الصفحة الإسلامية

تعبيرات قرآنية (مطاع ثم أمين)


الدكتور فاضل حسن شريف

عن تفسير الميسر: قوله جل اسمه "مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ" (التكوير 21) مطاع صفة، ثَمَّ ظرف مكان، أمين صفة. أَمِينٍ: أمين على الوحي، يزكي الله تعالى عبده جبريل. أقسم الله تعالى بالنجوم المختفية أنوارها نهارًا، الجارية والمستترة في أبراجها، والليل إذا أقبل بظلامه، والصبح إذا ظهر ضياؤه، إن القرآن لَتبليغ رسول كريم هو جبريل عليه السلام، ذِي قوة في تنفيذ ما يؤمر به، صاحبِ مكانة رفيعة عند الله، تطيعه الملائكة، مؤتمن على الوحي الذي ينزل به. وجاء في تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قوله جل اسمه "مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ" (التكوير 21) "مطاع ثَمَّ" تطيعه الملائكة في السماوات "أمين" على الوحي.

 

جاء في معاني القرآن الكريم: طوع الطوع: الانقياد، ويضاده الكره قال عز وجل: "ائتيا طوعا أو كرها" (فصلت 11)، "وله أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها" (آل عمران 83)، والطاعة مثله لكن أكثر ما تقال في الائتمار لما أمر، والارتسام فيما رسم. قال تعالى: "ويقولون طاعة" (النساء 81)، "طاعة وقول معروف" (محمد 21)، أي: أطيعوا، وقد طاع له يطوع، وأطاعه يطيعه (راجع: الأفعال 3/249، 3/283). قال تعالى: "وأطيعوا الرسول" (التغابن 12)، "من يطع الرسول فقد أطاع الله" (النساء 80)، "ولا تطع الكافرين" (الأحزاب 48)، وقوله في صفة جبريل عليه السلام: "مطاع ثم أمين" (التكوير 21)، والتطوع في الأصل: تكلف الطاعة، وهو في التعارف التبرع بما لا يلزم كالتنقل، قال: "فمن تطوع خيرا فهو خير له" (البقرة 184)، وقرئ: (ومن يطوع خيرا) (وهي قراءة شاذة). والاستطاعة: استفالة من الطوع، وذلك وجود ما يصير به الفعل متأتيا، وهي عند المحققين اسم للمعاني التي بها يتمكن الإنسان مما يريده من إحداث الفعل، وهي أربعة أشياء: بنية مخصوصة للفاعل. وتصور للفعل، ومادة قابلة لتأثيره، وآلة إن كان الفعل آليا كاكتابة، وكذلك يقال: فلان غير مستطيع للكتابة: إذا فقد واحدا من هذه الأربعة فصاعدا، ويضاده العجز، وهو أن لا يجد أحد هذه الأربعة فصاعدا ومتى وجد هذه الأربعة كلهم فمستطيع مطلقا، ومتى فقدها فعاجز مطلقا، ومتى وجد بعضها دون بعض فمستطيع من وجه عاجز من وجه، ولأن يوصف بالعجز أولى. والاستطاعة أخص من القدرة. قال تعالى: "لا يستطيعون نصر أنفسهم" (الأنبياء 43)، "فما استطاعوا من قيام" (الذاريات 45)، "من استطاع إليه سبيلا" (آل عمران 97)، فإنه يحتاج إلى هذه لأربعة، وقوله عليه السلام: (الاستطاعة الزاد والراحلة) (أخرج الدارقطني والحاكم وصححه عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن قول الله: "من استطاع إليه سبيلا" فقيل: ما السبيل؟ قال: (الزاد والراحلة". انظر: الدر المنثور 2/273. أمن أصل الأمن: طمأنينة النفس وزوال الخوف، والأمن والأمانة والأمان في الأصل مصادر، ويجعل الأمان تارة اسما للحالة التي يكون عليها الإنسان في الأمن، وتارة اسما لما يؤمن عليه الإنسان، نحو قوله تعالى: "وتخونوا أماناتكم" (الأنفال 27)، أي: ما ائتمنتم عليه، وقوله: "إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض" (الأحزاب 27) قيل: هي كلمة التوحيد، وقيل: العدالة (راجع الأقوال في هذه الآية في الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي 6/669)، وقيل: حروف التهجي، وقيل: العقل، وهو صحيح فإن العقل هو الذي بحصوله يتحصل معرفة التوحيد، وتجري العدالة وتعلم حروف التهجي، بل بحصوله تعلم كل ما في طوق البشر تعلمه، وفعل ما في طوقهم من الجميل فعله، وبه فضل على كثير ممن خلقه.

