الدكتور فاضل حسن شريف
تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله عز شأنه "ذَٰلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ۗ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ۗ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ" ﴿الشورى 23﴾. وقوله: "ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات" تبشير للمؤمنين الصالحين، وإضافة العباد تشريفية. قوله تعالى: "قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى" الذي نفي سؤال الأجر عليه هو تبليغ الرسالة والدعوة الدينية، وقد حكى الله ذلك عن عدة ممن قبله صلى الله عليه واله وسلم من الرسل كنوح وهود وصالح ولوط وشعيب فيما حكي مما يخاطب كل منهم أمته: "وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين" الشعراء وغيرها. وقد حكي عن النبي صلى الله عليه واله وسلم ذلك إذ قال: "وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ" (يوسف 104)، وقد أمره صلى الله عليه واله وسلم أن يخاطب الناس بذلك بتعبيرات مختلفة حيث قال: "قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ" (ص 86)، وقال: "قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّه " (سبأ 47)، وقال: "قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ" (الأنعام 90)، فأشار إلى وجه النفي وهو أنه ذكرى للعالمين لا يختص ببعض دون بعض حتى يتخذ عليه الأجر. وقال: "قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا" (الفرقان 57)، ومعناه على ما مر في تفسير الآية: إلا أن يشاء أحد منكم أن يتخذ إلى ربه سبيلا أي يستجيب دعوتي باختياره فهو أجري أي لا شيء هناك وراء الدعوة أي لا أجر. وقال تعالى في هذه السورة: "قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى" فجعل أجر رسالته المودة في القربى، ومن المتيقن من مضامين سائر الآيات التي في هذا المعنى أن هذه المودة أمر يرجع إلى استجابة الدعوة إما استجابة كلها وإما استجابة بعضها الذي يهتم به وظاهر الاستثناء على أي حال أنه متصل بدعوى كون المودة من الأجر ولا حاجة إلى ما تمحله بعضهم بتقريب الانقطاع فيه. وأما معنى المودة في القربى فقد اختلف فيه تفاسيرهم: فقيل ونسب إلى الجمهور أن الخطاب لقريش والأجر المسئول هو مودتهم للنبي صلى الله عليه واله وسلم لقرابته منهم وذلك لأنهم كانوا يكذبونه ويبغضونه لتعرضه لآلهتهم على ما في بعض الأخبار فأمر صلى الله عليه واله وسلم أن يسألهم: إن لم يؤمنوا به فليودوه لمكان قرابته منهم ولا يبغضوه ولا يؤذوه فالقربى مصدر بمعنى القرابة، وفي للسببية. وفيه أن معنى الأجر إنما يتم إذا قوبل به عمل يمتلكه معطي الأجر فيعطي العامل ما يعادل ما امتلكه من مال ونحوه فسؤال الأجر من قريش وهم كانوا مكذبين له كافرين بدعوته إنما كان يصح على تقدير إيمانهم به صلى الله عليه واله وسلم لأنهم على تقدير تكذيبه والكفر بدعوته لم يأخذوا منه شيئا حتى يقابلوه بالأجر، وعلى تقدير الإيمان به - والنبوة أحد الأصول الثلاثة في الدين - لا يتصور بغض حتى تجعل المودة أجرا للرسالة ويسأل. وبالجملة لا تحقق لمعنى الأجر على تقدير كفر المسئولين ولا تحقق لمعنى البغض على تقدير إيمانهم حتى يسألوا المودة. وهذا الإشكال وارد حتى على تقدير أخذ الاستثناء منقطعا فإن سؤال الأجر منهم على أي حال إنما يتصور على تقدير إيمانهم والاستدراك على الانقطاع إنما هوعن الجملة بجميع قيودها فأجد التأمل فيه.
