الدكتور فاضل حسن شريف
عن تفسير الميسر: قال الله تعالى "قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ" (الأنبياء 69) يَا نَارُ: يَا حرف نداء، نَارُ اسم، إِبْرَاهِيمَ اسم علم. لما بطلت حجتهم وظهر الحق عدلوا إلى استعمال سلطانهم، وقالوا: حَرِّقوا إبراهيم بالنار؛ غضبًا لآلهتكم إن كنتم ناصرين لها. فأشْعَلوا نارًا عظيمة وألقوه فيها، فانتصر الله لرسوله وقال للنار: كوني بردًا وسلامًا على إبراهيم، فلم يَنَلْه فيها أذى، ولم يصبه مكروه.
جاء في تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله عز وجل "قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (68) قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (69) وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ (70)" (الأنبياء 68-70) "قالوا حرقوه" والمعنى فلما سمعوا منه هذا القول قال بعضهم لبعض حرقوه بالنار "وانصروا آلهتكم" أي: وادفعوا عنها وعظموها " إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ" أي: إن كنتم ناصريها والمعنى فلا تنصرونها إلا بتحريقه بالنار قال ابن عمر ومجاهد إن الذي أشار بتحريق إبراهيم بالنار رجل من أكراد فارس فخسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة وقال وهب إنما قاله نمرود وفي الكلام حذف قال السدي فجمعوا الحطب حتى أن الرجل منهم ليمرض فيوصي بكذا وكذا من ماله فيشترى به حطب وحتى أن المرأة لتغزل فتشتري به حطبا حتى بلغوا من ذلك ما أرادوا فلما أرادوا أن يلقوا إبراهيم في النار لم يدروا كيف يلقونه فجاء إبليس فدلهم على المنجنيق وهو أول منجنيق صنعت فوضعوه فيها ثم رموه. "قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ" (الأنبياء 69) معناه: فلما جمعوا الحطب وألقوه في النار قلنا للنار ذلك وهذا مثل فإن النار جماد لا يصح خطابه والمراد أنا جعلنا النار بردا عليه وسلامة لا يصيبه من أذاها شيء كما قال سبحانه وتعالى كونوا قردة خاسئين والمعنى أنه صيرهم كذلك لا أنه خاطبهم وأمرهم بذلك وقيل يجوز أن يتكلم الله سبحانه بذلك ويكون ذلك صلاحا للملائكة ولطفا لهم وذكر في كون النار بردا على إبراهيم وجوه (أحدها) إن الله سبحانه أحدث فيها بردا بدلا من شدة الحرارة التي فيها فلم تؤذه (وثانيها) إن الله سبحانه حال بينها وبينه فلم تصل إليه (وثالثها) إن الإحراق إنما يحصل بالاعتمادات التي في النار صعدا فيجوز أن يذهب سبحانه تلك الاعتمادات. وعلى الجملة فقد علمنا إن الله سبحانه منع النار من إحراقه وهو أعلم بتفاصيله قال أبو العالية لو لم يقل سبحانه "وسلاما" لكانت تؤذيه من شدة بردها ولكان بردها أشد عليه من حرها فصارت سلاما عليه ولو لم يقل "على إبراهيم" لكان بردها باقيا على الأبد وقال أبو عبد الله عليه السلام لما أجلس إبراهيم في المنجنيق وأرادوا أن يرموا به في النار أتاه جبرائيل عليه السلام فقال السلام عليك يا إبراهيم ورحمة الله وبركاته أ لك حاجة فقال أما إليك فلا فلما طرحوه دعا الله فقال يا الله يا واحد يا أحد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد فحسرت النار عنه وأنه لمحتب ومعه جبرائيل عليه السلام وهما يتحدثان في روضة خضراء وروى الواحدي بالإسناد مرفوعا إلى أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم قال إن نمرود الجبار لما ألقى إبراهيم عليه السلام في النار نزل إليه جبرائيل عليه السلام بقميص من الجنة وطنفسة من الجنة فألبسه القميص وأقعده على الطنفسة وقعد معه يحدثه تمام الخبر وقال كعب ما أحرقت النار من إبراهيم عليه السلام غير وثاقه وقيل إن إبراهيم عليه السلام ألقي في النار وهو ابن ست عشرة سنة. "وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا" معناه: إن الكفار أرادوا بإبراهيم عليه السلام كيدا أي شرا وتدبيرا في إهلاكه "فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ" (الأنبياء 70) قال ابن عباس هو أن سلط الله على نمرود وخيله البعوض حتى أخذت لحومهم وشربت دماءهم ووقعت واحدة في دماغه حتى أهلكته والمعنى أنهم كادوه أرادوا أن يكيدوه بسوء فانقلب عليهم ذلك.
جاء في كتاب مختصر مفيد أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة للسيد جعفر مرتضى العاملي: السؤال: يقول تعالى في محكم كتابه في سورة الأنبياء: "قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ" (الأنبياء 69). يقول الإمام علي عليه السلام في دعاء كميل: (لجعلت النار كلها برداً وسلاماً، وما كان لأحد فيها مقراً ولا مقاماً). فكيف يقول الإمام علي عليه السلام بأن النار لم يسكنها أحد حينما كانت برداً وسلام والقرآن يصرح بأن النبي إبراهيم عليه السلام كانت له برداً وسلاماً؟ الجواب: إن ما ورد في دعاء كميل ناظر إلى قضية تقديرية، تقول: إنه (لولا أن الله تعالى قد قضى بتعذيب الجاحدين، وإخلاد المعاندين في النار يوم القيامة، لجعل النار برداً وسلاماً على الناس، ولم يدخل فيها أحداً). أي أنه إنما يدخلهم إليها ويعذبهم بها، لأنه قضى على الجاحد والمعاند بالعذاب. وأما إبراهيم عليه السلام فلم يكن معانداً ولا جاحداً، فلذلك ليس فقط سوف لا يعذبه الله بالنار في الآخرة، بل هو تعالى لم يعذبه بالنار في الدنيا أيضاً، بل جعلها برداً وسلاماً عليه، حينما ألقاه فيها النمرود في دار الدنيا.
عن قناة التبليغ والارشاد: قال تعالى: "قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين * قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم" (الأنبياء 68-69) (5057) 1- قال الشيخ الطوسي: وبهذا الاسناد أي أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم القزويني، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن وهبان الهنائي البصري، قال: حدثني أحمد بن إبراهيم بن أحمد، قال: أخبرني أبو محمد الحسن بن علي بن عبد الكريم الزعفراني، قال: حدثني أحمد بن محمد بن خالد البرقي أبو جعفر، قال: حدثني أبي، عن محمد بن أبي عمير عن هشام، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: كان لنمرود مجلس يشرف منه على النار، فلما كان بعد ثلاثة أشرف على النار هو وآزر، وإذا إبراهيم عليه السلام مع شيخ يحدثه في روضة خضراء، قال: فالتفت نمرود إلى آزر، فقال: يا آزر، ما أكرم ابنك على ربة، قال: ثم قال نمرود لابراهيم: اخرج عني ولا تساكني. (5058) 2- قال علي بن ابراهيم القمي: فقال الامام الصادق عليه السلام: كان فرعون ابراهيم لغير رشد وأصحابه لغير رشد (فرعون ابراهيم لغير رشده واصحابه لغير رشدهم) فانهم قالوا لنمرود: "حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين" (الانبياء 68) وكان (فرعون) موسى وأصحابه لرشده فانه لما استشار اصحابه في موسى قالوا: "ارجه وأخاه وارسل في المدائن حاشرين * يأتوك بكل ساحر عليم" (الاعراف 111-112) فحبس ابراهيم وجمع له الحطب حتى إذا كان اليوم الذي ألقى فيه نمرود ابراهيم في النار برز نمرود وجنوده وقد كان بني لنمرود بناء لينظر منه إلى ابراهيم كيف تأخذه النار، فجاء إبليس واتخذ لهم المنجنيق لانه لم يقدر واحد ان يقرب من تلك النار عن غلوه سهم وكان الطائر من مسيرة فرسخ يرجع عنها ان يتقارب من النار وكان الطائر إذا مر في الهواء يحترق فوضع ابراهيم عليه السلام في المنجنيق وجاء أبوه فلطمه لطمة وقال له ارجع عما انت عليه، وأنزل الرب ملائكته إلى السماء الدنيا ولم يبق شيء إلا طلب إلى ربه وقالت الارض يا رب ليس على ظهري أحد يعبدك غيره فيحرق وقالت الملائكة يا رب خليلك ابراهيم يحرق، فقال الله عز وجل: أما انه إن دعاني كفته؟ وقال جبرئيل: يا رب خليلك ابراهيم ليس في الارض أحد يعبدك غيره سلطت عليه عدوه يحرقه بالنار فقال اسكت إنما يقول هذا عبد مثلك يخاف الفوت هو عبدي آخذه إذا شئت فان دعاني أجبته فدعا ابراهيم عليه السلام ربه بسورة الاخلاص (يا الله يا واحد يا أحد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد نجني من النار برحمتك) فالتقى معه جبرئيل في الهواء وقد وضع في المنجنيق، فقال: يا ابراهيم هل لك إلي من حاجة ؟ فقال ابراهيم: أما اليك فلا، وأما إلى رب العالمين فنعم فدفع إليه خاتما عليه مكتوب (لا إله إلا الله محمد رسول الله ألجأت ظهري إلى الله أسندت أمري إلى (قوه) الله وفوضت أمري إلى الله)، فأوحى الله إلى النار "كوني بردا" فاضطربت أسنان ابراهيم من البرد حتى قال "وسلاما على ابراهيم" وانحط جبرئيل وجلس معه يحدثه في النار ونظر إليه نمرود، فقال من اتخذ إلها فليتخذ مثل إله ابراهيم، فقال عظيم من عظماء أصحاب نمرود اني عزمت على النار أن لا تحرقه، فخرج عمود من النار نحو الرجل فأحرقته فآمن له لوط وخرج مهاجرا إلى الشام ونظر نمرود إلى ابراهيم في روضة خضراء في النار ومعه شيخ يحدثه فقال لآزر ما اكرم ابنك على ربه.
https://telegram.me/buratha