الدكتور فاضل حسن شريف
عن كتاب أمير المؤمنين عليه السلام للمؤلف محمد ريشهري: إنَّ ميثمَاً التَّمّارَ كانَ عَبدا لِامرَأَةٍ مِن بَني أسَدٍ، فَاشتَراهُ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام مِنها وأعتَقَهُ، وقالَ لَهُ: مَا اسمُكَ؟ قالَ: سالِمٌ. قالَ: أخبَرَني رَسولُ اللّه ِ صلى الله عليه و آله أنَّ اسمَكَ الَّذي سَمّاكَ بِهِ أبَواكَ فِي العَجَمِ ميثَمٌ. قالَ: صَدَقَ اللّه ُ ورَسولُهُ وصَدَقتَ يا أميرَ المُؤمِنينَ، وَاللّه ِ إنَّهُ لَاسمي. قالَ: فَارجِع إلَى اسمِكَ الَّذي سَمّاكَ بِهِ رَسولُ اللّه ِ صلى الله عليه و آله ودَع سالِما. فَرَجَعَ إلى ميثَمٍ وَاكتَنى بِأَبي سالِمٍ. فَقالَ لَهُ عَلِيٌّ عليه السلام ذاتَ يَومٍ: إنَّكَ تُؤخَذُ بَعدي فَتُصلَبُ وتُطعَنُ بِحَربَةٍ، فَإِذا كانَ اليَومُ الثّالِثُ ابتَدَرَ مَنخِراكَ وفَمُكَ دَما فَيخضِبُ لِحيَتَكَ، فَانتَظِر ذلِكَ الخِضابَ، وتُصلَبُ عَلى بابِ دارِ عَمرِو بنِ حُرَيثٍ عاشِرَ عَشَرَةٍ أنتَ أقصَرُهُم خَشَبَةً وأقرَبُهُم مِنَ المِطهَرَةِ، وَامضِ حَتّى اُرِيَكَ النَّخلَةَ الَّتي تُصلَبُ عَلى جِذعِها. فَأَراهُ إيّاها. فَكانَ مِيثمٌ يَأتيها فَيُصَلّي عِندَها ويَقولُ: بورِكتِ مِن نَخلَةٍ، لَكِ خُلِقتُ ولي غُذّيتِ. ولَم يَزَل يَتَعاهَدُها حَتّى قُطِعَت وحَتّى عَرَفَ المَوضِعَ الَّذي يُصلَبُ عَلَيها بِالكوفَةِ. قالَ: وكانَ يَلقى عَمرَو بنَ حُرَيثٍ فَيقولُ لَهُ: إنّي مُجاوِرُكَ فَأَحسِن جِواري. فَيَقولُ لَهُ عَمرٌو: أ تُريدُ أن تَشتَرِيَ دارَ ابنَ مَسعودٍ أو دارَ ابنَ حَكيمٍ؟ وهُوَ لا يَعلَمُ ما يُريدُ. وحَجَّ فِي السَّنَةِ الَّتي قُتِلَ فيها، فَدَخَلَ عَلى اُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللّه ُ عَنها، فَقالَت: مَن أنتَ؟ قالَ: أنَا ميثَمٌ. قالَت: وَاللّه ِ لَرُبَّما سَمِعتُ رَسولَ اللّه ِ صلى الله عليه و آله يوصي بِكَ عَلِيّا في جَوفِ اللَّيلِ. فَسَأَلَها عَنِ الحُسَينِ، قالَت: هُوَ في حائِطٍ لَهُ. قالَ: أخبِريهِ أنّي قَد أحبَبتُ السَّلامَ عَلَيهِ، ونَحنُ مُلتَقونَ عِندَ رَبِّ العالَمينَ إن شاءَ اللّه ُ. فَدَعَت لَهُ بِطيبٍ فَطَيَّبَت لِحيَتَهُ، وقالَت لَهُ: أما إنَّها سَتُخضَبُ بِدَمٍ. فَقَدِمَ الكوفَةَ فَأَخَذَهُ عُبَيدُ اللّه ِ بنُ زِيادٍ فاُدخِلَ عَلَيهِ فَقيلَ: هذا كانَ مِن آثَرِ النّاسِ عِندَ عَلِيٍّ. قالَ: وَيحَكُم هذَا الأَعجَمِيُّ؟ قيلَ لَهُ: نَعَم. قالَ لَهُ عُبَيدُ اللّه ِ: أينَ رَبُّكَ؟ قالَ: بِالمِرصادِ لِكُلِّ ظالِمٍ، وأنتَ أحَدُ الظَّلَمَةِ. قالَ: إنَّكَ عَلى عُجمَتِكَ لَتَبلُغُ الَّذي تُريدُ ما أخبَرَكَ صاحِبُكَ أنّي فاعِلٌ بِكَ؟ قالَ: أخبَرَني أنَّكَ تَصلُبُني عاشِرَ عَشَرَةٍ، أنَاأقصَرُهُم خَشَبَةً وأقرَبُهُم مِنَ المِطهَرَةِ. قالَ: لَنُخالِفَنَّهُ. قالَ: كَيفَ تُخالِفُهُ؟ فَوَاللّه ِ ما أخبَرَني إلّا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله عَن جَبرَئيلَ عَنِ اللّه ِ تَعالى، فَكَيفَ تُخالِفُ هؤُلاءِ؟ ولَقَد عَرَفتُ المَوضِعَ الَّذي اُصلَبُ عَلَيهِ أينَ هُوَ مِنَ الكوفَةِ، وأنَا أوَّلُ خَلقِ اللّه ِ اُلجِمَ فِي الإِسلامِ. فَحَبَسَهُ وحَبَسَ مَعَهُ المُختارَ بنَ أبي عُبَيدٍ، فَقالَ ميثَمٌ التَّمّارُ لِلمُختارِ: إنَّكَ تُفلِتُ وتَخرُجُ ثائِرا بِدَمِ الحُسَينِ فَتَقتُلُ هذَا الَّذي يَقتُلُنا. فَلَمّا دَعا عُبَيدُ اللّه ِ بِالمُختارِ لِيَقتُلَهُ طلَعَ بَريدٌ بِكِتابِ يَزيدَ إلى عُبَيدِ اللّه ِ يَأمُرُهُ بِتَخلِيَةِ سَبيلِهِ، فَخَلّاهُ، وأمَرَ بِميثَمٍ أن يُصلَبَ، فَاُخرِجَ فَقالَ لَهُ رَجُل لَقِيَهُ: ما كانَ أغناكَ عَن هذا يا ميثَمُ ! فَتَبَسَّمَ وقالَ وهُوَ يومِئُ إلَى النَّخلَةِ: لَها خُلِقتُ ولي غُذِّيَت، فَلَمّا رُفِعَ عَلَى الخَشَبَةِ اجتَمَعَ النّاسُ حَولَهُ عَلى بابِ عَمرِو بنِ حُرَيثٍ. قالَ عَمرٌو: قَد كانَ وَاللّه ِ يَقولُ: إنّي مُجاوِرُكَ. فَلَمّا صُلِبَ أمَرَ جارِيَتَهُ بِكَنسِ تَحتِ خَشَبَتِهِ وَرشِّهِ وتَجميرِهِ، فَجَعَلَ ميثَمٌ يُحَدِّثُ بِفَضائِلِ بَني هاشِمٍ، فَقيلَ لاِبنِ زِيادٍ: قَد فَضَحَكُم هذَا العَبدُ. فَقالَ: ألجِموهُ. فَكانَ أوَّلَ خَلقِ اللّه ِ اُلجِمَ فِي الإِسلامِ. وكانَ مَقتَلُ ميثَمٍ رَحمَةُ اللّه ِ عَلَيهِ قَبلَ قُدومِ الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام العِراقَ بِعَشَرَةِ أيّامٍ، فَلَمّا كانَ يَومُ الثّالِثِ مِن صَلبِهِ، طُعِنَ ميثَمُ بِالحَربَةِ، فَكَبَّرَ ثُمَّ انبَعَثَ في آخِرِ النَّهارِ فَمُهُ وأنفُهُ دَما.
عن کتاب تنقيح المقال في علم الرجال المؤلف للشيخ عبد الله المامقاني: إنّ كثيرا من آل ميثم التمار رواة، و منهم الثقات الأجلاّء أوّلهم و زعيمهم: ميثم ابن يحيى مولى بني أسد التمّار الغني عن التوثيق، و ابنه: شعيب بن ميثم بن يحيى التمّار، مولى بني أسد،الثقة الجليل من أصحاب الصادق عليه السلام،و صالح بن ميثم التمّار من أصحاب الباقر و الصادق عليهما السلام الموصوف بالحسن، و عمران بن ميثم التمّار، و قيل بدل عمران:حمزة بن ميثم بن يحيى الأسدي مولى ثقة، و يوسف بن عمران بن ميثم الميثمي الذي جاء في رجال الكشّي في ترجمة جدّه ميثم التمّار و هو مهمل،و يعقوب بن شعيب بن ميثم بن يحيى التمّار، مولى بني أسد من أصحاب الباقر و الصادق و الكاظم عليهم السلام، و هو ثقة جليل، و إبراهيم بن شعيب ابن ميثم الأسدي الكوفي،من أصحاب الصادق عليه السلام مجهول الحال، و إسحاق بن شعيب بن ميثم الأسدي التمّار، من أصحاب الصادق عليه السلام،و هو مجهول الحال،و علي بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم بن يحيى التمّار من أصحاب الرضا عليه السلام الحسن،و قيل ثقة، وعقيل (و على نسخة:عقبة) بن صالح بن ميثم من أصحاب الباقر،و أدرك الصادق عليهما السلام، و هو مجهول الحال، و معاوية بن وهب الميثمي الذي ذكره الشيخ في الفهرست، و لم يبيّن حاله، و أحمد ابن الحسن بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم التمّار من أصحاب الرضا عليه السلام، و هو ثقة،و محمّد بن الحسن بن زياد الميثمي الأسدي مولاهم من أصحاب الرضا عليه السلام،و هو ثقة عين،و محمد بن الحسن الميثمي الراوي عن الصادق عليه السلام، و يحتمل اتّحاده مع المتقدّم. هؤلاء طائفة من الرواة من أولاد و أحفاد ميثم التمّار وقفت عليهم، و ربّما هناك جماعة اخرى لم أهتد إلى عناوينهم فعلا، و هؤلاء كلّهم منسوبون إلى ميثم بن يحيى التمّار الثقة الجليل، و هو مولى كان عبدا لامرأة من بني أسد فاشتراه أمير المؤمنين عليه السلام، و أعتقه كما في الإرشاد لشيخنا المفيد رحمه اللّه 323/1 من طبعة مؤسسة آل البيت عليهم السلام، و فيه أيضا: أنّ ابن زياد لعنه اللّه لمّا قيل له هذا (ميثم) كان من آثر الناس عند علي عليه السلام.
جاء في کتاب قاموس الرجال للشيخ محمد تقي التستري: ميثم بن يحيى التمّار: قال: عدّه الشيخ في رجاله في أصحاب عليّ و الحسن و الحسين عليهم السلام. و عدّ في خبر الكشّي في حواري الأوّل عليه السلام و في أصفيائه. و روى الكشّي عن حمدويه و إبراهيم، عن أيّوب بن نوح، عن صفوان، عن عاصم بن حميد، عن ثابت الثقفي قال:لمّا مرّ بميثم ليصلب، قال رجل: يا ميثم لقد كنت عن هذا غنيّا قال: فالتفت إليه ميثم ثمّ قال: و اللّه ما نبتت هذه النخلة إلاّ لي و لا اغتذيت إلاّ لها. و عن العيّاشي، عن عليّ بن محمّد، عن محمّد بن أحمد النهدي، عن العبّاس ابن معروف، عن صفوان، عن يعقوب بن شعيب،عن صالح بن ميثم،عن أبي خالد التمّار، قال:كنت مع ميثم التمّار بالفرات يوم الجمعة فهبّت ريح و هو في سفينة من سفن الرمان، قال: فخرج فنظر إلى الريح، فقال: شدّوا برأس سفينتكم، إنّ هذه ريح عاصف، مات معاوية الساعة قال:فلمّا كانت الجمعة المقبلة قدم بريد من الشام فلقيته فاستخبرته، قلت: يا عبد اللّه ما الخبر؟ قال: الناس على أحسن حال، توفيّ معاوية و بايع الناس يزيد، قال: قلت: أيّ يوم توفّي؟ قال: يوم الجمعة. و عنه،عن أبي محمّد عبد اللّه بن محمّد بن خالد الطيالسي، عن الحسن بن عليّ بن بنت إلياس الوشّاء، عن عبد اللّه بن خراش المهري، عن عليّ بن إسماعيل، عن فضيل الرسّان، عن حمزة بن ميثم،قال:خرج أبي إلى العمرة فحدّثني، قال: استأذنت على امّ سلمة رحمهما اللّه فضربت بيني و بينها خدرا، فقالت لي: أنت ميثم؟ فقلت:أنا ميثم،فقالت:كثيرا رأيت الحسين بن عليّ بن فاطمة عليه السلام ذكرك، قلت: فأين هو؟ قالت: خرج في غنم له آنفا، قلت: أنا و اللّه أكثر ذكره فاقرئيه السلام فإنّي مبادر، فقالت: يا جارية اخرجي فادّهنيه، فخرجت فدهّنت لحيتي ببان، فقلت: أما و اللّه!لئن دهنتها لتخضبنّ فيكم بالدماء،فخرجت فإذا ابن عبّاس جالس،فقلت لابن عبّاس: سلني عمّا شئت من تفسير القرآن، فإنّي قرأت تنزيله عند أمير المؤمنين عليه السلام و علّمني تأويله، فقال: يا جارية الدواة و القرطاس، فأقبل يكتب،فقلت:يا ابن عبّاس كيف بك إذا رأيتني مصلوبا تاسع تسعة أقصرهم خشبة و أقربهم بالمطهرة، فقال لي: أ تكهّن أيضا؟ خرق الكتاب، فقلت:مه احتفظ بما سمعت،فإن يك ما أقول لك حقّا أمسكته و إن يك باطلا خرقته،قال:هو ذاك.فقدم أبي علينا، فما لبث يومين حتّى أرسل عبيد اللّه بن زياد فصلبه تاسع تسعة أقصرهم خشبة و أقربهم إلى المطهرة، فرأيت الذي جاء إليه ليقتله و قد أشار إليه بالحربة و هو يقول: أما و اللّه ما علمتك إلاّ قوّاما، ثمّ طعنه في خاصرته فأجافه فاحتقن الدم فمكث يومين، ثمّ إنّه في اليوم الثالث بعد العصر قبل المغرب انبعث منخراه دما، فخضب لحيته بالدماء.
زيارة ميثم التمار رضوان الله عليه: السلام عليكَ أيّها العبدُ الصالح، يا ميثمَ بنَ يحيى التّمار، المطيعُ لله ولرسولهِ ولأميرِ المؤمنين ولفاطمةَ والحسنِ والحسين. اشهدُ أنّكَ قد أقمتَ الصلاة، وآتيتَ الزكاة، وأمرتَ بالمعروف، ونهيتَ عن المنكر، وجاهدتَ في الله حقَّ جهادِهِ، وعملتَ بكتابهِ، مقتدياً بالصالحين، ومتَّبعاً للنبيين. وأشهدُ أنّكَ قُتِلتَ مظلوماً شهيداً. فلعنَ اللهُ مَنْ ظلمكَ، ومَنْ إفترى عليكَ، ولعنَ اللهُ مَنْ نَصَبَ لكَ العداوةَ والبغضاءَ إلى يومِ القيامةِ، وحشا اللهُ قبورَهم ناراً وأعدَّ لهم عذاباً أليماً. جئتُك أيّها العبدُ الصالحُ زائراً قبرَكَ، مقرّاً بحقّكَ، معترفاً بفضلكَ، أسألُ اللهَ بالشأنِ الذي لكَ عندهُ أنْ يصلّيَ على محمّدٍ وآل محمّدٍ، وأنْ يقضيَ حوائجَنا في الدنيا والآخرةِ، ويجمعَنا وإيّاكُم في زمرةِ الفائزين معَ محمّدٍ وآلهِ الطاهرين، والسلامُ عليكَ أيّها الشهيدُ ورحمةُ الله وبركاتُه.
https://telegram.me/buratha