التبليغ مهمة الرسل و الأنبياء والأئمة صلوات الله عليهم أجمعين إذا يقول الله سبحانه وتعالى ( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فأعلموا انما على رسولنا البلاغُ المبين )(سورة المائدة آية 92) وقال سبحانه وتعالى ( وما على الرسول إلا البلاغُ والله يعلم ما تبدون وما تكتمون )( سورة المائدة آية 99) ، والتبليغ وسيلة لتعريف الناس بالحقيقة ، وهذه المهمة ليست سهلة بل هي صعبة للغاية ، لأن عملية إيصال الحقيقة للناس وتعريفهم بها ومن ثم إقناعهم تحتاج الى عوامل كثيرة حتى تصبح كلمات المُبَلغ مؤثرة في المجتمع ، لأن المجتمع البشري يتكون من عقول مختلفة ومستويات علمية متباينة وخلفيات فكرية غير متشابهة ، وهذا المجتمع تحيطه وتتوغل فيه مكائد الشيطان وألاعيبه ودسائسه الذي ينفذها جيش كامل من شياطين الإنس والجن لإغواء الإنسان وسحبه من طريق الهدى والصلاح ودفعه الى طريق الباطل والضلال الذي نتيجته التعاسة في الدنيا والنيران في الآخرة ، لذا أن يمتاز المبلغ بصفات كثيرة حتى يجابه هذه الجبهة القوية في أسلحتها والخبيثة في افعالها وحركاتها ويؤثر في المجتمع ويجذبه منها وينتصر عليها ، ومن يريد من الُمبَلغين ان يؤثر في المجتمع ويغيره الى الأصلح فعليه أن يتخذ من أهل البيت عليهم السلام قادة وقدوة يقتدي بهم في أخلاقه وأعماله وملبسه وكلامه ، حتى يصبح صورة مصغرة عنهم عندما يكون كلامه الذي يطرحه الى الناس مطابقاً لأفعاله وأخلاقه الصورة المصغرة الحاكية عن أخلاقهم سلام الله عليهم من تواضع وسماحة وحلم وكرم وغيرها من أخلاق أهل البيت عليهم السلام ، ويجهد نفسه في تلقي العلم والبحث في المسائل التي يبتلي بها المجتمع ويجد الحلول الشافية لها من خلال علوم أهل البيت عليهم السلام ، وطرح المواضيع التي يحتاج لها الناس ويبحثها بصورة سلسة وسهلة ترافقها الأدلة العقلية والنقلية التي يفهمها المستمع بصورة واضحة وجلية حتى يصل الى النتيجة المطلوبة من البحث ، يجهد نفسه في تعلم مختلف العلوم حتى يصبح ذو ثقافة تجعله قادر على مناقشة مختلف القضايا التي يعاني منها المجتمع إن كانت دينية او تاريخية او سياسية او اخلاقية أو اقتصادية وغيرها من المواضيع ، التأكيد على المنهج القرآني في حل مشاكل المجتمع مع طرح الآيات القرآنية كأدلة لهذه الحلول ، التأكيد على سيرة اهل البيت عليهم السلام وجعلها المقياس لعمل كل فرد مع التشديد في نقل صحة رواياتهم حتى وان تطلب الأمر قراءتها من خلال ورقة او كتاب ، التقييد بوقت المحاضرة وتحضير المحاضرة أو البحث على الوقت المتفق عليه حتى تعطي درساً للحاضرين على أهمية الوقت وخطورته بالنسبة الى حياة المؤمن ، طريقة التحدث واختلاف نبرات الصوت خلال المحاضرة الواحدة اعتمادا على خطورة الجملة أو العبارة الملقاة او أختلاف أوقات المحاضرة او البحث( البداية – والوسط – قرب نهاية البحث) ، حركات المحاضر يجب ان تتفاعل مع كلمات البحث وجمله بالإضافة الى نظراته التي يوزعها على جميع الحاضرين بصورة متساوية وعادلة ، البحوث التي تلقى جميعها تصب في مصلحة المذهب والموالين ولا تتذبذب مع المصالح الشخصية ، وهناك الكثير من الصفات التي إذا أمتاز بها المبلغ سوف يكون مؤثراً في المجتمع ويكون الواسطة الحقيقية في نقل الحقيقة الى الناس ، هذه الصفات التي ذكرناها أعلاه كانت السمة الواضحة لشخصية ومحاضرات السيد محمد رضا الشيرازي ، الذي ابدع بفن التبليغ وجعله الوسيلة التي يتهاوى الناس أليها بشكل عفوي ، لأنهم وجدوا ضالتهم فيه مثل المريض الذي يبحث عن الطبيب الماهر فيجده فهل يدع دواءه بل يواظب عليه لحظة بلحظة لأنه الأداة الى شفاءه من ألأمراض والعلل ، لقد أعطى السيد محمد رضا الشيرازي نكهة خاصة للتبليغ والمحاضرات حتى اصبحت محاضراته تجمع المحب والمعادي لأنه أسر قلوبهم بكلامه الصادق الذي يخرج من القلب بأسلوب سهل ومرفق بالأدلة والابتسامة الموالي الصادق لأهل البيت عليهم السلام ، خلال فترة قليلة جداً أكتسح الفضائيات والشارع وأصبحت محاضراته تشد القلوب والأرواح ومحط حديث الناس ، حتى اصبح اسمه تتناقله الألسن في مختلف الأماكن كأفضل دليل على صحة الرأي والموقف والمنهج ، السيد محمد رضا الشيرازي تجربة فريدة يجب ان تدرس بل تصبح قدوة لكل مُبّلغ يريد ان يصبح مؤثراً في المجتمع ، بل يجب أن يكون يوم السادس والعشرون من جمادي الأول من كل عام يوماً للمبلغ المؤثر في المجتمع ، في هذا اليوم تقدم فيه البحوث والمحاضرات التي تدرس تجربة السيد محمد رضا الشيرازي في التبليغ او تبحث المواضيع التي يبتلى بها المجتمع وطرحها بطريقة وأسلوب السيد محمد رضا الشيرازي الذي أتقن فن التبليغ بعد أن ذاب في أخلاق وسيرة اهل البيت عليهم السلام .
لقد تركنا السيد محمد رضا الشيرازي وذهب ان شاء الله الى جنان ربه بعد هذا المجهود الكبير الذي طرحه للأمة ولكن أثار محاضراته وأخلاقه نعيشها يومياً ونسير على نصائحه وإرشاداته التي مهما تكررت فأن اسماعنا تتلقاها كأنها لأول مرة تسمعها ، فما أحوج الأمة اليوم لأمثاله من العلماء والمبلغين الذين يقربوننا الى أهل البيت عليهم السلام قولاً وفعلاً وصورةً .
خضير العواد
https://telegram.me/buratha

