تمر هذا اليوم الذكرى السنوية الثالثة لسقوط نظام الجور و الطغيان الذي فرض حكما فرديا دكتاتوريا، حكم بالحديد و النار ونشر المقابر الجماعية و حجب الحريات و أدى الى تبديد موارد البلاد و تكبيلها بديون و أعباء باهظة و جعلها في عزلة دولية خانقة. ونحتفل اليوم بسقوط نظام جائر جاهد شعبنا سنينا طوالا من اجل تقويضه و قدم الضحايا الجسام من الثائرين ضد النظام و الرافضين للخنوع و الاستكانة. و تمر هذه الأيام ذكرى استشهاد المرجع الكبير والمفكر محمد باقر الصدر الذي كان بفكره النيّر و نضاله الباسل واحدا من قادة الكفاح لإسقاط الطغيان، و ساهم مع كوكبة من خيرة رجال العراق، شيعة و سنة و مسيحيين، عربا و كردا و تركمان و كلدو آشوريين في التصدي للطغاة.أي ان التدخل الأجنبي جاء على أرضية نضال شعبي طويل و مرير تكلل بانهيار كابوس الدكتاتورية المقيت و الشروع في بناء العراق الحر الديمقراطي التعددي الاتحادي. و كانت القوى السياسية العراقية قد أعربت قبل تدخل القوات الأجنبية و أثنائه و بعده رفضها الاحتلال و مطالبتها باستعادة السيادة، إلا ان الاحتلال فرض بقرار من مجلس الأمن صدر بإجماع دولي شاركت فيه الأطراف الممثلة للدول العربية في المجلس، كما ان دخول القوات الأجنبية كان في سياق تدويل الوضع العراقي الذي بدأ عمليا في اتفاق خيمة صفوان و ما تلاه من قرارات. و بناء على إصرار من الجانب العراقي ربط القرار المتعلق بالوجود الأجنبي بموافقة العراق جينذاك مما يجعل نظام صدام المسؤول عن كل التداعيات، و قد عملنا جميعا على تقليص ذلك الوجود و ربطناه بتطور و انجاز العملية السياسية. ان عراقا جديدا فعلا بدأ بناؤه بعد التاسع من نيسان عام 2003 فقد مارست الأحزاب نشاطها العلني لأول مرة و في العراق الآن إعلام يمارس بحرية و بدون رقابة دوره كسلطة رابعة و دون سابق مثيل في تاريخ المنطقة جرى استفتاء عام على دستور وضعه نواب منتخبون و أخيرا جرت انتخابات مجلس النواب الدائم. و قد تحقق ذلك كله في ظروف بالغة الصعوبة حيث تتواصل العمليات الإرهابية التي غالبا ما تتم بتغاضي أو حتى بتشجيع و تواطؤ من أطراف خارجية، و قبل استكمال بناء قواتنا المسلحة. و يتصدى شعبنا لمحاولات زارعي الفتن الذين يحاولون تأجيج نيران حرب أهلية، إلا انهم يواجهون على الدوام بتصميم الشعب العراقي على صيانة وحدته الوطنية و تعزيزها و تفويت الفرصة على مثيري الفتن. و نحن على يقين من ان لحمة الشعب العراقي سوف تتعزز بتشكيل حكومة وحدة وطنية متفتحة على جميع مكونات الشعب العراقي. و نحن في هذا السياق نؤكد مجددا ان العملية السياسية المتواصلة و المتسعة باستمرار مفتوحة للجميع باستثناء التكفيريين و الصداميين و إننا ندعو الجماعات المسلحة التي تتمسك بمفاهيم المقاومة للانضمام الى العملية السياسية لكي تصبح جزءا من الوفاق الوطني الذي كرسته الانتخابات الأخيرة التي شارك فيها بعض من مؤيدي جماعات تحمل السلاح. و لا شك ان الوفاق هو واحد من أهم أسس استعادة السيادة الناجزة و إنهاء الوجود الأجنبي في بلادنا، و هو ايضا ركيزة مهمة لإعادة بناء مؤسسسات الدولة و بخاصة القوات المسلحة و زيادة كفاءتها لكي يتسنى لها انجاز مهامها في حماية حدود الوطن وضمان الأمن. اننا في هذا اليوم اذ نهنئ الشعب العراقي بسقوط نظام الطغيان و انفتاح آفاق الحرية و الديمقراطية، ندرك مدى التضحيات التي يقدمها و حجم المعاناة التي يواجهها و نحن على ثقة من ان شعبنا سوف يتمكن من تجاوز المحن و تخطي الصعاب بتصديه لمحاولات إثارة الفتنة و تأجيج الصراعات الأهلية و بطموح أبنائه لتعزيز الوحدة الوطنية و بناء مجتمع رافض لكل مظاهر التطرف و التفرقة. لقد أنهى التاسع من نيسان عام 2003 نظام الطغيان و مهّد لمسيرة العراق على درب طويل قد تحفه المصاعب لكنه لابد أن يفضي الى تحقيق الوئام الوطني و الاستقرار و بناء دولة التعددية الاتحادية التي تكفل الديمقراطية و الحرية لجميع أبناء الشعب أيا كانت انتماءاتهم القومية و الدينية و المذهبية و السياسية ويعم الازدهار الاقتصادي والاستتباب الأمني
المكتب الصحفي لرئاسة الوزراء
https://telegram.me/buratha