الصفحة الإسلامية

عبارة مكررة في آية قرآنية (وما تنفقوا من خير) (ح 1)

127 2025-01-11

الدكتور فاضل حسن شريف

جاء في معاني القرآن الكريم: نفق نفق الشيء: مضى ونفد، ينفق، إما بالبيع نحو: نفق البيع نفاقا، ومنه: نفاق الأيم، ونفق القوم: إذا نفق سوقهم، وإما بالموت نحو: نفقت الدابة نفوقا، وإما بالفناء نحو: نفقت الدراهم تنفق وأنفقتها. والإنفاق قد يكون في المال، وفي غيره، وقد يكون واجبا وتطوعا، قال تعالى: "وأنفقوا في سبيل الله" (البقرة 195)، و "أنفقوا مما رزقناكم" (البقرة 254) وقال: "لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم" (ال عمران 92)، "وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه" (سبأ 39)، "لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح" (الحديد 10) إلى غير ذلك من الآيات. وقوله: "قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذا لأمسكتم خشية الإنفاق" (الاسراء 100) أي: خشية الإقتار، يقال: أنفق فلان: إذا نفق ماله فافتقر، فالإنفاق هنا كالإملاق في قوله: "ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق" (الإسراء 31) والنفقة اسم لما ينفق، قال: "وما أنفقتم من نفقة" (البقرة 270)، "ولا ينفقون ينفقة" (التوبة 121)، والنفق: الطريق النافذ، والسرب في الأرض النافذ فيه. قال: "فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض" (الانعام 35) ومنه: نافقاء اليربوع، وقد نافق اليربوع، ونفق، ومنه: النفاق، وهو الدخول في الشرع من باب والخروج عنه من باب، وعلى ذلك نبه بقوله: "إن المنافقين هم الفاسقون" (التوبة 67) أي: الخارجون من الشرع، وجعل الله المنافقين شرا من الكافرين. فقال: "إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار" (النساء 145) ونيفق السراويل معروف (نيفق السراويل هو الموضع المتسع منه. وهو فارسي معرب. اللسان (نفق)).

 

عن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تعالى "لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَـٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ۗ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنفُسِكُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ" ﴿البقرة 272﴾ "ليس عليك هداهم" قيل في وجه اتصاله بما قبله وجوه (أحدها) أن معناه ليس عليك هداهم بمنع الصدقة عنهم لتحملهم به على الإيمان وهو نظير قوله "أ فأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين" عن ابن عباس وسعيد بن جبير وعلى هذا شئت فيكون للتعميم والأول أولى ومما جاء في الحديث في صدقة السر قوله صدقة السر يكون معناه الإباحة للتصدق عليهم بصدقة التطوع (وثانيها) أن معناه ليس عليك هداهم بالحمل على النفقة في وجوه البر وسبل الخير عن الحسن وأبي علي الجبائي وتقديره ليس عليك أن تهدي الناس إلى نيل الثواب والجنة وإنما عليك أن تهديهم إلى الإيمان بأن تدلهم عليه وهذا تسلية للنبي لأنه كان يغتم بترك قبولهم منه وامتناعهم عن الإيمان لعلمه بما يؤول إليه أمرهم من العقاب الدائم فسلاه الله تعالى بهذا القول (وثالثها) أن المراد ليس عليك أن تهدي الناس بعد أن دعوتهم وأنذرتهم وبلغتهم ما أمرت بتبليغه ونظيره إن عليك إلا البلاغ وليس المعنى ليس عليك أن تهديهم إلى الإيمان والطاعة لأنه ما بعث إلا لذلك. "ولكن الله يهدي من يشاء" إنما علق الهداية بالمشيئة لمن كان المعلوم منه أنه يصلح باللطف أي بلطف الله بزيادة الهدى والتوفيق لمن يشاء عن الزجاج وأبي القاسم البلخي وأكثر أهل العلم وقيل معناه يهدي إلى طريق الجنة عن الجبائي. "وما تنفقوا من خير فلأنفسكم" أي ما تنفقوا في وجوه البر من مال فلأنفسكم ثوابه والغرض فيه الترغيب في الإنفاق لأن الإنسان إذا علم أن منفعة إنفاقه عائدة إليه مختصة به كان أسمح بالإنفاق وأرغب فيه وأحرص عليه وبذلك يفارق عطية الله لأن المنفعة في عطائه عائدة إلى المعطي ومختصة به دون الله ومعظم المنفعة في عطية العبد ترجع إليه وتختص به دون المعطى "وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله" أي إلا طلب رضوان الله وهذا إخبار من الله عن صفة إنفاق المؤمنين المخلصين المستجيبين لله ولرسوله أنهم لا ينفقون ما ينفقونه إلا طلبا لرضاء الله تعالى وقيل أن معناه النهي وإن كان ظاهره الخبر أي ولا تنفقوا إلا ابتغاء مرضاة الله وفي ذكر الوجه هنا قولان (أحدهما) أن المراد به تحقيق الإضافة لأن ذكر الوجه يرفع الإبهام أنه له ولغيره وذلك أنك لما ذكرت الوجه ومعناه النفس دل على أنك تصرف الوهم عن الاشتراك إلى تحقيق الاختصاص وكنت بذلك محققا للإضافة ومزيلا لإيهام الشركة. (والثاني) أنك إذا قلت فعلته لوجه زيد كان أشرف في الذكر من فعلته له لأن وجه الشيء في الأصل أشرف ما فيه ثم كثر حتى صار يدل على شرف الذكر من غير تحقيق وجه أ لا ترى أنك تقول وجه الرأي ووجه الأمر ووجه الدليل فلا تريد تحقيق الوجه وإنما تريد أشرف ما فيه من جهة شدة ظهوره وحسن بيانه. "وما تنفقوا من خير يوف إليكم" أي يوفر عليكم جزاؤه وثوابه والتوفية إكمال الشيء وإنما حسن إليكم مع التوفية لأنها تضمنت معنى التأدية وقيل معناه تعطون جزاءه وافرا وافيا في الآخرة عن ابن عباس "وأنتم لا تظلمون" بمنع ثوابه ولا بنقصان جزائه كقوله آتت أكلها ولم تظلم منه شيئا أي لم تنقص.