 

عن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله جل اسمه "مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ" (التكوير 21) "أمين" أي على وحي الله ورسالاته إلى أنبيائه وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم قال لجبرائيل عليه السلام ما أحسن ما أثنى عليك ربك "ذي قوة عند ذي العرش مكين * مطاع ثم أمين" (التكوير 20-21) فما كانت قوتك وما كانت أمانتك فقال أما قوتي فإني بعثت إلى مداين لوط وهي أربع مداين في كل مدينة أربعمائة ألف مقاتل سوى الذراري فحملتهم من الأرض السفلى حتى سمع أهل السماوات أصوات الدجاج ونباح الكلاب ثم هويت بهن فقلبتهن وأما أمانتي فإني لم أومر بشيء فعدوته إلى غيره. وجاء في التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله جل اسمه "مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ" (التكوير 21) ثم بمعنى هناك، وهي إشارة إلى المكان الذي يطاع فيه جبريل، وهومن عالم الغيب الذي لا يعرف حقيقته إلا اللَّه.

 

جاء في تفسير غريب القرآن لفخر الدين الطريحي النجفي: (طوع) "طوعا" (آل عمران 83) (الرعد 16) (التوبة 54) (السجدة 11) أي انقيادا، و "فطوعت له نفسه" (المائدة 33) أي شجعته وتابعته، ويقال: طوعت: فعلت من التطوع، يقال: طاع له كذا أي أتاه طوعا، ولساني لا يطوع بكذا: أي لا ينقاد، و "المطوعين" (التوبة 80) المتطوعين بالصدقة، وقوله: "ومن تطوع خيرا" (البقرة 158) أي من تبرع بالسعي بين الصفا والمروة بعد ما أدى الواجب "فإن الله شاكر" (البقرة 158) مجاز على ذلك عليم بقدر الخير. (ثمم) ثم بمعنى هناك وهو للتبعيد بمنزلة هنا للتقريب قال تعالى: "فأينما تولوا فثم وجه الله" (البقرة 116) وقال: "وأزلفنا ثم الآخرين" (الشعراء 65) وثم: حرف من حروف العطف يدل على الترتيب والتراضي. وربما ادخلوا عليها التاء كما قال الشاعر: ولقد أمر على اللئيم يسبني * فمضيت ثمة قلت ما يعنيني. (امن) "أمنة نعاسا" (آل عمران 154) مصدر أمنت أمنة، وأمانا، وأمنا كلهن سواء، و "نعاسا" (آل عمران 154) بدل من "أمنة" (آل عمران 154) أو مفعول له لأن النعاس سبب حصول الأمن، والأمن: الأمان، قال تعالى: "لهم الأمن" (الأنعام 82) والأمانة: ما يؤتمن عليه، وائتمنه على الشئ أمنه قال تعالى: "فليؤد الذي اؤتمن أمانته" (البقرة 283) وقوله: "إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان" (الأحزاب 72) قيل: المراد بالأمانة الطاعة، وقيل: العبادة، وعرضها على الجمادات وإباوها وإشفاقها مجاز، وأما حمل الأمانة فمن قولك: فلان حامل للأمانة ومحتمل لها يريد لا يؤديها إلى صاحبها حتى يخرج عن عهدتها لأن الأمانة كأنها راكبة للمؤتمن عليها فإذا أداها لم تبق راكبة له ولم يكن هو حاملا لها فالمعنى: فأبين أن لا يؤدينها وأبى الانسان إلا أن يكون محتملا لها فلا يؤديها، و "أبلغه مأمنه" (التوبة 7) أي موضع أمنه إن لم يسلم والمؤمن: المصدق بالله عز وجل وبما وعد به، ومنه قوله: "قال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم ايمانه" (غافر 28) و "يؤمنون بالغيب" (البقرة 3) أي يصدقون بأخبار الله عز وجل عن الجنة، والنار، والقيامة، وأشباه ذلك، وقوله: "فامن له لوط" (العنكبوت 26) أي أول من صدق به لوط وهو ابن أخته، و "هذا البلد الأمين" (التين 3) أي الأمن يعني مكة وكانت أمنا قبل مبعث النبي صلى الله عليه وآله لا يغار عليها و "من دخله كان امنا" (آل عمران 97) قيل: معناه آمنا من العقاب إذا قام بحقوق الله، وقيل: الأمان للصيد، وقيل: أمنا من القتل، و "فأمنن أو أمسك بغير حساب" (ص 39) جعل الله له أن يحبس من يشاء من الجن والإنس ويطلق من يشاء، يقال: مننت على الأسير أطلقته.

