كان مقدراً للإمام الحسين صلوات الله عليه ان يكون هو القائم من آل محمد صلوات الله عليهم اجمعين ولكن تخلف الامة عن حمل واجباتها وما اصيبت به من امراض الجهل والتواكل والمهادنة وامراض الخوف من الطاغوت وبقية الامراض الاجتماعية التي اجتاحت هذه الامة بحيث جعل الامام الحسين صلوات الله وسلامه عليه بدل ان يكون هو القائم تحول الى الامام الشهيد، بدلاً من ان يكون هو مشروع تحقيق العدل الالهي وتعميمه على كل البشرية تحول الامام الحسين صلوات الله وسلامه عليه الى الشهيد الشاهد على هذه القضية، ولكن مع ان التجربة بسبب تخلف الامة لم تستطع ان توصل الامام الحسين عليه السلام الى مبتغاه لكن ما يمكن لنا ان نتحدث عنه هو ان عدم نجاح الخطة (أ) اذا صح التعبير فان الخطة (ب) نجحت نجاحاً باهراً بحيث اصبحت هي الممهد وهي المحفز وهي المعد الى اي قائمٍ من آل محمد صلوات الله وسلامه عليه وعليهم اجمعين، باعتبار ان الروايات مع انها اشارت الى الامام الخاتم صلوات الله وسلامه عليه بانه هو الذي سيقيم العدل ويقمع الجور وينشر القسط في كل الارض غير انها تركت هامشاً كبيراً الى الامة لكي تتحرك من دون ان تنتظر الامام الخاتم وان ما يمكن لنا ان نلمس في هذه الرواية بان الامور تهيأت في زمن الامام الصادق صلوات الله وسلامه عليه في ان تعاد الكَرَّة لهذا المشروع في ان يقوم غير ان الامة تخلفت ايضاً وتنكبت عن الطريق وبقي الائمة صلوات الله وسلامه عليهم لا يمتلكون من الاعوان لكي يقيموا نظرية العدل الالهي ونظرية التربية الربانية المعدَّة لهذه البشرية، لذلك دُفِعَت هذه المسالة الى الامام الخاتم صلوات الله وسلامه عليه وشاءت نفس ظروف الامة ان تؤدي بالإمام صلوات الله عليه الى ان يغيب لكي لا يُحرج الامة ولكي يعطي المجال لهذه الامة ان تتربى وان تعد نفسها للموعد الذي يفترض ان تقوم به وان تحمل اعباء مسؤوليته وشاءت الاقدار ان عهد الغيبة يمتد الى هذه السنين التي نحيا فيها.
- لكن القدر المتيقن ان الامام الحسين عليه السلام وقضيته لا تنفك ولا بأي شكل من الاشكال عن قضية الامام المهدي صلوات الله وسلامه عليه والعكس صحيح ايضاً، بمعنى ان قضية الامام الحسين عليه السلام بكل ابعادها السياسية الأمنية الاجتماعية المعنوية الفكرية العقائدية الإنسانية بكل اوضاعها هي بشكل تلقائي تُعِّد الى الناهض من اجل القسط والعدل، في اول اعلان للإمام صلوات الله وسلامه عليه من الناحية السياسية هو ما خرجت اشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً هذه العناصر الأربعة اخرجها من برنامجه بشكل كامل وانما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي، لان امة جده معدَّة لكي تنهض بهذا المشروع الالهي العظيم، لكن إن تخلفت هذه الامة فالمشروع لا يتخلف ولا يموت غاية ما هنالك فأن الامة ستتنكّب الطريق الصعب وتتحمل شقاوة انهيارها امام مغريات الدنيا او مخوفات هذه الدنيا، انهارت قيم هذه الامة ورأينا الصورة المريعة التي وجدناها في يوم العاشر وبعد ذلك انهيار القيم الأخلاقية الدينية الاجتماعية بالشكل الذي تحول الناس الى الحالة المادية اكثر من تحولهم الى ان يكونوا اباة وان يكونوا اعزة امام الظالمين وان يعملوا على ايقاف مشروع الظلم، لكن هناك جذوات من هذه الامة استطاع الامام الحسين عليه السلام من خلال ثورته ومن خلال ما انعكس من هذه الثورة هناك جذوات من هذه الامة تحركوا لأسباب متعددة ولكن لا شك ولا ريب اننا وجدنا اسم الحسين عليه السلام يرتبط بشعارات الناهضين ضد قوى الظلم، قد يكون الذين قاموا بهذه الاعمال ايضاً لا ينطلقون من حسابات ربانية لكن القدر المتيقن انهم دقوا اسفين في نعش الظلم فادوا دوراً حتى وان لم يطلبوه وحتى وان لم يسعوا اليه ولكن طبيعة ان تنهش في جسم الطغيان ودولة الظلم هذه الطبيعة بالنتيجة تؤدي الى قوة في واقع القائمين بالعدل او الراغبين في اقامة العدل .. يتبع
https://telegram.me/buratha