وعن التفسير المبين للشيخ محمد جواد مغنية: قوله عز وجل "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" ﴿الروم 21﴾ من أنفسكم أي من جنسكم وعلى شكلكم تبادلكم عطفا بعطف واطمئنانا باطمئنان، وقديما قيل: كل شكل إلى شكله ألف، ولو كانت الزوجة من غير جنس الزوج لتعذر التفاهم والمشاركة ولنظر كل إلى الآخر على أنه غريب وبعيد عن طبعه وأخلاقه. انظر ج 2 ص 283، فقرة: (الزواج مبادلة روح بروح) وطريف قول بعض المفسرين: ان المراد بالمودة المجامعة، وبالرحمة الولد. وان دل هذا التفسير على شيء فإنما يدل على تغليب الجنس عند المفسر، وانه ينظر إلى المرأة على أنها مجرد آلة لإنجاب الأطفال. ان القرآن الكريم يحدد الغاية من الزواج بالتآلف والتراحم، والعدل والمساواة، لا بين الزوجين فقط، بل بين أفراد الأسرة بكاملها، قال تعالى: "يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وبَثَّ مِنْهُما رِجالًا كَثِيراً ونِساءً واتَّقُوا اللَّهً الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ والأَرْحامَ إِنَّ اللَّهً كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً" (النساء 1). والغرض من الأمر بالتقوى في هذه الآية أن يؤدي كل فرد من أبناء الأسرة حق الآخر، ويتعاونوا يدا واحدة على ما فيه خير الجميع لتحيا الأسرة حياة صالحة لا مشاكل فيها ولا تعقيد، ومعلوم ان الأسرة الصالحة هي أساس المجتمع الصالح. وبهذه المناسبة نشير إلى أن الخطبة تستحب عند طلب الزواج، وعند اجراء العقد أيضا تأسيا بالنبي وأهل بيته صلى الله عليه واله وسلم، وهي حمد اللَّه تعالى والشهادتان، والصلاة على النبي وآله، والوصية بالتقوى، والدعاء للزوجين، وعن الإمام زين العابدين عليه السلام: من حمد اللَّه فقد خطب. ويستحب للتيمن والتبرك تلاوة آية من كتاب اللَّه، وحديث من سنّة نبيه الكريم، وعلى هذا جرت عادة السلف والكثير من الخلف، فإنهم يتلون قبل العقد من كتاب اللَّه قوله تعالى: "ومِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً" الخ. ومن السنّة النبوية: تناكحوا تناسلوا تكثروا، فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة ولو بالسقط. وقلنا: يتلى هذا الحديث وما إليه للتبرك لأنه من الخطأ أن يظن أن الخلق الكريم والتهذيب القرآني يتم بتلاوة الأحاديث والآيات.. كلا، ان هذا التهذيب لا يكون إلا بتربية الأبناء منذ الصغر تربية قرآنية تؤدي بهم إلى تفهم الغاية التي أرادها اللَّه من الزواج، وانها إنسانية خالصة من كل شائبة تجارية أو سياسية، أما ان نربي أولادنا على حب التكاثر والتفاخر والمظاهر الفارغة، فتقول الأم لبنتها: أسعدك اللَّه بزوج ثري، وينصح الوالد ولده أن يتزوج بنت الوزير والتاجر الكبير، أما هذه التربية فلا تغني عنها الآيات والأحاديث. أما حديث تناكحوا. تناسلوا فلا شك في صحته، ولكن سيد الأنبياء صلى الله عليه واله وسلم يباهي بالمؤمنين الأتقياء، والمجاهدين الأحرار. وأيضا بالسقط. ويتبرأ من أهل الفسق والفجور، من الشابات والشباب الذين لا يردعهم من الدين رادع، ولا يزجرهم من الأخلاق زاجر، ويتبرأ أيضا من أهل الخيانة والعمالة لأعداء اللَّه والإنسانية. وفي الحديث: "ليأتين على الناس زمان لا يسلم لذي دين دينه إلا أن يفر من شاهق إلى شاهق. قالوا: ومتى ذلك يا رسول اللَّه؟ قال: إذا لم ينل المعيشة إلا بمعاصي اللَّه، فعند ذلك تحل العزوبة". "إِنَّ فِي ذلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" أن الغرض من الزواج هو السكن والمودة والرحمة، وان الزواج التجاري والسياسي كثيرا ما يؤدي إلى شقاء الأسرة، ويعرّضها للزوال وتشريد الأطفال.
عن كتاب المساقاة للسيد أبوالقاسم الخوئي: واما الكتاب فقد ذكر المصنف منه آيتين منها قوله تعالى "لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاة " (ال عمران 27) اي لا يجوز للمؤمنين ان يتخذوا الكافرين اولياء لانفسهم يستعينون بهم، ويلتجؤن إليهم، ويظهرون المحبة والمودة لهم إلا أن يتقوا منهم تقاة، فانه يجوز إظهار مودتهم تقية منهم، فتدل هذه الآية ايضا على جواز الكذب في سائر موارد التقية بالاولى. ولكن لا دلالة في الآيتين على جواز الكذب في جميع موارد الاضطرار غير مورد الخوف والتقية.
جاء في الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: ينقل أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة بسنده عن سعيد بن جبير عن عامر: لما نزلت: "قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى" (الشورى 23) قالوا: يا رسول اللّه و من قرابتك؟ من هؤلاء الذين وجبت علينا مودّتهم؟ قال (علي و فاطمة و ابناهما عليهم السلام، و قالها ثلاثا). ورد في مستدرك الصحيحين أن الإمام علي بن الحسين عليه السّلام قال: عند استشهاد أمير المؤمنين الإمام علي عليه السّلام، وقف الحسن بن علي عليه السّلام يخطب في الناس، و كان ممّا قال: إنا من أهل البيت الذين افترض اللّه مودتهم على كلّ مسلم، فقال تبارك و تعالى لنبيّه: "قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً" (الشورى 23) فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت. ينقل العلّامة الطبرسي عن (شواهد التنزيل) للحاكم الحسكاني، الذي هو من المفسّرين و المحدثين المعروفين لأهل السنة، عن أبي أمامة الباهلي أن رسول الإسلام صلّى اللّه عليه و اله و سلّم قال: (إن اللّه خلق الأنبياء من أشجار شتى، و أنا و علي من شجرة واحدة، فأنا أصلها، و علي فرعها، و فاطمة لقاحها، و الحسن و الحسين ثمارها، و أشياعنا أوراقها حتى قال لو أن عبدا عبد اللّه بين الصفا و المروة ألف عام، ثمّ ألف عام، ثمّ ألف عام، حتى يصير كالشن البالي، ثمّ لم يدرك محبتنا كبه اللّه على منخريه في النّار، ثمّ تلا: "قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى" (الشورى 23).
يقول الشيخ جلال الدين الصغير في كتابه عصمة المعصوم: نجد الآية الكريمة: "ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ" (شورى 23) تشخّص وجود امتداد رسالي بعد الرسول صلىاللهعليهوآله،إذ لا يمكن فهم هذه المودة بعيداً عن الهدف الرباني. وغني عن البيان ان الآية ليست في صدد تبيان أحقية كل قربى الرسول صلى الله عليه وآله بهذه المودة، فحيث إنه تحدّث عن زوجات النبي صلى الله عليه وآله بلهجة الحديث عن أي شخص يخطىء ويصيب كما في قوله تعالى: "يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً * وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً * يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاَةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَه" (الاحزاب 30-33) فإنه لا يريد بالمودة هنا كل قربى الرسول صلىاللهعليهوآله رغم ما في زوجات الرسول من قربى قريبة، وذلك لأن المودّة المفروضة هنا تشير إلى عصمة من طولبنا بمودتهم، إذ لا يعقل أن الله الذي يخاطبنا بخاطبين مختلفين في شأن عواطفنا، فينهانا عن موادة الذين حادّوا الله ورسوله حتى لو كانت قرابتهم من أمسّ القرابات كما يتبيّن من قوله تعالى: "لاَ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" (المجادلة 22) بناء على مقتضيات الرسالة، ثم يأمرنا بموادّة جهة اخرى بعيداً عن هذه المقتضيات، وحينما يكون القربى عدلاً للرسالة، فإن كيانهم كامتداد رسالي يكون كياناً ثابتاً لا محالة، ومثل ما وجدنا هذا الامتداد، فإننا نلحظ العصمة هنا تسير معه كصنوان لا يفترقان، فالأمر بالموادّة هنا جاء مطلقاً، وهذا الإطلاق في الأمر المعادل للرسالة أيضاً نجد فيه ما وجدنا في غيره من الآيات من أن الأمر المطلق بالموادّة يعكس حتماً عصمة المطلوب موادّتهم، إذ لا يخلو الأمر من أن يخطىء هؤلاء فيكون أمر القرآن قد تناقض مع الآية التي تنهانا عن موادّة الذين يحادّون الله ورسوله، ولا ريب أن كل خطأ مهما صغر هو محادّة وإن تضاءلت درجتها.
قوله تبارك وتعالى "لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" (البقرة 256) روى القندوزي باسناده عن أنس قال: (نزلت هذه الآية في علي، كان أول من اخلص لله هو محسن اي مؤمن مطيع، فقد استمسك بالعروة الوثقى، هي قول لا اله الاّ الله، والله ما قتل علي بن أبي طالب الاّ عليها). وروى باسناده عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن أميرالمؤمنين عليهم السّلام قال: (العروة الوثقى: المودة لآل محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم). وروى البحراني عن موفق بن أحمد باسناده عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: (قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لعلي عليه السّلام أنت العروة الوثقى).
https://telegram.me/buratha