 

عن تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله جل اسمه "مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ" (التكوير 21) فقوله: "رسول" يدل على رسالته وإلقائه وحي القرآن إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقوله: "كريم" أي ذي كرامة وعزة عند الله بإعزازه، وقوله: "ذي قوة" أي ذي قدرة وشدة بالغة، وقوله: "عند ذي العرش مكين" أي صاحب مكانة عند الله والمكانة القرب والمنزلة، وقوله: "مطاع ثم" أي مطاع عند الله فهناك ملائكة يأمرهم فيطيعونه، ومن هنا يظهر أن له أعوانا من الملائكة يأمرهم فيأتمرون بأمره، وقوله: "أمين" أي لا يخون فيما أمر به يبلغ ما حمله من الوحي والرسالة من غير أي تصرف فيه. وقيل: المراد بالرسول الجاري عليه الصفات هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهوكما ترى ولا تلائمه الآيات التالية.

 

وعن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله جل اسمه "مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ" (التكوير 21) "ثَمَّ": إشارة إلى البعيد، ويراد بها: إنّ أمين الوحي الإلهي نافذ الكلمة في عالم الملائكة، ومطاع عندهم، وإنّه في ذروة الأمانة في عملية إبلاغ الرسالة. وما نستشفّه من الرّوايات: إنّ جبرائيل عليه السلام ينزل أحياناً وبصحبته جمع كبير من الملائكة في حال ابلاغه للآيات القرآنية المباركة، وهوما يوحي بأنّه مطاع بينهم، وهوما ينبغي أنْ يكون في كل أمّة تتبع رسولا، فلابدّ من طاعتها له. وروي أن رسول اللّه صلى الله عليه وآله وسلم قال لجبرائيل عليه السلام عند نزول هذه الآيات: (ما أحسن ما أثنى عليك ربّك: ذي قوّة عند العرش مكين، مطاع ثّم أمين، فما كانت قوتك؟ وما كانت أمانتك؟ فقال: أمّا قوّتي فإنّي بعثت إلى مداين لوط وهي أربع مداين في كلّ مدينة أربعمائة ألف مقاتل سوى الذراري، فحملتهم من الأرض السفلى حتى سمع أهل السماوات أصواب الدجاج ونباح الكلاب، ثم هويت بهّن فقلبتهّن. وأمّا أمانتي، فإنّي لم أؤمر بشيء فعدوته إلى غيره) .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك