لجميع المؤمنين، سواء المقيم فيه والقادم إليه، لهم عذاب أليم موجع، ومن يرد في المسجد الحرام الميْلَ عن الحق ظلمًا فيَعْصِ الله فيه، نُذِقْه مِن عذاب أليم موجع.
جاء في موقع القرآن الكريم: قوله عز من قائل "سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ" (الحج 25) ﴿والباد﴾: الباد: القادم مؤقت الاقامة كالبدو يقيمون مؤقتا بالبادية. وأراد بالعاكف المقيم فيه، و بالبادي الطارئ المنتاب إليه من غيرهواختلفوا في معنى الآية فقال قوم "سواء العاكف فيه والباد" أي في تعظيم حرمته وقضاء النسك فيه وإليه ذهب مجاهد والحسن وجماعة، وقالوا المراد منه نفس المسجد الحرام. ومعنى التسوية هو التسوية في تعظيم الكعبة في فضل الصلاة في المسجد الحرام والطواف بالبيت، وقال آخرون المراد منه جميع الحرم ومعنى التسوية أن المقيم والبادي سواء في النزول به ليس أحدهما أحق بالمنزل يكون فيه من الآخر غير أنه لا يزعج فيه أحدا إذا كان قد سبق إلى منزل وهو قول ابن عباس وسعيد بن جبير وقتادة وابن زيد، قالوا هما سواء في البيوت والمنازل. جاء في تفسير غريب القرآن لفخر الدين الطريحي النجفي: وإبداء الشئ ظهوره. قال تعالى: "ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها" (سبأ 49) ومنه سميت البادية لظهورها، ومنه "ثم بدا لهم" (يوسف 35) وباد من البلد، وقال تعالى: "سواء العاكف فيه والباد" (الحج 25) وبادون في الأعراب خارجون إلى البدو.
وعن كتاب تفسير التبيان للشيخ الطوسي: قوله سبحانه "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ" (الحج 25) قال ابن عباس وقتادة: العاكف المقيم فيه، والباد الطارئ. جاء في تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله عز وجل "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ" (الحج 25) أي: العاكف المقيم فيه والباد الذي ينتابه من غير أهله مستويان في سكناه والنزول به فليس أحدهما أحق بالمنزل يكون فيه من الآخر غير أنه لا يخرج أحد من بيته عن ابن عباس وقتادة وسعيد بن جبير قالوا إن كراء دور مكة وبيعها حرام والمراد بالمسجد الحرام على هذا الحرم كله كقوله أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام وقيل المراد بالمسجد الحرام عين المسجد الذي يصلي فيه عن الحسن ومجاهد والجبائي.
جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله عز وعلا "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ" (الحج 25) وصف المسجد الحرام جعله لعبادة الناس لا تمليك رقبته لهم فالناس يملكون أن يعبدوا الله فيه ليس لأحد أن يمنع أحدا من ذلك ففيه إشارة إلى أن منعهم وصدهم عن المسجد الحرام تعد منهم إلى حق الناس وإلحاد بظلم كما أن إضافة السبيل إلى الله تعد منهم إلى حق الله تعالى. ويؤيد ذلك أيضا تعقيبه بقوله:"سواء العاكف فيه والباد" (الحج 25) أي المقيم فيه والخارج منه مساويان في أن لهما حق العبادة فيه لله، والمراد بالإقامة فيه وفي الخارج منه إما الإقامة بمكة وفي الخارج منها على طريق المجاز العقلي أو ملازمة المسجد للعبادة. وعن التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله جلت قدرته "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ" (الحج 25) كان مشركو قريش يمنعون الناس من الدخول في الإسلام، ومن الحج والعمرة إلى بيت اللَّه الحرام الذي جعله مثابة وأمنا للمؤمنين كافة لا فرق بين المقيم فيه والعابر. جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله سبحانه "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ" (الحج 25) أي سواءً المقيمون فيه والذين يقصدونه من مكان بعيد.
https://telegram.me/buratha