قاسم العجرش qasim_200@yahoo.com
يزدري العلمانيون العرب؛ المتدينيين من أبناء جلدتهم، وتحديدا المسلمين منهم، ويصفونهم بأنهم متشبثين بشرائع غابرة، ويتحدثون بعلن فج، عن أن تلك الشرائع؛ لا تصلح لبناء أنظمة الحكم المعاصرة، وأنها تنتهك حقوق الإنسان، وفي مقدمتها حرية المعتقد.
هذا الإزدراء يصاحبه تثقيف واسع، على أن العلمانية وما يسمى بالمدنية؛ هي الأصل والقاعدة، وأن لا مكان في الحياة العامة للدين الإسلامي، أو للمثقفين المسلمين؛ إلا إذا أذعنوا لمنطقهم وقوانينهم.
محصلة هذا طرح، أن تَغَرب العلمانيين العرب وتطرفوا بإعتقاداتهم، وكاد مفهومي العلمانية والمدنية، أن يتحولا الى دين جديد، ما أدى الى إزدياد حدة التنافر في المجتمعات العربية.
من المفيد هنا أن نشير الى أن المنطقة العربية، كانت خاضعة الى إحتلالات متعددة، إبتداءا من الإحتلال العثماني وما تلاه من إحتلالات غربية، بريطانية وفرنسية في معظمها، وحينما نالت بلدان المنطقة إستقلالها، شغلت الأقلية العلمانية الساحة؛ وهي المتنفّذة في دهاليز السياسة والإدارة والإعلام، إذ أن العلمانيين هم الذين حكموا جميع الدول، التي تشكلت بعد الأستقلال، لكنها ما شهدت حرية ولا عدلا، ولا احترامًا لحقوق الإنسان، ولا نهضة ولا ازدهارًا اقتصاديًا، تحت حكم العلمانيين قط.
المثير في هذا الصدد؛ أن العلمانيين عندما يواجهون هذه الحقيقة، يرمون الكرة في ساحة الأنظمة العسكرية، مبرئين أنفسهم من إنتماء العسكر الى العلمانية، بل ويحملون الإسلاميين مسؤولية التردي، متهميهم بموالاة الأنظمة العسكرية..!
التغييرات المتسارعة في المنطقة، والتي أطاحت بالأنظمة الأستبدادية، جرت وفقا لقواعد يرتضيها ويقدسها العلمانيون والمدنيون، فقد تم الإحتكام في العراق ومصر، الى آليات الديمقراطية، وتكرّر المشهد في تونس والمغرب وليبيا، وأفرزت صناديق الإقتراع، فوزا كاسحًا للإسلاميين كما كان متوقّعًا، واستبشر الرأي العام بذلك، وبات ذلك ظاهرة طبيعية، يُنتظر اكتساحها لباقي الدول، كلّما عبّرت الشعوب عن رأيها، بحرية في أجواء النزاهة والشفافية.
لكن هذه التغيرات؛ كشفت الوجه الحقيقي للعلمانيين وأتباع دين المدنية، فقد ذرت الرياح شعاراتهم التي بدت جوفاء،وتبيّن من مواقفهم وسلوكهم، أنّهم لم يعودوا يعادون الإسلاميين فحسب، بل جاهروا بمعاداة الديمقراطية ذاتها، ليس لأنها سيئة، ولكن لأنها عكست صورتهم الحقيقية القبيحة.
بمسلسل سيء الإخراج، فإنهم يتحدثون عن إنهم يخافون على الديمقراطية، من أن تتحول البلاد إلى دولة دينية، ولكن لو تحولت الديمقراطية؛ إلى دكتاتورية لهم أو تخدمهم، فسيعدون ذلك تحررا وديمقراطية، لأن الديمقراطية لديهم تعني دكتاتورية الأقلية.
في العراق قام العلمانيون ودعاة المدنية، وفي مقدمتهم الشيوعيين العراقيين، بمظاهراتهم الرداحة، بتكسير المرآة التي رأوا فيها ولأول مرة، صورتهم على حقيقتها، زيفا وتزييفا كما دأبوا منذ عقود.
هذه الأيام تهاجم نخب العلمانيين وأتباع دين المدنية الشعب، فهم يصمون الشعب بالغباء وعدم بلوغ الرشد!
ثمة موضوع مفتوح للنقاش؛ وهو أن العراق تعرض الى هجمة شرسة، إستهدفت وجوده كرامته وسيادته، ويخوض العراقيون معارك التحرير وطرد الدواعش، والثقل الأكبر في تلك المعارك يحمله الإسلاميين.
كلام قبل السلام: لم نسمع أو نشاهد عن علماني او مدني أو شيوعي واحد، قد أستشهد في تلك المعارك، ولو حصل وأن قدموا لنا نموذجا واحدا فقط، لخرجت من تشيعي وأعلنت نفسي شيوعي!