 

جاء في تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قوله تعالى "لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَـٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ " وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنفُسِكُمْ " وَمَا تُنفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ " وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ" (البقرة 272) ولما منع صلى الله عليه وسلم من التصدق على المشركين ليسلموا نزل: "ليس عليك هداهم" أي الناس إلى الدخول في الإسلام إنما عليك البلاغ، "ولكن الله يهدي من يشاء" هدايته إلى الدخول فيه، "وما تنفقوا من خير" مال "فلأنفسكم" لأن ثوابه لها، "وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله" أي ثوابه لاغيره من أعراض الدنيا خبر بمعنى النهي، "وما تنفقوا من خير يوفَّ إليكم" جزاؤه، "وأنتم لا تُظلمون" تنقصون منه شيئاً والجملتان تأكيد للأولى.

 

عن موقع مع الله أسلوب التكرار في القرآن الكريم: 1- مفهوم التكرار: هو تكرار كلمة أو جملة أكثر من مرة لأغَراض متعددة كالتوكيد، والتهويل، والتعظيم، وغيرها. 2- أنواع التكرار في القرآن الكريم قسَّم التكرار الوارد في القرآن الكريم إلى نوعين: أولا: تكرار اللفظ والمعنى وهو ما تكرر فيه اللفظ دون اختلاف في المعنى وقد جاء على وجهين: موصول، ومفصول. 1- أما الموصول فقد جاء على وجوه متعددة: أ- إما تكرار كلمات في سياق الآية قال الله تعالى: "هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ" (المؤمنون 36) ب – وإما في آخر الآية وأول التي بعدها قال الله تعالى: "وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا. قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً" (الإنسان 15 – 16) ج – وإما في أواخرها: قال الله تعالى: "كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكّاً دَكّاً" (الفجر 21) د- وإما تكرر الآية بعد الآية مباشرة قال الله تعالى: "فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً" (الشرح 5- 6) 2- وأما المفصول فيأتي على صورتين إما تكرار في السورة نفسها، وإما تكرار في القرآن كله. أ- التكرار في السورة نفسها قال الله تعالى: "وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ" (الشعراء 9) تكرر في سورة الشعراء 8 مرات قال الله تعالى: "وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ" (المرسلات 15) تكرر في سورة المرسلات 10 مرات قال الله تعالى: "فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ" (الرحمن 13) تكرر في سورة الرحمن 31 مرة. ب – التكرار في القرآن كله قال الله تعالى: "وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ" تكرر 6 مرات: في يونس (48) و الأنبياء (38) و النمل (71) و سبأ (29) و يس (48) و الملك (25). قال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ" تكرر مرتين في التوبة (73) و التحريم (9). ثانيا: التكرار في المعنى دون اللفظ وذلك مثل قصص الأنبياء مع أقوامهم، وذِكر الجنة ونعيمها، والنار وجحيمها.

 

قال الله تعالى "لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ" (ال عمران 92)، وفي تفسير اخر حب الله تعالى. وأفضل الاطعام للمسكين واليتيم والأسير "مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيرا" (الإنسان 8) والأسير يشمل الكافر والمشرك حيث ان الاية تشير الى الاسرى الكفار والمشركين. ولم يكن في زمن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم سجن لسجن الاسرى، وإنما المسلمون يحتفظون بهم ويحسنون اليهم ومن ذلك اطعامهم. لذلك فان إطعام المسلمين وغير المسلمين من صفات الأبرار كما جاء في الحديث الشريف (استوصوا بالأسرى خيراً وكان أحدهم يؤثر أسيره بطعامه). من صفات الابرار قوله تعالى "اِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَآءً وَلاَ شُكُوراً" (الانسان 9) اي ان نية العمل لوجه الله وليس رياءا او لغرض مالي قال الله عز وعلا "وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ" (البقرة 272) قال الرسول محمد صلى الله عليه واله وسلم (لا عمل إلاّ بالنيّة وإنّما الأعمال بالنيات).

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك