كانت العتبة الحسينية المقدسة قديماً تحتوي على ثلاث ساعات متشابهة الأولى موجودة عند باب الرأس الشريف والثانية عند الباب التي تقابل منطقة ما بين الحرمين الشريفين، وقد تم تهديم هاتين الساعتين بعد سلسلة العمران التي جرت على العتبة المقدسة، ولم تبق إلا الساعة الثالثة والتي تقع فوق باب القبلة للمرقد الشريف، ويعود برج هذه الساعة لأكثر من مئة سنة وكان يحوي على الساعة القديمة، أما الساعة فهي عبارة عن صندوق من الخشب بمساحة (4م) يحوي في داخله آلة الساعة الألمانية الصنع وذات الهيكل والعتلات الفولاذية القوية، وقد جلبها متبرعون قبل أكثر من أربعين سنة ووضعوها داخل البرج الموجود حالياً.
ونتيجة لأهمية الساعة في تحديد الوقت للساكنين القريبين من المرقد الشريف وكذلك زائري كربلاء المقدسة، فقد تمّ صنع هذه الساعة بأربع جهات جميعها متصلة بمحرك واحد عن طريق ناقل حركة مركزي مسنن الشكل، وعن آلية عملها والتغيرات التي طرأت عليها خلال السنوات الأخيرة يحدثنا الساعاتي الحاج (مرتضى العامري) المشرف على ساعة باب قبلة الإمام الحسين في تصريحه لموقع نون ً: "لم تبق من الساعات الثلاث التي كانت موجودة في العتبة الحسينية غير ساعة باب القبلة، وهذه الساعة ليست هي القديمة نفسها وإنما تمّ خزنها في المخازن التابعة للعتبة المقدسة واستبدلت قبل حوالي أربعين سنة بهذه الموجودة حالياً وهي ألمانية الصنع مع بعض التغييرات التي طرأت على المحرك، وكانت آلية عمل الساعة السابقة على الأثقال وهي عدد ثلاثة ترفع يدوياً وتؤدي عملها برجوعها إلى الأسفل مرة أخرى وستغرق ذلك أربع وعشرين ساعة وتعاد هذه العملية في اليوم التالي، أما حالياً فالآلة الموجودة تعمل على رفع الأثقال أيضاً ولكن عن طريق محرك كهربائي يعمل على رفع الأثقال وينقطع أوتوماتيكيا ومن ثم تؤدي الآلة عملها الطبيعي، علماً إن هذه الأثقال هي ثلاثة كما قلنا واحد منها يعمل خاص بتحريك عقارب الساعة واثنان تختصان بما يسمى بـ(البگبن) أو دقات الجرس الموضوع في أعلى برج الساعة وهو دقيق جداًُ ويدق وفق توقيت الساعة.
ويضيف، "كانت ساعة باب القبلة في زمن النظام السابق مهملة كأي شيء آخر في العتبة المقدسة وكانت غير منضبطة بالعمل، وبعد استلامي لمهمة الإشراف عليها، قمت باستبدال بعض أجزاء الآلة وإصلاحها لتؤدي عملها بالشكل الطبيعي، وبالنسبة لأسطوانات الساعة الأربعة فقد تأثرت بإطلاق الرصاص عليها في أحداث الانتفاضية الشعبانية وكذلك في أحداث عام 2006 الأخيرة، مما اضطررنا إلى استبدالها بأخرى جديدة قطر الواحدة (1.5م) ومصنوعة من الألمنيوم والبلاستك المتين ومطلية بالألوان البراقة التي تشع في الظلام، وقد تبرع بهذه الأجزاء أحد المؤمنين من محافظة البصرة".
ويتابع، "يتأثر عمل الساعة بالأتربة ولذلك تتطلب النظافة الدائمة وتزييت المحرك بالزيت لضمان استمرارية العمل وعدم الإجهاد عليه، وهي بحاجة إلى الصيانة المستمرة واستبدال أجزائها، ولكن وبالرغم من قدمها إلا أنها ذات متانة عالية ولا يضاهيها نوع آخر من الساعات رغم التطور الحاصل في هذا المجال".
وعن المقترحات الجديدة لتطوير عمل ساعة باب القبلة يشير الحاج مرتضى إلى إن "حالة العمران التي حصلت بجوار العتبة الحسينية وكذلك تسقيف الصحن الحسيني الشريف قد غطى بعضاً من معالم البرج وثلاث جهات من الساعة، ونتمنى خلال المرحلة المقبلة من زيادة ارتفاع برج الساعة لكي تكون واضحة أمام الجميع وتستمر في عملها بالصورة المطلوبة، وقد أجرينا دراسة على عملية التطوير وتبين إمكانية رفع البرج مع صندوق الساعة".
ويختتم الحاج مرتضى حديثه، "تمثل هذه الساعة واجهة جميلة لقبلة المرقد الحسيني الشريف، والبرج والساعة يمثلان رغم كل ذلك معلماً تاريخياً لا يزال يحافظ على هويته وجماليته وإن أهمية هذه الساعة تتمثل في تحديد الوقت وأهميته بالنسبة لأوقات الصلاة، وألاحظ بصورة مستمرة اعتماد الكثير من الزائرين على الساعة ومعرفة الوقت منها وهذا يشكل بصورة أساسية بقاء هذه الساعة على أداء عملها بصورة مستمرة، خاصة وإن صوت دقات الأجراس تصل إلى مسافات يمكن للساكن القريب أن يعرف الوقت".
موقع نون خاص
تقرير: علي الجبوري
https://telegram.me/buratha
